الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

في تحدي سافر أمام الخالة !

في تحدي سافر أمام الخالة !




لسنوات خلون من جيل الستينات وما بعدها من القرن الماضي حين كان الرجل المدخن في حضرموت في ذلك الزمان يحظى بإهتمام المجتمع المحلي ورعايته ولا يوجد في قاموسه مايعيب التدخين بل ويعد المدخن فارس الأحلام لكثير من شابات ذلك الزمان لعلها تراه بالغاً متطوراً،وكما أن النظرة اليه في الميط الأسري خاصة في الأرياف بأنه مدني متحضر إذا ماقورن بغيره من غير المدخنين 0
وللسجائر أبو بكت أبو جنيه مرتبة أفضل وأرقى من المدخن للتبغ الروكو "اللفه "بورق الشام الذي يدخنه عامة الشغيلة في الأعمال الشاقة في المجتمع لرخص علبتة ، وتأتي الرشبة وروادها في مرتبة أرقى بدرجة من "المرمدة "المضغة التي أشتهر بها أهل البوادي والوديان وهي مزيج من الرماد الأبيض والتبغ المسحوق 0
وروى لي أحد الأخوة أن رجلين كانا متزوجين وكلاهما يدخنان الرشبة حضرا في ثانية العيد لشاهي الخالة وجلسا امامها بكل زينتهما المعتادة في مثل هذه المناسبة فأخرج الأول كيس التمباك ليعمر البوري وبعد أن أنتهى من تعمير البوري قام في تحدي ليظهر قوة رجولته أمام عديله وخالته التي ترقب الموقف وأخذ جمرات من المجمر أو "الشقف " بأصبعيه دون حاجة للملقط أو" الكلبة " كمايقال لها ، وفي نشوة لاتوصف وسحائب الدخات تغطي وجه الخالة المنتشية في كامل هيئتها الرسمية كان عديله يفكر كيف يستطيع أن يسجل موقفاً ابهر وأروع من ما صنعه صاحبه أمام خالته فأنتظر بفارغ الصبر أن يصل الدور له في تعمير الرشبة وحينها قام صاحبنا هذا بأخذ الجمرات التي كانت تتوقد بأصبعيه الإبهام والسبابة ووضعها فوق فخذه وأخذ يفحس التمباك بروية براحتيه وتمهل وما أن فرغ من ذلك قام بوضعها على البوري فسجل بذلك سبقاً لم يبلغه عديله في قوة صبره وجلده و إحتماله وأجبر خالته أن تتمتم بعبارات معلقة ومبدية إعجابها به من جهة وشفقتها المقرونة بالإقتدار لزوج أبنتها في هذا الموقف العجيب من جهة ثانية 0
وهكذا كانت هذه المواقف أو غيرها التي كانت تعبر عن نوع من الأنماط الثقافية السائدة في تلك الأيام في مجتمعنا الحضرمي لم تكن سوى نتائج التربية حين كان المجتمع يكرم المدخنين ويرى فيهم القدوة الحسنة و يبدي إعجابه وحتى إستحسانه من سلوكهم ، وقد ترى المدخن يقدم علبة السيجارة لزمليه أو ضيفه بحسن نية كأنه يهديه وردة ليشمها غير مكترثا بعواقب التدخين الصحية أو حرمته الشرعية رحم الله من مات بمرض من أمراض التدخين وعافى الله مرضى المسلمين فلا تصل قمة نشوة الرجل إلا حين يسعل من حرقة الدخان 0

صفة إفطاره صلى الله عليه وسلم في رمضان وغيره

صفة إفطاره صلى الله عليه وسلم في رمضان وغيره

الحقيقة إن المتأمل لصفة إفطار الرسول صلى الله عليه وسلم وماذا كان يفعل قبل إفطاره وكذلك الصحابة رضي الله عنهم ،وينظر ماعليه الناس في هذا الزمان يرى العجب العجاب خاصة في بعض البلدان الإسلامية 0
أولاً تعالوا نقف على بعض النصوص الواردة في صفة أفطاره في رمضان وغيره من أنواع الصيام :
1- كان يدعو قبيل الأذ" ثلاث لا ترد دعوتهم :
الصائم حتى يفطر و الإمام العادل و دعوة المظلوم " . أخرجه أحمد و غيره و صححه
2- يعجل الفطر :لاتزال أمتي يخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم . ( صححه الحاكم ووافقه الذهبي وهو كذلك ) ولايزال الناسوقال أنس : كان رسول الله بخير ما عجلوا الفطر ( صصحيح صلى الله عليه وسلم
3-كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن رطبات فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء ( حديث أنس : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء )
هذه السنة الثابته عنه صلى الله عليه وسلم ماذا يحدث اليوم في كثير من بلاد المسلمين :
أ- ترك الدعاء والإنشغال بتجهيز وتحضير مائدة الإفطار حتى الاذان ،أفقد الناس الدعاء المستجاب قبيل الفطر وبعد عن الله تعالى والإهتمام بالبطون نسأل الله السلامة 0
ب- تأخير الأذان كما هوحال الشيعة حتى تشتبك النجوم 0
ج- تقليل أهمية الفطر على التمر وتقديم المشهيات والحلويات والمشروبات وغيره والزهد في التمر بل أصبح التمر في مائدة الأفطار صاحب النظرة الثانية 0مع مافيه من فوائد لاغناء للجسم عنها حسب رآي ذوي الخبرات 0
د- تأخير صلاة المغرب كثيراً لأنشغال الناس بالموائد0
ه- الإزعاج الكثير في المساجد من الأطفال 0
و- قلة الخشوع في صلاة المغرب وعدم أداء السنة البعدية بعد الصلاة عند أغلب المصلين 0

سنن نبوية منسية لا تتركها في العيد الأَكْلُ قَبْلَ الخُرُوجِ فِي الفِطْرِ بِخِلاَفِ الأَضْحَى :

سنن نبوية منسية لا تتركها في العيد
الأَكْلُ قَبْلَ الخُرُوجِ فِي الفِطْرِ بِخِلاَفِ الأَضْحَى :


فَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ المُسْلِـمُ- يَوْمَ الفِطْرِ- قَبْلَ الغُـدُوِّ إِلى المُصَلَّى ، وَ يُسْتَحَبُّ أنْ يَكُونَ فِطْرُهُ عَلَى تَمْرٍ إنْ وَجَدَهُ ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم لاَ يَغْدُو يَوْمَ الفِطْـرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ "
وَ قَالَ مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه و سلم: " وَ يَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا "
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ ( 910

وَ فِي جَعْلِهِنَّ وِتْراً: إِشْعَارٌ بِالوَحْدَانِيَّةِ . وَ يُفْهَمُ مِنَ الحَدِيثِ : أَنَّ التَّمْرَةَ الوَاحِدَةَ لاَ تَحْصُلُ بِهَا السُّنَّةُ ، لأَنَّ ( تَمَرَاتٍ ) : جَمْعٌ ، وَ عَلَى هَذَا ، فَلاَبُدَّ مِنْ ثَلاَثٍ فَأَكْثَرَ اُنْظُرْ " الشَّرْحَ المُمْتِعَ " لاِبْنِ عُثَيْمِينَ ( 2 / 295 )
.
وَقِيلَ الحِكْمَةُ في الأَكْلِ قَبْلَ الصَّلاَةِ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ وُجُوبُ الفِطْرِ عَقِبَ وُجُوبِ الصَّـوْمِ اِسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الفِطْرِ مُبَادَرَةً إِلَى اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ تَعَالَى ، وَ يُشْعِرُ بِذَلِكَ اِقْتِصَارُهُ عَلَى القَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ ، وَ لَوْ كَانَ لِغَيْرِ الاِمْتِثَالِ لأَكَلَ قَدْرَ الشِّبَعِاُ (ظُرْ " فَتْحَ البَارِي " لاِبْنِ حَجَرٍ ( 03/ 374 ) .

هَذَا في الفِطْرِ ؛ أَمَّا في الأَضْحَى: فَالسُّنَّةُ أَلاَّ يَأْكُلَ المُضَحِّي حَتَّى يَرْجِعَ ، فَيَأْكُـلَ مِنْ ذَيِيحَتِهِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :" كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه و سلم لاَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ ؛ وَ لاَ يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ " وَ في رِوَايَـةٍ : " حَتَّى يُضَحِّيَ " رَوَاهَا أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ ، وَ زَادَ أَحْمَدُ : " فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَتِهِ " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ ( 542 ) وَ ابْنُ مَاجَه ( 1756 ) وَ أَحْمَدُ ( 22984 ) ، وَ الحَدِيثُ فِي " صَحِيحِ الجَامِعِ " لِلأَلْبَانِيِّ ( 4845 ) .

وَ قِيلَ : الحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ إِظْهَارُ كَرَامَةِ اللهِ تَعَالَى لِلْعِبَادِ بِشَرْعِيَّةِ نَحْرِ الأَضَاحِي ، فَكَانَ الأَهَمُّ الاِبْتِدَاءَ بِأَكْلِهَا شُكْراً للهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ مِنْ شَرْعِيَّةِ النَّسِيكَةِ الجَامِعَـةِ لِخَيِرِ الدُّنْيَا وَ ثَوَابِ الآخِرَةِ . وَ قَدْ خَصَّصَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ اِسْتِحْبَابَ تَأْخِيرِ الأَكْلِ فِي عِيدِ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ بِمَنْ لَهُ ذَبْحٌ ، لأَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه و سلم إِذْ أَخَّرَ الفِطْرَ فِي الأَضْحَى إِنّمَا أَكَلَ مِنْ ذَبِيحَتِهِ (ْظُرْ " مِرْعَاةَ المَفَاتِيحِ شَرْحُ مِشْكَاةِ المَصَابِيحِ " لِلْمُبَارْكَفُورِيِّ ( 5 / 45 )
- الخُرُوجُ إِلَى العِيدِ مَاشِياً وَ العَوْدَةُ مَاشِياً :


يُسْتَحَبُّ أنْ يَخْرُجَ المُسْلِمُ إِلَى العِيدِ مَاشِياً - وَ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَ الوَقَارُ -وَ أَنْ يَرْجِعَ كَذِلِكَ ، وَ هُوَ مِنَ التَّوَاضُعِ؛ فَعَنِ اِبْنِ عُمُرَ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم يَخْرُجُ إِلَى العِيدِ مَاشِياً وَ يَرْجِعُ مَاشِياً "
(َخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه ( 295 ) - وَ هُوَ حَسَنٌ - ، اُنْظُرْ " إِرْوَاءَ الغَلِيلِ " لِلأَلْبَانِيِّ ( 636 )

وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ يُرْكَبَ في العِيدِ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ ، أَوْ كَانَ مَكَانُهُ بَعِيداً فَرَكِبَ فَلاَ بَأْسَ . اِسْتَحَبَّ ذَلِكَ مَالِكٌ وَ الثَّوْرِيُّ وَ الشَّافِعِيُّ وَ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ .
قَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ : إِنَّمَا نَحْنُ نَمْشِي وَمَكَانُنَا قَرِيبٌ وَ مَـنْ بَعُدَ عَلَيْهِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ . وَ كَانَ الحَسَنُ يَأْتِي العِيدَ رَاكِباً . وَ كَرِهَ النَّخَعِيُّ الرُّكُوبَ فِي العِيدَيْنِ وَ الجُمَعَةِ
-
مُخَالَفَةُ الطَّرِيقِ :

يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ فِي العِيدَيْنِ - إِمَاماً كَانَ مَاْمُوماً - أَنْ يَأْخُذَ فِي طَرِيقٍ ، وَ يَرْجِعَ في غَيْرِ الطَّرِيقِ الذِي اِبْتَدَأَ فِيهِ ؛ فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ : " كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه و سلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ "
رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 943 ) .
وَ الحِكْمَـةُ بِالنِّسْبَةِ لِمَعْشَرِ المُسْلِمِينَ - مِنْ هَذَا - : هِيَ مُتَابَعَةُ النَّبيِّ صلى الله عليه و سلم . أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه و سلم ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي حِكْمَتِهِ عَلَى أَقْوَالٍ ، فَقِيلَ : لِلْمُرُورِ عَلَى مَنْ لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِ فِي الذَّهَابِ ، وَ رُؤْيَةِ مَنْ لَمْ يَرَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ ، وَ تَسْلِيمِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ ، أَوْ لإِظْهَارِ شِعَارِ الإِسْلاَمِ ، أَوْ لِيَغِيظَ المُنَافِقِينَ وَ الكُفَّارَ ، أَوْ لِيَشْهَدَ لَهُ الطِّرِيقَانِ . وَ قِيلَ - وَهُوَ الأَصحُّ - : إِنَّهُ لِذَلِكَ كُلِّهِ ، وَ لِغَيْرِهِ مِنَ الحِكَمِ التي لاَ يَخْلُو فِعْلُهَا عَنْهَا] .


