الخميس، 10 مايو 2012

مختصر في العدد والإحداد


مختصرفي العِدد والإحِداد

الأول: في عدة الحامل
العدة من آثار الطلاق ويراد بها التربص المحدد شرعاً . والأصل في وجوب العِدة الكتاب والسنة والإجماع أي امرأة حامل من زوج مفارقة لزوجها لطلاق أو فسخ أو موت : , حرة كانت أو امة , أو مسلمة أو كافرة عدتها بوضع الحمل ولو بعد ساعة لقوله تعالى " وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ " [ الطلاق :4 ]
وعن المسور بن مخرمة أن سبيعة الاسلمية رضي الله تعالى عنها : " نفست بعد وفاة زوجها بليال , فجاءت فاستأذنته أن تنكح فإذن لها فنكحت " [رواه البخاري 5319 , مسلم 3/703
الثاني : في عدة من مات زوجها وهي في عدة من طلاق رجعي
قال ابن قدامة في المغني (7/471) إذا مات زوج الرجعية استأنفت عِدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً بلا خلاف . لان الرجعية زوجها يلحقها طلاقه وينالها ميراثه .
الثالث : في عدة من مات وهي في عدة من طلاق بائن
ذهب كثير من أهل العلم إلى أنها تبني على عِدة المطلقة وذلك لأنه مات وليست زوجة له . لأنها بائن من النكاح فلا تكون منكوحة . [ انظر المغني 7/472 ]
المرأة المطلقة قبل الدخول بهاليس عليها عِدة [ راجع تفسير الاية 49 من سورة الأحزاب ]
الرابع: في عدة من مات من عقد بها قبل أن يمسها
عدتها أربعة أشهر وعشراً لقوله تعالى " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً " [ البقرة : 234 ]
ولقوله صلى الله عليه وسلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً " [ الحديث متفق عليه ]
الخامس : في عدة المرأة المطلقة التي لا تحيض
عدتها ثلاثة قرؤ أي ثلاث حيض لقوله تعالى " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ " [ البقرة :228 ] ولقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة قالت " إمرة جريرة أن تعتد ثلاث حيض " [ أخرجه ابن ماجه 273 وهو صحيح ]
السادس:في عدة المطلقة البالغة والتي لم تحض
المطلقة البالغة ولم تحض عدتها ثلاثة أشهر . قال أهل العلم لدخولها في عموم قوله تعالى " وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ " [ الطلاق :4 ]
السابع : في عِدة المطلقة التي أنقطع حيضها لعارض طارئ
عليها أن تعلم سبب منع الحيض ومقدار عدتها في هذه الحالة سنة كاملة وتفصيلها كالتالي :
تسعة أشهر للحمل وثلاثة أشهر للعدة . ( عِدة الآيسة ) وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية . ورواية عن الإمام احمد رحمهم الله [ انظر المغني 7/ 449 ]

المخرج من الخلاف في مسألة "مس الذَّكرْ" ناقض أم غير ناقض ؟

المخرج من الخلاف في مسألة "مس الذَّكرْ" ناقض أم غير ناقض ؟
إعداد وتأليف أخيكم / أبو صلاح الأثري
جمهور العلماء على أنه ناقض وهو الصحيح ، لحديث بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مس ذكره فليتوضأ قال أحمد هو حديث صحيح كما في إرواء الغليل وفي السنن 0 وخالف أبو حنيفة وقال أنه غير ناقض ،وأستدل بحديث طلق بن علي أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل يمس ذكره هل عليه الوضوء ؟ فقال : لا إنما هو بضعة منك والحديث رواه الخمسة وهو حسن وصححه ابن حبان " [ أنظر تمام المنة ]
صحيح ، ابن ماجة ( 483 ) // ، المشكاة ( 320 ) //
قال أبو حنيفة هذا الحديث ناسخ لحديث بسرة بنت صفوان 0
وقد ذهب بعض العلماء إلى تقييد المس الناقض بالشهوة ومنهم الشيخ الألباني قال : قلت : قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما هو بضعة منك " فيه إشارة لطيفة إلى أن المس الذي لا يوجب الوضوء إنما هو الذي لا يقترن معه شهوة لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر من الجسم بخلاف ما إذا مسه بشهوة فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر لأنه لا يقترن عادة بشهوة وهذا أمر بين كما ترى وعليه فالحديث ليس دليلا للحنفية الذين يقولون بأن المس مطلقا لا ينقض الوضوء بل هو دليل لمن يقول بأن المس بغير شهوة لا ينقض وأما المس الشهوة فينقض بدليل حديث بسرة وبهذا يجمع بين الحديثين وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه على ما أذكر
والله أعلم .
 
