الاثنين، 15 أكتوبر 2012

عنوان المشاركة




 خلط الوهم بالحقيقة حول سقوط السلطنتينرواية لشاهد عيان عاصر وقائع الاحداث في 17 سبتمبر 1967 بالمكلا ، و2 أكتوبر 1967م في سيئون10/14/2012   المكلا اليوم / كتب: *حسين صالح بن سلمان








لا ينبغي خلط الوهم بالحقيقة ، فمن رواية شاهد عيان ،عاش وقائع الأحداث التي جرت  في 17 سبتمبر  1967م ،و2 أكتوبر 1967م حين أسقطت سلطنتي القعيطي في المكلا والكثيري في سيئون بيد ثوار الجبهة القومية حينذاك تكمن الحقيقة ،والوهم  يصور أن قوماً قاموا بهذا الدور من خارج حضرموت ليتسنى لهم السيطرة علينا ونصبح لهم مستعمرين وهذه نظرية المؤامرة 

لأن الواقع أو الحقيقة خلاف هذا كما هو مبين في مصادر موثوقة  عند من عاش وعاصر هذه المرحلة التي تروي قصة السقوط  بأيدي حضرمية من مختلف شرائح ومكونات المجتمع الحضرمي ،و بصرف النظر عن الطريقة والأسلوب  الذي أتبعته الجبهة القومية  لإسقاط السلطنات وتولي الحكم بعد ذلك وماشابهه من سلبيات في مراحل مختلفة لسنا بصدد خوض غمارها ، فما يهمنا هو التاريخ أولاً وشفافية المعلومات ،من أجل ترشيد الخطاب السياسي ليكون واقعياً في المقام الأول دون الغلو وتزييف الواقع للأجيال التي لم تشهد ذلك  . فالوقائع والشواهد تدل على أن  هولاء الثوار حضارمة نختلف معهم أو نتفق ،المهم  أنهم ليسوا من الضالع أو أبين أو يافع أوغيرها من ساحات الجنوب كما صوره البعض .
  فالمقدمات التي  سبقت سبتمبر 1967م:
 بصورة مباشرة ولها علاقة في تسريع الأحداث  لعلها  تلك الرسالة  التي وجهت في ديسمبر 1966م من المندوب السياسي البريطاني في عدن  السير "تريفليان " إلى السلطان غالب بن عوض القعيطي يخبره فيها بقرار الحكومة البريطانية القاضي بإلغاء المعاهدات والاتفاقيات الموقعة مع السلطان القعيطي في أول مايو  من عام 1888 ومعاهدة أغسطس 1937م  أيضا .
وعلى ضوء هذا القرار تتخلى بريطانيا عن حماية السلطنتين القعيطية والكثيرية التي ظلتا لقرون خلت تحت الحماية والوصاية والانتداب البريطاني الذي كان يحتل مدينة عدن منذ 19 يناير عام 1839م  .  
وخلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 1967م ضاعفت قوى الثورة والتحرير في حضرموت والجنوب العربي معاً من نشاطها السياسي والعسكري الفدائي بالقيام بعدة مظاهرات وعمليات عسكرية  استهدفت المصالح البريطانية وأعوانهما في حضرموت كما هو في بعض المصادر والمراجع عن هذه الفترة .
نذكر منها  مظاهرة  في مدينة المكلا في 16 يناير 1967م  وعمليات إلقاء القنابل على بعض المواقع والمصالح البريطانية في حضرموت  بقيادة "عبد الرحيم عتيق" الذي كان يتولى مسؤولية القطاع الفدائي في حضرموت . 
ومع تطور الأحداث وسقوط بعض مناطق المحمية الغربية في أيدي ثوار الجبهة القومية ،اتخذت القيادة العامة للجبهة القومية في حضرموت قرار إسقاط المنطقة الشرقية أو المحمية الشرقية ،وعلى إثر ذلك قاد  "خالد باراس" القائد العسكري  للجبهة القومية بحضرموت  مجموعة عسكرية  تم بواسطتها الإستلاء على  منطقة حجر بن دغار  وذلك في 15 سبتمبر 1967م ، وبعدها تم الزحف أو التحرك من ميفع  حجر إلى بروم  غربي مدينة المكلا ،ثم أخذت الأمور تسير بعد ذلك نحو اتجاه واحد وهو السيطرة على المكلا عاصمة السلطنة القعيطية بمساعدة بعض من  القادة العسكريين للسلطنة أو بتواطأ  آخرين كانوا على صلة بالجبهة القومية من أعوان السلطان وحاشيتة ، فتحول ولاءهم للسلاطين  إلى موالاة ثوار الجبهة القومية وربما أنظموا إلى صفوفهم  كما تذكر بعض المصادر ، من ذلك  مثلاً قائد الجيش النظامي  "أحمد عبد الله اليزيدي "، ومن جيش البادية الحضرمي  "سالم عمر الجوهي " ومساعده "حسين المنهالي".
  وفي  17 سبتمبر  1967م أعلن عن سقوط مدينة المكلا عاصمة  السلطنة القعيطية  ومدن الساحل الحضرمي بانتقال سلمي سلس  لم  ترق فيه  نقطة دم واحدة ؛ومن الرموز الوطنية الحضرمية التي ساهمت في هذا الإنجاز كما هو مدون في بعض الوثائق عن تلك الفترة ( سالم علي الكندي الذي تولى مسؤلية المحافظة أو محافظاً لها  فيما بعد وعبد الرحيم عبد الصادق وصلاح مرسال ،وصلاح بن هشان ،وسعد سالم فرج ،وصالح منصر السيلي ،وعبد الله عبد الكريم الملاحي ،ومحمد بن إسحاق وعبد الله المحمدي ، ومحمد سعيد باغزال ،وعبد الله صالح البار .)