أقوال كبار الأئمة من اهل التحقيق في إجتماع يومي الجمعة والعيد


أقوال كبار الأئمة من اهل التحقيق في إجتماع يومي الجمعة والعيد


إذا أجتمعت الجمعة والعيد في يوم واحد - كما هو حاصل يوم غد لجمهور من المسلمين في هذا العام 1431 هجرية - فقد أختلف العلماء رحمهم الله إلى اربعة أقوال :
الأول : أن صلاة الجمعة لا تسقط وبه قال الجمهور لأن صلاة العيد عندهم مستحبة ليست بواجبة وهذا هو مذهب أبن حزم رحمه الله 0
الثاني تسقط الجمعة والظهر وهذا قول عطا وفعله أبن الزبير وهو قول مهجور عند أهل العلم 0
الثالث :أن ولي الأمر عليه وجوبا أن يقيم جمعة فمن شاء شهدها ومن شاء أنصرف وهذا مذهب المالكية ورجحه شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله 0
الرابع : قول من قال بأن صلاة الجمعة رخصة على أهل البوادي ومن يشق عليهم حضورها 0 وأما أهل الحضر والمسجد فليست لهم رخصة وهذا القول قال به الإمام مالك و الإمام الشافعي رحمهم الله ونصره ابن عبد البر في كتاب التمهيد والإستتذكار وهو القول الراجح الذي يدل عليه النظر الصحيح ومع هذا فمن لم يحضر من اهل البوادي الجمعة عليهم أن يصلوا ظهرا 0
أنظر المجموع للنووي 4/ 359 والمغني لبن قدامة 2/358 ومجموع الفتاوى لأبن تيمية 24/ 210 وسبل السلام لن الأمير الصنعاني 1/ 160
ونيل الأوطار للشوكاني 3/282

وهل تصلى في المسجد اي صلاة الظهر في حق أهل الإستحباب ؟ قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى- :
( إذا صلى العيد يوم الجمعة هل تسقط الجماعة في المسجد الظهر ؟
جـ ـ لم يرد في الحديث أنهم يجتمعون ويصلون في المسجد ويؤذن لهم ظهراً ، والظاهر أنه لو فعل ذلك كان بدعة لأنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل سقط الحضور وكفى مجمع عن مجمع )اهـ.
مجموع فتاوى الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ.( 13)
وسئل الشيخ أبن عثيمين رحمه الله أيضا إذا وافق العيد يوم الجمعة فماذا يكون العمل؟
الجواب:
( العمل أنه حصل للمسلمين عيدان : عيد الأسبوع وعيد رمضان، فمن حضر صلاة العيد مع الإمام سقط عنه حضور الجمعة ولكن يصليها ظهراً، أما الإمام فيجب عليه أن يُجمِّع، والمساجد الأخرى لا تقيم الظهر، أي: لا نقول للمساجد الأخرى: أذنوا الظهر وصلوا ظهراً، ولكن نقول: احضروا إلى الجامع، ومن لم يحضر وقد حضر مع الإمام صلاة العيد فيصلي في بيته أو في مزرعته أو ما أشبه ذلك، المهم لا تقام المساجد إلا مساجد الجمعة فقط يوم العيد، تقام الجمعة، فمن حضرها فهو أفضل، ومن لم يحضرها لم يأثم إذا كان قد حضر صلاة العيد، ولكن على من لم يحضرها أن يصلي الظهر، لأنه فرض الوقت ولا بد منه )اهـ.
الشيخ العلامة ابن عثيمين . (اللقاء الشهري).

-----------------------------------------------------------------------------------------------------
الأحاديث الثابته عنه صلى الله عليه وسلم والآثار المروية بشأن اذا اجتمعت الجمعة والعيد :

1- ما رواة أحمد والنسائي وغيرهما عن إياس الشامي قال: شهدت معاوية وهو يسأل زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: أشهدتَ مع رسول الله عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم قال: فكيف صنع، قال زيد: صلى النبي صلى الله عليه وسلم العيدَ ثم رخّص في الجمعةِ، ثم قال «من شاء أن يُصلِّيَ فليصلِّ» صحيح سنن أبي داود (1070).
2- وروى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأهُ من الجمعةِ وإنّا مُجمِّعون» صحيح سنن أبي داود (1073).
3- وروى أبو داود أيضاً عن عطاءٍ أن عبد الله ابن الزبير صلَّى بهم في يومِ عيد صلاة العيد يوم الجمعةِ، قال عطاء: ثم جئنا إلى الجمعةِ فلم يخرج إلينا... . قال: وكان ابن عباس في الطائفِ فلمّا قدم ذكرنا له ذلك فقال: أصاب السُنّةَ. صحيح سنن أبي داود (1071) وعند أبي داود أيضاً هذه القصة قال عطاء (اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر على عهد ابن الزبير فجمعهما فصلاهما ركعتين بكرةً لم يزد عليهما حتى صلَّى العصرَ