قلت للمسألة السابقة فروع :
1- إذا مس ذكره بحائل فلا ينقض الوضوء
2- إذا مس الدبر مذهب الإمام مالك وداوود الظاهري ورواية عن أحمد أنه لا ينقض الوضوء وهذا هو الصحيح وخالف الإمام الشافعي وقال أنه ناقض 0
وإذا مس ذكر غيره الجمهور على أنه ناقض للوضوء وهو الصحيح خلافاً لداوود الظاهري
انظر المغني لإين قدامه 1/178 والمجموع 2/ 46
والمحلى رقم المسألة 163
وبالله التوفيق
 

مسائل مختارة من فقه الزكاة

مسائل مختارة من فقه الزكاة
كتبها وأعدها: أبو صلاح الحضرمي الأثري
الجزء الأول
المسألة الأولى
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ:
ماالمقصود بالزكاة في اللغة والشرع؟ وما العلاقة بين المفهومين؟
فأجاب فضيلته بقوله: الزكاة في اللغة الزيادة والنماء، فكل شيء زاد عدداً، أو نما حجماً فإنه يقال له: زكاة، فيقال: زكَّى الزرع إذا نما وطاب، وأما في الشرع فهي: التعبد لله تعالى بإخراج جزء واجب شرعاً في مال معين لطائفة أو جهة مخصوصة.
حكم الزكاة :
الزكاة فرض بالكتاب والسنة والإجماع ،أما الكتاب قوله تعالى "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" (43 البقرة ) وغيرها من النصوص ،وأما السنة فأحاديث الزكاة متواترة ومنها حديث عن ابن عمررضي الله عنهما قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام» وكذلك حديث معاذ بن جبل لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن 0 وأما الإجماع نقله غير واحد من الفقهاء كابن قدامة في المغني 2/ 572 وابن رشد في بداية المجتهد 1/244والمجموع للنووي 5/ 297 والمحلى لابن حزم مسألة رقم 637 وفتح الباري لابن حجر 3/ 262
مسألة حكم من أنكر الزكاة :
قال ابن قدامة في المغني 2/173 : إذا امتنع من اداء الزكاة منكرا لوجوبها فان كان ممن يخفى عليه ذلك لكونه قريب عهد بالاسلام أو نشأ ببادية بعيدة أو نحوه ذلك لم يحكم بكفره بل يعرف وجوبها وتؤخذ منه فان جحدها بعد ذلك حكم بكفره0
(فان قيل) كيف اهمل المصنف التنبيه على انه إنما يكفر إذا نشأ مسلما بين المسلمين (فالجواب) انه لم يهمله بل نبه عليه بقوله جاحدا لوجوبها قال اهل اللغة الجحد انكار ما اعترف به المنكر قال ابن فارس في الجمل لا يكون الجحود الا مع علم الجاحد به والله اعلم * وان كان ممن لا يخفي كمسلم مختلط بالمسلمين صار بجحدها كافرا وجرت عليه احكام المرتدين من الاستتابة والقتل وغيرهما ودليله ما ذكره المصنف وقد سبق في اول كتاب الصلاة بيان ما يكفر بجحده وغير ذلك مما يتعلق بهذا0
شروط وجوب الزكاة :
الأول :الإسلام فلا يجزي أن يخرجها الكافر وإن كان مطالبا بها حتى يأتي بأصل الإسلام وهو الشهادتان 0
الثاني :يملك النصاب 0(الملكية)
الثالث :حولان الحول إلا زكاة الزروع والثمار ووقته حين حصادها