وبعدها أصبح الطريق سهلاً الإستلاء على سلطنة المهرة و مدن الوادي ومن ثم عاصمة السلطنة الكثيرية بسيئون .
 واتخذت قيادة الجبهة القومية من منطقة "حورة " نقطة الانطلاق نحو شرق الوادي وغربه فتجمع ثوار الجبهة القومية بأسلحتهم الخفيفة ومدفع واحد فقط وتوجهوا نحو دوعن والقطن  وشبام التي استوقفوا فيها بغية إنهاء  حوار يجريه رفاقهم في منطقة الكثيري  مع آل كثير، يهدف للاستيلاء على  السلطنة بشكل سلمي كما جرى في منطقة القعيطي .
 وهذا ماحدث فعلاً فقد وصل "فيصل العطاس" النعيري أحد قادة الجبهة القومية القيادة العامة  إلى سيئون  وتولى بنفسه  قيادة مجاميع كانت قد توجهت لمحاصرة مدينة سيئون عاصمة السلطنة الكثيرية والتفاوض مع آل كثير للتسليم ،وكانت قوات ثوار الجبهة القومية قد أخذت طريقها إلى الشرق من مدينة شبام مروراً بمنطقة حوطة أحمد بن زين والغرفة  وتريس، والحصون الكثيرية كلها التي تثع  في غرب العاصمة سيئون، دون أن يعترض طريقها  أحداً، وفي هذا خطوة  ايجابية   عدها بعض الباحثين  في الموضوع سهلت الوصول للعاصمة الكثيرية سيئون التي أحاطوا بها من الغرب والشرق حتى  تقدمت قوات الثوار من جهة تريم وتاربة التي تمركزت فيها من قبل  حيث كان بعضاً من أفراد الجبهة القومية المنتمين  لقبيلة العوامر وبني ظنه وهم حلفاء للسلطنة الكثيرية ، قد شاركوا في التفاوض بين من يمثل الجبهة القومية من جهة والسلطنة الكثيرية من جهة أخرى ، الذي أسفر في الأخير عن التسليم دون أن تسفك أيضاً قطرة دم واحدة وأسهم في ذلك التفاوض ونجاحه  الشخصية الوطنية البارزة  " فيصل بن شملان "رحمه الله وبحسب وثيقة التسليم  فقد مثل الجبهة القومية كلً من فيصل بن شملان  وعباس العيدروس  وصالح سالم الصيعري ،ويحي عبد الرحمن السقاف ،فيما مثل السلطنة الكثيرية عبد الله بن عبد العزيز  سكرتير الدولة الكثيرية  وكمال علي الكثيري  أخو السلطان حسين بن علي الكثيري  المتوفي في المملكة العربية السعودية رحمه الله والمساعد الإداري للسلطنة وصالح بن سلعان  قائد الشرطة العسكرية الكثيرية .
ومنذ الساعة الثانية والنصف من  يوم الثاني من أكتوبر 1967م ،أصبحت سيئون والمناطق التي كانت تابعة للسلطنة الكثيرية تحت سيطرة الجبهة القومية ورفع علمها فوق القصر السلطاني .
وقد شارك في الاستيلاء من الجبهة القومية عدد من قادة الجبهة القومية مدنيين وعسكريين  أصبح البعض منهم مسؤلين تنظيميين وحكوميين في سيئون مثل الأستاذ  سالم محمد تومة والأستاذ  محمود صقران وعلي العامري  وقيس التميمي  وعبد القادر ناصر العامري  وجعفر بن هشان  الحبشي وعباس العيدروس ، وغيرهم من الصف الأول في الجبهة في حضرموت ،وأما على مدن غرب وادي حضرموت  منهم فرج بن سعدون  وسالم محمد جبران  ومحمد احمد شماخ  وعلي الاعوش وسالم ديان ومحمد بامبارك  وبخيت بن سويد وسلطان بن ثابت  وعمر بن مزروع  وآخرون .
وأصبح الكثيرمنهم  في مراحل أعقبت هذه الفترة  قادة ومأمؤرين ومسؤلين في قطاعات مختلفة في مديريات ومراكز وادي حضرموت .  أضف إلى ذلك من تقلد وزارات ومسؤليات ومناصب علياعلى مستوى الجنوب  من الرعيل الأول للثورة.
 هذا نموذج للواقع ،وصورة مؤكدة من تاريخ مضى عليه زمناً طويلاً ، لازال البعض ممن عاشه أحياء يرزقون ،فلما نصور للأجيال التي لم تشهده  أمراً يخالف الواقع متبعين الوهم وهذه هي الحقيقة  . 
حديث الصورة : على متن الباخرة السعودية " فوزية " في ميناء المكلا 17سبتمبر 1967م من اليمين إلى اليسار الأمير عبدالمجيد علي الكثيري ، محمد بن عبيد الله السقاف ، عبدالله سالم باعشن ، السلطان حسين علي الكثيري ، عبدالله بن عاشور ، عبدالله بن سميط ، السلطان غالب بن عوض القعيطي الثاني ، " من أرشيف الدولة القعيطية " 
*باحث في الشأن الحضرمي