تأملات في مؤتمر في الحسيسة وباكثير سيؤن

تأملات في مؤتمر في الحسيسة وباكثير سيؤن
من المفارقات العجيبة أن تحتضن حضرموت حدثين اليوم أخبارهما في وسائل الإعلام المحلية وفي الحقيقة أن لهما مدلولات ومعانٍ عميقة في الوجدان والتاريخ الحضرمي لو رجعنا إلى الذاكرة وتحديداً قبل مئة سنة تقريباً حين كان أغلب أهل حضرموت في المهاجر الشرقية والداخل منقسمين بين تيارين متباينين متباعدين في الرؤى والأفكار والعقائد هما تيار الرابطة العلوية وتيار جماعة الإصلاح و الإرشاد أو قل بين تيارين متنافسين على الزعامة الروحية الذي كان مشهورا في الأصل في تاريخ حضرموت بين مدرستي الفقهاء والتصوف 0
وبالمناسبة فإن الحسيسة مكان زيارة رأس المهاجر أحمد بن عيسى بن محمد بن علي ألعريضي بن جعفر الصادق مكان المؤتمر الأول ،وسيؤن حيث بيت الأديب الشيخ علي بن أحمد باكثير الكندي0
وفي كل الأحوال يمثل المؤتمرون فيهما برعاية حكومية والمعنى تيار الرابطة العلوية في الحسيسة وسيؤن المحتفلون هم صورة مشابهة لتيار الإصلاح والإرشاد والمعاصرة في ذلك الزمان 000
الحسيسيون لهم أفكارهم الخاصة التي تبحث في أفكار وتراث المهاجر والفقيه المقدم محمد بن علي باعلوي رحمه الله والإرشاديون في تراث الأديب علي باكثير رحمه الله الذي عاش تلك الفترة من الإنقسامات وكان ميالا لنصرة الحق على الباطل بصوره المختلفة وتأثر بهذا الخلاف في تلك الفترة وأغترب عن دياره وكان نتاجه الأدبي يعبر عن خلجات نفسه في واقع حضرموت والأمة الإسلامية و الحدثين يمثلان رمزين قد لايفقه لهما إلا القليل من النخب الفكرية المدعوة في كلا الحدثين الرابطة العلوية والإرشاد في بتافيا-جاكرتا حاليا0
والله الموفق.

 الجامع الاموي - دمشق
فضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه من السنة
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه هو أحد كُتَّاب الوحي بين يديّ النبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو صِهره فهو خال المؤمنين، وأمينه على وحي رب العالمين، وهو أحد الصحابة الطيبين، فكل ما تقدم من فضائل للصحابة فهو داخل معهم فيه ولا ريب، وكلٌّ منهم له فضائله الخاصة به، وإنما خُصَّ معاويةُ دونهم؛ لأنّه أكثر من تُكُلِّمَ وطُعِنَ فيه من الصحابة، حتى ممن يُحْسَبُونَ على السنة؛ بل وممن يُحْسَبُونَ على علماء السنة، والله المستعان.
ولقد صار رضي الله عنه العلامة الفارقة بين أهل السنة وأهل البدعة، الستار لأصحاب رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو كالباب للدار، فمن فتح الباب دخل الدار، ومن تجرَّأَ وتكلم في معاوية فمن السهل عليه التكلم في غيره.
لذا جَمَعْتُ في حقه رضي الله عنه بإيجاز ـ واللبيب يفهم من الإشارة ـ أحاديثَ صحت في فضائله، وكذا بعض أقوال السلف فيه، فأقول والله الهادي:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت مُلحان؛ فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته، وجعلت تفلِّي رأسه([1])؛ فنام رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال:"ناس من أمتي عُرضوا عَليَّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكاً على الأسرة - أو مثل الملوك على الأسرة-" - شك إسحاق - قالت: فقلت: يا رسول الله؛ ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم وضع رأسه، ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال:" ناس من أمتي عُرضوا عَليَّ غزاة في سبيل الله". كما قال في الأول. قالت: فقلت: يا رسول الله؛ ادع الله أن يجعلني منهم، قال:"أنت من الأولين". فرَكِبَتْ البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان، فصُرِعَت عن دابتها حين خرجت من البحر؛ فهلكت.[البخاري2789ومسلم 1912]
قال الحافظ ابن حجر :"قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية؛ لأنّه أول من غزا البحر".[فتح الباري6/145]
عن عبد الرحمن بن أبي عميرةرضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية: "اللهم اجعله هادياً مهدياً، وأهد به".[صحيح سنن الترمذي3842 ]
عن العرباض رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"اللهم علم معاوية الكتاب والحساب، وقه العذاب".[ابن خزيمة1938، السلسلة الصحيحة 3227]

معاوية كاتب الوحي

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، أن أبا سفيان قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم : يا نبي الله ثلاث أَعْطِنِيهِنَّ؟ قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله؛ أم حبيبة([2]) بنت أبي سفيان أزوجكها؟ قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك؟ قال: نعم، قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار، كما كنت أقاتل المسلمين؟ قال: نعم".[مسلم2501]
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"اذهب فادع لي معاوية" - وكان كاتبه - قال: فسعيت فقلت: أجب نبي الله صلى الله عليه وسلم فإنه على حاجة".[المسند1/291]
قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه:"كان معاوية يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ".[سير أعلام النبلاء3/123]
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه :كنت ألعب مع الغلمان ، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال :"ادع لي معاوية" وكان يكتب الوحي".[سير أعلام النبلاء 3/123]
قلت: وقد ذكر جمع من العلماء أن معاوية رضي الله عنه كان من كتبة الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم منهم: ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، وابن القيم في "زاد المعاد"، والذهبي في "سير أعلام النبلاء"، وابن الأثير في "أُسْدُ الغابة"، والسيوطي في "تاريخ الخلفاء"، وابن كثير في "الفصول" وفي "البداية والنهاية"، وغيرهم.

معاوية في أقوال السلف
عبد الله بن عمررضي الله عنه
"ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أَسْوَدَ([3]) من معاوية رضي الله عنه، قال: قلت: هو كان أسود من أبي بكر؟رضي الله عنه قال: هو - والله - أخير منه، وهو - والله - كان أسود من أبي بكررضي الله عنه ، قال: قلت: فهو كان أسود من عمررضي الله عنه ؟ قال: عمر رضي الله عنه - والله - كان أخير منه، وهو - والله - أسود من عمررضي الله عنه ، قال: قلت: هو كان أسود من عثمان رضي الله عنه ؟ قال - والله - إن كان عثمان لسيدا، وهو كان أسود منه"([4]). 

عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
قيل له: هل لك في أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه؛ فإنه أوتر بواحدة؟ قال:"أصاب إنه فقيه". وفي رواية "دعه فإنه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ".[ البخاري 3553]
"ما رأيت رجلاً كان أخلق بالملك من معاوية". [البداية والنهاية8/135]الحسن البصري رحمه الله(ت110)رحمه الله
قيل للحسن: يا أبا سعيد؛ إن هاهنا ناساً يشهدون على معاوية رضي الله عنه أنه من أهل النار!! قال: "لعنهم الله! وما يدريهم من في النار؟"[الاستيعاب 446]
\الفضيل بن عياض رحمه الله(ت187)رحمه الله
كان يترحم على معاوية؛ ويقول:"كان من العلماء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ". [السنة للخلال2/438]
\عبد الله بن المبارك رحمه الله(ت181)رحمه الله
"معاوية t عندنا محنة، فمن رأيناه ينظر إلى معاوية شَزْراً([5])؛ اتهمناه على القوم - أعني على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم -".[تاريخ دمشق59/209]
\المعافى بن عمران رحمه الله(ت185)رحمه الله
"سأله رجل فقال: يا أبا مسعود؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان؟ فغضب من ذلك غضباً شديدا! وقال: لا يقاس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد، معاوية رضي الله عنه صاحبه، وصهره، وكاتبه، وأمينه على وحي الله ". [تاريخ بغداد 1/209]
سُئِلَ: معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال:"كان معاوية رضي الله عنه أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز".[السنة للخلال2/435]
\الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله (ت241)رحمه الله
قال أبو بكر المروذي: قلت: لأبي عبد الله أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: "معاوية أفضل، لسنا نقيس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا، قال النبي صلى الله عليه وسلم "خير الناس قرني الذي بعثت فيهم".[السنة للخلال2/434]
قال الفضل بن جعفر: يا أبا عبد الله؛ أيش تقول في حديث قبيصة، عن عباد السماك، عن سفيان، أئمة العدل خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز؟ فقال: هذا باطل - يعني ما ادعي على سفيان - ثم قال: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدانيهم أحد، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاربهم أحد".[السنة للخلال2/ 436-437]
\الربيع بن نافع رحمه الله (ت241)
"معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ستر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإذا كشف الرجل الستر اجترئ على ما وراءه".[تاريخ بغداد 1/209 ]
\الإمام النسائي رحمه الله(303)
سُئِلَ عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: إنما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار، قال: فمن أراد معاوية؛ فإنما أراد الصحابة". [تهذيب الكمال1/339-340]
اللهم إنا نشهدك ونشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك على حب الصحابة كلهم ولا نتكلم في أحد منهم إلا بخير اللهم فاحشرنا معهم .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
ــــــــــــــــــــــــ
([1]) قال أبو الطيب العظيم آبادي: قال النووي: اتفق العلماء على أنها كانت محرماً له صلى الله عليه وسلم ، واختلفوا في كيفية ذلك؛ فقال ابن عبد البر وغيره: كانت إحدى خالاته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة.[عون المعبود 5/15وانظر فتح الباري11/108]

([2])قال الإمام ابن كثير:"و الصحيح في هذا أن أبا سفيان لما رأى صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفاً أحب أن يزوجه ابنته الأخرى وهي عزة واستعان على ذلك بأختها أم حبيبة كما أخرجا في الصحيحين (البخاري4813ومسلم1449) عن أم حبيبة أنها قالت: يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان قال:"أو تحبين ذلك؟" قالت: نعم... الحديث و في صحيح مسلم أنها قالت: يا رسول الله انكح أختي عزة بنت أبي سفيان... الحديث. و على هذا فيصح الحديث الأول و يكون قد وقع الوهم من بعض الرواة في قوله: و عندي أحسن العرب و أجمله أم حبيبة و إنما قال عزة فاشتبه على الراوي أو أنه قال الشيخ يعني ابنته فتوهم السامع أنها أم حبيبة إذ لم يعرف سواها". [الفصول182]
وقال في موضع آخر:"ولكن فيه من المحفوظ تأمير أبي سفيان وتوليته معاويةَ منصب الكتابة بين يديه صلوات الله وسلامه عليه وهذا قدر متفق عليه بين الناس قاطبة".[البداية والنهاية5/372]
([3]) أَسخى وأَعطى للمال،وقيل أَحلم منه (لسان العرب مادة سود)
([4]) السنة للخلال 2/441
([5])البَغْضَةِ والهَيْبَةِ ونَظَرَ إِليه شَزْراً وهو نظر الغضبان بِمُؤَخَّرِ العين [لسان العرب مادة شَزْر




الصلاة في مصلى العيد سنة وأفضل وأجمع لتأليف قلوب المسلمين

الصلاة في مصلى العيد سنة وأفضل وأجمع لتأليف قلوب المسلمين
الفضل لله ثم لطلاب الشيخ مقبل بن هادي الو ادعي رحمه الله وأهل الخير الذين ساندوهم و أحيوا هذه السنة في السنوات الأخيرة في كثير من قرى ومدن ووديان حضرموت في الساحل والداخل ، ولا أظن أحد قد سبقهم في إحياء هذه السنة والشعيرة الظاهرة التي خصصت لها مصليات خارج المدن والقرى قد جهزت بما تحتاجه من خدمات لإقامة هذه الشعيرة العظيمة0
وقد جاءت الأحاديث الكثيرة عنه صلى الله عليه وسلم التي ذكرت هديه في الصلاة في المصلى من ذلك :عن نافع قال : « " كان عبد الله بن عمر ينحر في المنحر ، قال عبد الله : يعني منحر النبي - صلى الله عليه وسلم - » . رواه البخاري 0
وعن عبد الله بن عمر قال : « " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذبح وينحر بالمصلى » . رواه البخاري (2) .
الشاهد : " ينحر في المنحر . . . يذبح وينحر بالمصلى " .
وجه الدلالة :
أن الصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا يعلمون مكانا مخصصا لصلاة العيد ، ويسمونه المصلى ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينحر فيه أضحيته .
2 - عن عباد بن تميم عن عمه قال : « " خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى يستسقي واستقبل القبلة ، فصلى ركعتين وقلب رداءه » . رواه البخاري.
الشاهد : " خروجه إلى المصلى في صلاة العيد والاستسقاء أيضا يستسقي " .
وجه الدلالة :
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج لصلاة الاستسقاء في المصلى الذي تؤدى فيه صلاة العيدين ؛ مما يدل على أن المصلى كان مكانا معلوما معروفا عند الصحابة - رضي الله عنهم - وهو مغاير للمسجد [انظر : المبسوط ( 1 / 2 / 75 ) ، والإنصاف ( 2 / رقم 1027 ، وانظر : فتح الباري ( 2 / 515 ) .]
ومن هديه كما جاء- عن ابن عمر - رضي الله عنه - « " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغدو إلى المصلى والعنزة (5) بين يديه تحمل وتنصب بالمصلى بين يديه ، فيصلي إليها » . رواه البخاري .[ العنزة ـ بفتحتين ـ أطول من العصا وأقصر من الرمح ، وفيها زج كزج الرمح . انظر : مختار الصحاح ( ص457 ) .]
والصلاة في المصلى يجتمع لها الرجال والنساء في المكان المخصص لهن كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أم عطية . وهذا عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – خروج العواتق وذوات الخدور للصلاة ) (000ويعتزلن الحيض المصلى ) ليشهدن هذا الخير المبارك الذي جاء في رواية قلت يارسول الله إحدانا لايكون لها جلباب قال لتلبسها أختها من جلبابها ) وهو متفق عليه0
ثم أنها جاءت آثار عن الصحابة رضي الله أن منهم من كان يخرج أهله للصلاة 0
فهذا الإجماع الكبير للمسلمين لا شك انه مقدم على غيره لما فيه من النفع والتأليف والمودة والقوة ورفع التكبير والدعا كما قال تعالى :
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) من سورة البقرة 0
سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يعتبر مصلى العيد مسجد ويأخذ أحكام المسجد؟
فأجاب فضيلته بقوله: العلماء اختلفوا فيه هل هو مسجد أو مصلى: فمن قال: إنه مسجد أعطاه أحكام المساجد، ومن قال: إنه مصلى لم يعطه أحكام المساجد.
ويوم تجتمع القلوب على السنة وترك البدع والمخالفات يكون العيد عيدين تقوى بهذا الأمة لاشك ولا ريب في ذلك تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام والمسلمون في خير .