المسالة الثانية
المسألة الثانية في فقه الزكاة : مقتبسة من المصدر التالي :

مجالس شهر رمضان
المؤلف : محمد بن صالح العثيمين
الطبعة : الأولى
الناشر : وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية
تاريخ النشر : 1419هـ
وتجب الزكاة في أربعة أشياء :
* الأول : الخارج من الأرض من الحبوب والثمار لقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ } [ البقرة 267 ] ، وقوله سبحانه : { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } [ الأنعام : 141 ] ، وأعظم حقوق المال الزكاة ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « فيما سقت السماء أو كان عَثَريا العُشْر ، وفيما سُقِيَ بالنضح نصف العشر » (1) ، ولا تجب الزكاة فيه حتى يبلغ نصابا وهو خمسة أوْسق , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ليس في حَبٍّ ولا ثمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق » (2) . والوَسَق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم الذي تبلغ زنته بالبر الجيد ألفين وأربعين جراما , أي : كيلوين وخمسيْ عُشر الكيلو , ولا زكاة فيما دونها , ومقدار الزكاة فيها العُشْر كاملا فيما سُقِيَ بدون كُلْفة ونصفه فيما سُقِيَ بكلفة, ولا تجب الزكاة في الفواكه والخضروات والبطيخ ونحوها , لقول عمر :
ليس في الخضروات صدقة ، وقول علي : ليس في التفاح وما أشبه صدقة ، ولأنها ليست بحب ولا ثمر ، لكن إذا باعها بدراهم وحال الحول على ثمنها ففيه الزكاة .
_________
(1) رواه البخاري .
(2) رواه مسلم .* الثاني : بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنا كانت أم معزا إذا كانت سائمة وأُعِدَّت للدَّر والنسل وبلغت نصابا ، وأقل النصاب في الإبل خمسون ، وفي البقر ثلاثون ، وفي الغنم أربعون ، والسائمة هي التي ترعى الكلأ النابت بدون بذر آدمي كل السنة أو أكثرها ، فإن لم تكن سائمة فلا زكاة فيها ، إلا أن تكون للتجارة ، وإن أُعِدَّت للتكسب بالبيع والشراء والمناقلة فيها فهي عروضُ تجارةٍ تُزَكَّى زكاةَ تجارةٍ سواء كانت سائمة أو معلفة إذا بلغت نصاب التجارة بنفسها أو بضمها إلى تجارته .* الثالث : الذهب والفضة على أي حال كانت لقوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }{ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ } [ التوبة : 34 - 35 ] ، والمراد بكنزها عدم إنفاقها في سبيل الله ، وأعظم الإنفاق في سبيل الله إنفاقها في الزكاة ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحَت له صفائح من نار فأُحْمِيَ عليها في نار جهنم ، فيُكْوَى بها جنبه وجبينه وظهره ، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقْضَى بين العباد » (1) .
والمراد بحقها زكاتها كما تفسره الرواية الثانية : « ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته » ( الحديث ) (2) .