جاء المولد ! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! غنوا وكلوا وأطربوا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

جاء المولد ! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
غنوا وكلوا وأطربوا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

لا غرابة في قولي لو قلت أن علماء أهل السنة قد استنفذوا ما في وسعهم من أدلة شرعية وعقلية لإقناع المخالف من أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة بدعة بدعة ؟؟
وأن من أحدثها الباطنية العبيديين المسمين أنفسهم "بالفاطميين " زورا وبهتانا في القرن الرابع الهجري عندما حكموا مصر ولازال الدروز في سوريا ولبنان يعبدون احد سلاطينهم إلى اليوم وتابعهم في بدعة المولد بعض السلاطين والزهاد المتصوفة ،وهذه حقيقة تاريخية لم يستطع أحدا من المخالفين لأهل السنة إنكارها 0
لكن الهوى من أخطر المعاصي لأن صاحبه المبتدع يظن في قرارة نفسه أنه على حق وأنه يسير على الطريق الصحيح ويستضيء بضوء الشمس وهو عكس ذلك تماما بل هو في طريق الظلام ولكنه يستضيء بجو مقمر خادع لا ضوء الشمس التي يستمد من ضوءها جميع الكواكب النور ومنها القمر لهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا فإنما المؤمن كالجمل الأنف ؛ حيثما قيد انقاد ] . ( صحيح ) . عن العرباض بن سارية يقول : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا : يا رسول الله ! إن هذه لموعظة مودع ؛ فماذا تعهد إلينا ؟ قال : فذكره
ووقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم فخرجت الخوارج في أول بدعة وخرجت السبائية الرا فضة الباطنية أحفاد المجوس في بدعة أخرى في تاريخ المسلمين ؛ وظل دين الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم المحجة البيضاء ليلها كنهارها 000 لا يزيغ عنها ألا هالك0000
وبقى أهل السنة رقم صعب مناله على المبتدعين في كل زمان وفي كل مكان صعب أن يجاوزوه وأن قلوا وكثر أهل البدع لأن الله أخبر في كتابه قال تعالى : "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " (119) من سورة هود ،ولا ينفع صاحب البدعة فتاوى حكم الاحتفال بالمولد من كبار علماء الأمة التي تنشرها المساجد السلفية والمواقع والخطب المنبرية في كثير من بلدان المسلمين كلما جاءت المناسبة هذه وضرب لها الطار والطبل والمزمار وأكلت في أيامها الحلوى وحلت بأصحابها البلوى في الدين0 وظلوا بها متشبثين غير أن من المفيد أن نقول أن صاحب المعاصي وأن كبرت معاصيه يحدث نفسه بالتوبة والرجوع والإنابة إلى الله إلا صاحب الهوى ؟ ألا صاحب الهوى ؟ إلا صاحب الهوى ؟
لماذا يامسلمين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟

الكذب آفة اللسان

الكذب آفة اللسان
بسم الله الرحمن الرحيم
ماهو الكذب ؟
الكذب هو ما خالف الواقع
والله عز وجل يقول " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون "
الكذب من النفاق
والكذب من خصال المنافقين كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان "
الكذب طريق للفجور
والكذب يوصل صاحبه إلى الفجور كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا "
فالذي يكون خلقه الكذب ويعتاد الكذب حتى يصير من طبائعه يكتب عند الله كذابا وفي زمرة الكذابين وإن الإنسان لا يرضى أن يقال له بين الناس كذابا أفلا يأبى أن يكتب عند الله كذابا وربه هو الذي خلقه ورزقه نسأل الله السلامة.
والذي يكذب لا يصدقه الناس فحديثه منبوذ وهو مبغوض عند الناس
وصدق الشاعر إذ يقول:
ما أقبح الكذب المذموم صاحبه .... وأحسن الصدق عند الله والناس