_________
(1) رواه مسلم .وتجب الزكاة في الذهب والفضة سواء كانت نقودا أو تبرا أو حليا يُلْبَس أو يُعَار ، أو غير ذلك ، لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة فيهما بدون تفصيل ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما « أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مَسكَتَان غليظتان من ذهب ( أي : سواران غليظان ) ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " أتعطين زكاة هذا ؟ " قالت : لا . قال : " أيَسُرُّك أن يُسَوِّرَكِ الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ؟ " قال : فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت : هما لله ورسوله » (1) ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : « دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فَتَخَات من وُرْق ( تعني : من فضة ) , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما هذا ؟ " فقلت : صنعتهن أتزين لك يا رسول الله . قال : " أتؤدين زكاتهن ؟ " قالت : لا ، أو ما شاء الله . قال : " هو حسبك من النار » (2) .
ولا تجب الزكاة في الذهب حتى يبلغ نصابا وهو عشرون دينارا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذهب : « ليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون دينارا » (3) .
_________
(1) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي .
(2) أخرجه أبو داود والبيهقي والحاكم وصححه وقال : على شرط الشيخين ، وقال ابن حجر في التلخيص : على شرط الصحيح ، وقال ابن دقيق : على شرط مسلم .
(3) رواه أبو داود وفي سنده ضعف ، لكن له شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن فيكون حجة ، وقد أخذ به عامة أهل العلم .المراد الدينار الإسلامي الذي يبلغ وزنه مثقالا ، وزنة المثقال أربعة غرامات وربع ، فيكون نصاب الذهب خمسة وثمانين غراما يعادل أحد عشر جنيها سعوديا وثلاثة أسباع الجنيه .
ولا تجب الزكاة في الفضة حتى تبلغ نصابا وهو خمس أواقٍ ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ليس فيما دون خمس أواق صدقة » (1) ، والأوقيَّة أربعون درهما إسلاميا ، والدرهم سبعة أعشار مثقال فيبلغ مائة وأربعين مثقالا وهي خمسمائة وخمسة وتسعون غراما تعادل ستة وخمسين ريالا عربيا من الفضة ، ومقدار الزكاة في الذهب والفضة ربع العشر فقط .
وتجب الزكاة في الأوراق النقدية لأنها بدل عن الفضة فتقوم مقامها ، فإذا بلغت نصاب الفضة وجبت فيها الزكاة ، وتجب الزكاة في الذهب والفضة والأوراق النقدية سواء كانت حاضرة عنده أم في ذمم الناس ، وعلى هذا فتجب الزكاة في الدَّيْن الثابت سواء كان قرضا أم ثمن مبيع أم أجرة أم غير ذلك ، إذا كان على مليء باذل فيُزَكِّيهِ مع ماله كل سنة أو يؤخر زكاته حتى يقبضه ثم يزكيه لكل ما مضى من السنين , فإن كان على معسر أو مماطل يصعب استخراجه منه فلا زكاة عليه فيما قبلها من السنين .
_________
(1) متفق عليه .
ولا تجب الزكاة فيما سوى الذهب والفضة من المعادن وإن كان أغلى منهما إلا أن يكون للتجارة فيُزَكَّى زكاة تجارة .
* الرابع : مما تجب فيه الزكاة عروض التجارة , وهي كل ما أعده للتكسب والتجارة من عقار وحيوان وطعام وشراب وسيارات وغيرها من جميع أصناف المال , فيُقَوِّمها كل سنة بما تساوي عند رأس الحول ويخرج رُبْع عُشْر قيمتها سواء كانت قيمتها بقدر ثمنها الذي اشتراها به أم أقل أم أكثر ، ويجب على أهل البقالات والآلات وقطع الغيارات وغيرها أن يحصوها إحصاء دقيقا شاملا للصغير والكبير ويخرجوا زكاتها ، فإن شق عليهم ذلك احتاطوا وأخرجوا ما يكون به براءة ذمهم .
ولا زكاة فيما أعده الإنسان لحاجته من طعام وشراب وفرش ومسكن وحيوانات وسيارة ولباس سوى حلي الذهب والفضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة » (1)
ولا تجب الزكاة فيما أُعِدَّ للأجرة من عقارات وسيارات ونحوها ، وإنما تجب في أجرتها إذا كانت نقودا وحال عليها الحول وبلغت نصابا بنفسها أو بضمها لما عنده من جنسها .
_________
(1) متفق عليه .
(2) رواه مسلم .
المسألة الثالثة
المسألة الثالثة في فقه الزكاة – هل على الصبي والمجنون زكاة إن كان معه ما يزكي ؟
أختلف الفقهاء في ذلك وأصل الاختلاف نشأ عن مفهوم الزكاة الشرعية هل هي عبادة مثل الصلاة والصيام فيشترط فيها التكليف والعقل نأم هي حق واجب للفقراء على الأغنياء فلا يشترط لها التكليف ولا العقل 0 فالذي عليه الجمهور أنها حق واجب للفقراء لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لمّا بعثه الى اليمن "فان هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقرائهم " متفق عليه ) . ص 182 صحيح . أخرجه البخاري ( 1 / 352 ، 369 ، 380 ) ومسلم ( 1 / 37 - 38 ) هكذا أورده البخاري بهذا اللفظ ،وفيه دلالة على أن الزكاة حق المال وأن المال لا يشترط فيه التكليف ولا العقل 0
وقد قال بوجوب الزكاة على الصبي عمر رضي الله عنه وقال بهذا ابن عمر وجابر وعائشة وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد والثوري وغيرهم 0
وقال ابن قدامة :في المغني 2/ 122 أن الزكاة تجب في أموال الصبي والمجنون وهذا القول هو الراجح ان شاء الله 0
وذهبت طائفة من أهل العلم الى ان الزكاة عبادة يشترط فيها التكليف والعقل وبالتالي قالوا لا تجب الزكاة في مال الصبي ولا المجنون 0
أنظر فتح الباري لابن حجر 3/ 309 وبداية المجتهد 1/245 لابن رشد ونيل الأوطار 2/ 173 الشوكاني 0
المسألة الرابعة
المسألة الرابعة : في فقه الزكاة " زكاة بهيمة الأنعام "
يشترط فيها جميعها أن تكون سائمة عند الجمهور وهو الصحيح لحديث " في كل سائمة أبل في أربعين ابنة لبون " رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني في الإرواء رقم 791 ومثله في الدلالة حديث أنس رضي الله عنه "وفي صدقة الغنم في سائمتها في أربعين شاه ،شاه"وأما البقر فقاسوه على الإبل والغنم 0 وخالف مالك رحمه الله والليث وأبن حزم فقالوا تجب الزكاة في السائمة وغيرا لسائمة واستدلوا بالعمومات 0
أنظر المجموع للنووي 5/ 324 ،المغني 2/ 576 لأبن قدامة ،بداية المجتهد لابن رشد 1/252 والمحلى لأبن حزم رقم 687