الكذب من كبائر الذنوب
في البخاري من حديث سمرة بن جندب قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه " هل رأى احد منكم رؤيا " قال فيقص عليه ما شاء الله أن يقص وإنه قال لنا ذات غداة" إنه آتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق وإني انطلقت معهما " الحديث وفيه " أما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر –يقطع - شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينيه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق"
فيجب علينا أن نصدق مع الله ومع الناس، فتحري الصدق المرة تلوى المرة ثم بعد ذلك يصير الصدق خلقا لنا، كما في حديث ابن مسعود المتقدم .
والصادق يثق به الناس في كلامه وفي معاملاته ويرفع صاحبه عند الخالق وعند الناس، والله عز وجل بقول "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "
الصدق حلو وهو المر........والصدق لايتركه الحر
جوهرة الصدق لها زينة....يحسدها الياقوت والدر اهـ ملخصا.
جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي رحمه الله:
أَنْشَدَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ :
اُصْدُقْ حَدِيثَكَ إنَّ فِي.... الصِّدْقِ الْخَلَاصَ مِنْ الدَّنَسْ
وَدَعْ الْكَذُوبَ لِشَأنِهِ .......خَيْرٌ مِنْ الْكَذِبِ الْخَرَسْ
وَقَالَ آخَرُ :
مَا أَقْبَحَ الْكَذِبَ الْمَذْمُومَ صَاحِبُهُ..... وَأَحْسَنَ الصِّدْقَ عِنْدَ اللَّهِ وَالنَّاسِ
وَقَالَ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ :
الصِّدْقُ أَوْلَى مَا بِهِ.... دَانَ امْرُؤٌ فَاجْعَلْهُ دِينَا
وَدَعْ النِّفَاقَ فَمَا رَأَيْتُ....... مُنَافِقًا إلَّا مَهِينَا
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : لَا تَسْتَقِيمُ أَمَانَةُ رَجُلٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ لِسَانُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ .
، قَالُوا، أي الحكماء: وَالصِّدْقُ عِزٌّ وَالْكَذِبُ خُضُوعٌ " اهـ ملخصا
انظر إلى قول الحكماء كيف جعلوا الصدق عز لايخاف صاحبه أينما حل وارتحل، والكذب خضوع وذل يحمل صاحبه على تقمص شخصيات أخرى لكي لايعرف، وليدافع عن نفسه الأرضية البهيمية بحرية من وراء جدر، وهذه هي بعينها صفات المنافقين، فاحذر أن تكون من المنافقين وأنت لاتعلم، فخيار الصحابة خافوا ذلك على أنفسهم.
خطورة الكذب:
قال الامام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه القيم الفوائد" :

" إيّاك والكذب فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس، فإن الكذب يصور المعدوم موجودا، والموجود معدوما،والحق باطلا،والباطل حقا،والخير شرا، والشر خيرا، فيفسد عليه تصوره وعلمه عقوبة له، ثم يصور ذلك في نفس المخاطب المغتر به الراكن إليه فيفسد عليه تصوره وعلمه،ونفس الكاذب معرضة عن الحقيقة الموجودة نزاعة إلى العدم مؤثرة للباطل،وإذا فسدت عليه قوة تصوره وعلمه التي هي مبدأ كل فعل إرادي فسدت عليه تلك الأفعال وسرى حكم الكذب إليها فصار صدورها كصدور الكذب عن اللسان فلا ينتفع بلسانه ولا بأعماله، ولهذا كان الكذب أساس الفجور كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن الكذب يهدي إلى الفجور،وإن الفجور يهدي إلى النار"(متفق عليه). وأول ما يسري من الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده، ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله، فيعم الكذب أقواله وأعماله وأحواله فيستحكم عليه الفساد ويترامى داؤه إلى الهلكة، إن لم يتداركه الله بدواء الصدق يقلع تلك المادة من أصلها.
ولهذا كان أصل أعمال القلوب كلها الصدق، وأضدادها من الرياء والعجب والكبر، والفخر والخيلاء والبطر والأشر والعجز والكسل والجبن والمهانة، وغيرها أصلها الكذب، فكل عمل صالح ظاهر أو باطن فمنشؤه الصدق، وكل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب، والله تعالى يعاقب الكذاب بأن يقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه، ويثيب الصادق بأن يوفقه بالقيام بمصالح دنياه وآخرته،فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق ولا مفاسدهما ومضارهما بمثل الكذب." اهـ
قال العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" و إن الكاذب لمحذور في حياته لا يوثق به في خبر و لا معاملة، و إنه لموضع الثناء القبيح بعد وفاته، و لقد قرن الله تعالى الكذب بعبادة الأوثان، فقال تعالى : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ) [الحج : 30] . " ا.هـ من (الضياء اللامع من الخطب الجوامع).


أبو ريّة طعن في حديث الجساسة وكيف رُدّ عليه ؟ ماهو حديث الجساسة ؟ حديث الجساسة

أبو ريّة طعن في حديث الجساسة
وكيف رُدّ عليه ؟

ماهو حديث الجساسة ؟
حديث الجساسة
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر وهو يضحك فقال : ( ليلزم كل إنسان مصلاه ، ثم قال : أتدرون لم جمعتكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ، ولكن جمعتكم لأن تميماً الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم ، وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال ، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام ، فلعب بهم الموج شهراً في البحر ، ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس ، فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة ، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر ، لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر ، فقالوا : ويلك ما أنت ؟ فقالت : أنا الجساسة ، قالوا : وما الجساسة ؟ قالت : أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق ، قال : لما سمت لنا رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطانة ، قال : فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير ، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خَلْقاً ، وأشده وثاقاً ، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد ، قلنا : ويلك ، ما أنت ؟ قال : قد قدرتم على خبري ، فأخبروني ما أنتم ؟ قالوا : نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية ، فصادفنا البحر حين اغتلم ، فلعب بنا الموج شهراً ، ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه ، فجلسنا في أقربها ، فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر ، فقلنا : ويلك ما أنت ؟ فقالت : أنا الجساسة ، قلنا : وما الجساسة ؟ قالت : اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق ، فأقبلنا إليك سراعاً وفزعنا منها ، ولم نأمن أن تكون شيطانة ، فقال : أخبروني عن نخل بيسان ، قلنا : عن أي شأنها تستخبر ، قال : أسألكم عن نخلها هل يثمر ؟ قلنا له : نعم ، قال : أما إنه يوشك أن لا تثمر ، قال : أخبروني عن بحيرة الطبرية ، قلنا : عن أي شأنها تستخبر ، قال : هل فيها ماء ؟ قالوا : هي كثيرة الماء ، قال : أما إن ماءها يوشك أن يذهب ، قال : أخبروني عن عين زغر ، قالوا : عن أي شأنها تستخبر ، قال : هل في العين ماء ، وهل يزرع أهلها بماء العين ، قلنا له : نعم ، هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها ، قال : أخبروني عن نبي الأميين ما فعل ؟ قالوا : قد خرج من مكة ونزل يثرب ، قال : أقاتله العرب ؟ قلنا : نعم ، قال : كيف صنع بهم ، فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه ، قال لهم : قد كان ذلك ، قلنا : نعم ، قال : أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه ، وإني مخبركم عني ، إني أنا المسيح ، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج ، فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة ، فهما محرمتان علي كلتاهما ، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتاً يصدني عنها ، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها ، قالت - أي فاطمة - : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطعن بمخصرته في المنبر ، هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة - يعني المدينة - ألا هل كنت حدثتكم ذلك ؟ فقال الناس : نعم ، فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ، ألا إنه في بحر الشأم أو بحر اليمن ، لا بل من قبل المشرق ، ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو ، وأومأ بيده إلى المشرق ) ، قالت فحفظت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- .
وقد جعل الأئمة والحفاظ رواية النبي - صلى الله عليه وسلم- لهذه القصة من مناقب تميم رضي الله عنه ، ومن رواية الأكابر عن الأصاغر ، كما فعل الحافظ ابن حجر في ترجمته في الإصابة ( 1/368) ، وفتح الباري ( 12/46) ، والإمام النووي في شرح مسلم ، قال الحافظ في الإصابة : " مشهور في الصحابة كان نصرانيا ، وقدم المدينة فأسلم ، وذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - قصة الجساسة والدجال ، فحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه بذلك على المنبر وعُدَّ ذلك من مناقبة " .