( يتبع مسائل أخرى في الجزء الثاني إن شاء الله تعالى )

الأربعاء، 9 مايو 2012

الشجرة الملعونة في القرآن

الشجرة الملعونة في القرآن

يقول الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً }[الإسراء:60] .
شجرة الزقوم :
قال الراغب رحمه الله : زقم : {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ } عبارة عن أطعمة كريهة في النار ومنه استعير زقم فلان وتزقم إذا ابتلع شيئاً كريهاً .[1]
وقال الأزهري في تهذيب اللغة : زقم : قال ابن دريد : الزقم شرب اللبن والإفراط فيه . ويقال : بات يتزقم اللبن .
وقال عز وجل: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ }[الدخان:44،43] وقال في موضع آخر :{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ { 64}طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ }[الصافات:64،65] .
وذكر هذه الشجرة في موضع آخر فقال: { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ }[الإسراء:60] وهي التي افتتن بها المشركون فقال اللعين أبو جهل : ما نعرف الزقوم إلا آكل التمر بالزبد فتزقموا . وقال بعض المشركين : النار تأكل الشجر فكيف ينبت فيها الشجر .
ولذلك قال الله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ }[الإسراء:60] وما جعلنا هذه الشجرة إلا فتنة للكفار . وقال الليث : الزقم الفعل من أكل الزقوم والأزدقام كالابتلاع .
قال : ولما نزلت آية الزقوم لم تعرفه قريش فقدم رجل من إفريقية وسئل عن الزقوم . فقال الإفريقي : الزقوم بلغة إفريقية الزبد بالتمر .
فقال أبو جهل : هاتي يا جارية زبداً وتمراً نزدقمه فجعلوا يأكلون منه ويتزعمون ويقولون : أفبهذا تخوفنا يا محمد فأنزل الله{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ }[الصافات:64] .وقال الكسائي وأبو عمرو : الزقم واللقم واحدٌ والفعل زقم يزقم ولقم يلقم وحكى ذلك عنهما إسحاق ابن الفرج[2] .
وذكر الفخر للرازي ثلاثة أوجه رداً على من قال ليس في القرآن لعن هذه الشجرة .
[ انظر الفخر الرازي ( التفسير الكبير ) 7/631 ] .
وهكذا ذكر ابن كثير رحمه الله { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ } شجرة الزقوم ، قال : وكذا رواه أحمد وعبد الرزاق وغيرهما عن سفيان ابن عيينة به . وكذا رواه العوفي عن ابن عباس .
وقال أيضاً : اختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء ، وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم . قال الإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك أي : في الرؤيا والشجرة ، وقوله{ وَنُخَوِّفُهُمْ } أي : الكفار بالوعيد والعذاب بالنكال[3] .
وقال القرطبي رحمه الله في التذكرة : وقال المفسرون أن شجرة الزقوم أصلها في الباب السادس وأنها تحيا بلهب النار كما تحيا الشجرة ببرد الماء ، لابد لأهل النار من أن يتحدر إليها من كان فوقها فيأكلوا منها.[4]
[1] ) المفردات للراغب الأصفهاني صـ213 .

[2] ) تهذيب اللغة للأزهري 8/440ـ441 .

[3] ) تفسير ابن كثير 3/6255 آية 60 من سورة الإسراء .

[4] ) الصحيح من التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة .للقرطبي صـ294 تحقيق عبد الله المنشاوي ـ دار المنارات ـ المنصورة .

أحاديث في لعن آكل الربا


أحاديث في لعن آكل الربا وما يلحق به من معاملات
1)عن إبن مسعود رضي الله عنه قال : (لَعَنَ رسول الله r آكل الربا ومَوُكلهُ )[1] وجاء بلفظ : ( لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ) [2]
2) عن إبن مسعود أيضاً بلفظ (لَعَنَ الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه ) [3]
3) وجاء من حديث جابر بن عبدالله : ( لعن الله آكل الربا وموكله ، وشاهديه ، وكاتبه وهم فيه سواء )
قال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (1336) أخرجه مسلم (5015) وإبن الجارود (646) و البيهقي (5/275) وأحمد (3/304) من طريق أبي الزبير عنه به . ولم يذكر أحمد الزيادة ؟ ولم يخرجه البخاري أصلاً .
قلت : وإبن الزبير مدلس ، وقد عنعنه .
لكن للحديث شاهد من حديث أبي جحيفة وعبدالله بن مسعود .أ.هـ (أنظر الإرواء 5/183)
وجاء عن ابن مسعود أيضاً :
4) (لعن الله الربا ، وآكله ، وموكله ، وكاتبه وشاهده وهم يعلمون ... )[4]

الربــــــا :
الربا لغة : مصدر قولهم رَبَا يَربُو ، إذا زاد ، وهو مأخوذ من مادة (ر ب و ) التي تدل على الزيادة والنّماء والعلو
والربا : اصطلاحاً : هو عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حال العقد ، أو مع تأخير البدلين أو أحدهما .
فهو زيادة مال مشروطة أو متعارف عليها تؤخذ ربحاً – فائدة – على أصل المال بلا مقابل عند مبادلة مال ربوي بجنسه وقيل للمربي مربٍ لتضعيفه المال الذي كان له على غريمه حالاً ، أو لزيادته عليه لسبب الأجل الذي يؤخره إليه فيزيده إلى أجله الذي كان له قبل حلَّ دينه عليه .
ما هي أنواع الربا ؟
للربا أنواع :
ربا الفضل :وهو البيع مع زيادة أحد العوضين المتفقين الجنس على الآخر :
ربا اليد :وهو البيع مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما عند التفرق من المجلس أو التخاير فيه بشرط اتحادهما علة ، بأن يكون كلٌ منهما معلوماً أو كلٌ منهما نقداً وإن اختلف الجنس .
ربا النسيئة :وهو البيع للمطعومين أو للنقدين المتفقي الجنس أو المختلفة لأجل ، ولو لحظةً وإن استويا وتقابضا في المجلس .
ربا القرض :
الصور السابقة للربا هي أشهر صور ربا الجاهلية الأولى والمعاصرة ، وأصوله وأمهاته وكلياته وجوامعه ، وما لم يكن مشهوراً أو أشتهر فيما بعد أو أُخترع في هذا العصر فهو فرع من أحدى هذه الصور أو كلها أو نظيرها فلا تخدعنك المسميات . { وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } الروم : 60 [5]
وربا القرض يرجع إلى ربا الفضل ، لأنه الذي فيه شرط يجرُ نفعاً للمقرض ، فكأنه أقرضه هذا الشيء بمثيله مع زيادة ذلك النفع الذي عاد عليه .
قال ابن المنذر في الإجماع صـ120 :
( أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المقترض زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة ربا سواء كانت الزيادة في القدر أو الصفة . )
إن القول بإباحة ربا القرض وربا الفضل وأنهما ليسا من ربا الجاهلية المنصوص عليها في القرآن كما زعم ذلك من زعم وكتب وأفتاء بإباحتهما هو تضليل وقول على الله بلا علم ، وقد ردَّ أهل العلم على من قال بذلك وفصل[6] .
وقد أفتت اللجنة الدائمة في مسألة حساب الودائع وحسابات التوفير الذي يعامل بها في البنوك الرسمية وأنها من ضروب الربا لا يجوز أخذها ولا الدخول مع البنك عند الإستيداع في اشتراطه وذكرت الأدلة على التحريم ، وذكرت اللجنة الدائمة بأن العملات الورقية حلت محل الذهب والفضة في الثمنية فصار لها حكمها ويجري فيها من ربا الفضل وربا النسيئة ما يجري في الذهب والفضة .[7]

حكم الربا
كل الأنواع التي ذكرت حرام بالإجماع بنص الكتاب والسنة وكل ما جاء في الربا من الوعيد شامل للأنواع الأربعة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية [8] رحمه الله : ( المراباة حرام بالكتاب والسنة والإجماع . وقد لعن رسول الله r آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والمُحلل والمُحلل له . أهـ . لم يتهدد الله عز وجل ويتوعد مرتكب كبيرة كمرتكب جريمة الربا ، والربا مُحارب من الله وآكله مطرود من رحمة الله نسأل الله السلامة .
[1] )أخرجه مسلم (5/50) والبيهقي (5/285) والنسائي (4913)
[2] ) متفق عليه البخاري (2/193،4/67، 313) ومسلم (1/64)
[3] )أخرجه أبو داود (3333) والترمذي )(1/227 –228) وابن ماجه (2277) والبيهقي (5/275) والطيالسي (343) وأحمد (1/393-394 )
[4] )والحديث رواه الطبراني أنظر الجامع الصحيح رقم (5094)
[5] ) الذكرى بخطر الربا بقلم عبدالله بن صالح القصيّر صـ 18-19
[6] ) أنظر مجموع فتاوى وبحوث إعداد وتأليف عبدالله بن سلمان المنيع (3/280-297) دار العاصمة للنشر 1420هـ
[7] )اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى رقم (2725) تاريخ 2/12/1399هـ
[8] ) الفتاوى الكبرى لإبن تيمية (29/418-419)
البحث كتبه أخوكم في الله صاحب الموضوع