وقال النووي عن الحديث : " هذا معدود في مناقب تميم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- روى عنه هذه القصة ، وفيه رواية الفاضل عن المفضول ، ورواية المتبوع عن تابعه ، وفيه قبول خبر الواحد " .


ومع ذلك فقد طعن فيه " أبو رية " في كتابه " أضواء على السنة المحمدية " وعقد فصلاً تحت عنوان " المسيحيات في الإسلام " زعم فيه أن حديث الجساسة من مسيحيات الصحابي الجليل تميم الداري الذي أراد أن يلوث الدين الإسلامي بإدخال المسيحيات فيه على حد زعمه ، بل قال : " إذا كانت الإسرائيليات قد لوثت الدين الإسلامي بمفترياتها ، فإن المسيحيات كان لها كذلك نصيب مما أصاب هذا الدين ، وأول من تولى كبر هذه المسيحيات هو تميم بن أوس الداري .... " ثم عرض لأحاديث زعم أنها من المسيحيات ومنها حديث الجساسة ، الذي تهكم به ساخراً ومستهزئا بقوله : " لعل علماء الجغرافيا يبحثون عن هذه الجزيرة ويعرفون أين مكانها من الأرض حتى نرى ما فيها من الغرائب التي حدثنا بها سيدنا تميم الداري " .
ثم استدل على صدق دعواه بكلام نقله عن الشيخ " رشيد رضا " أساء فيه النقل عنه ، وقدم وأخر ، واختصر في القول بما يؤيد دعواه ، مع أنه ليس في كلام الشيخ التصريح بكذب القصة ، ولا بتكذيب تميم رضي الله عنه .

ويمكن تلخيص الشبه المثارة حول الحديث فيما يلي :

أن الحديث بطوله ومشكلاته وغرائبه انفرد مسلم بإخراجه ، وانفردت فاطمة بنت قيس براويته عن النبي - صلى الله عليه وسلم – .
مع أن إخراج مسلم له في الصحيح كافٍ في الحكم عليه بالصحة ووجوب قبوله ، لما علم من مكانة أحاديث الصحيح وتلقي الأمة لها بالقبول ، والحديث رجاله ثقات عدول لا مطعن في واحد منهم ، ومع ذلك فقد رواه غير مسلم الإمام أحمد ، و أبو يعلى ، و أبو داود ، و ابن ماجه ، ورواه غير فاطمة بنت قيس من الصحابة : أبو هريرة ، و عائشة ، و جابر رضوان الله عليهم ، مما يدل على تعدد مخرجه وكثرة طرقه ، فالحديث لم ينفرد به الإمام مسلم ، ولم تنفرد بروايته فاطمة بنت قيس .
قال الحافظ رحمه الله في الفتح ( 13/328 ) : " وقد توهم بعضهم أنه غريب فرد ، وليس كذلك ..... ثم أخذ في ذكر طرق الحديث ومن رواه من الصحابة " .
ومن الشبه المثارة حول الحديث أن رواية النبي - صلى الله عليه وسلم – له عن تميم لا تلحقه بما حدَّث به من تلقاء نفسه ، ولا تدل على تصديقه للقصة أو إقراره بصحتها .
وعلى فرض التصديق والإقرار ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – لم يكن يعلم الغيب ، وهو كسائر البشر يحمل كلام الناس على الصدق إذا لم تحف به شبهة ، وتصديق الكاذب فيما لا يخل بأمر الدين ولا يترتب عليه حكم شرعي ليس من الأمور التي يعصم عنها الأنبياء .
وهذا الادعاء بأن الحديث لا يدخل تحت التقرير غير مسلَّم لأن التقرير كما عرفه أهل العلم من الأصوليين وغيرهم : " أن يسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إنكار قول قيل ، أو فِعْلٍ فُعِلَ بين يديه أو في عصره وعلم به " ، و قد حدَّث النبي - صلى الله عليه وسلم – بهذا الحديث على المنبر ، وفي جمع من الصحابة ، واعتبره موافقاً لما كان يحدثهم به عن المسيح الدجال وغيره من أشراط الساعة الكبرى ، فكيف يقال بأن مثل هذا لا يدخل تحت التقرير ؟! .
قال الحافظ رحمه الله في الفتح (13/323) : " وقد اتفقوا على أن تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لما يفعل بحضرته أو يقال ويطلع عليه بغير إنكار ، يدل على الجواز لأن العصمة تنفي عنه ما يحتمل في حق غيره مما يترتب على الإنكار فلا يقر على باطل " أهـ .
وأما الزعم بأنه ليس من أمور الدين التي يعصم الأنبياء عن تصديق الكاذب فيها فهو أشد امتناعاً ، إذ كيف لا نعتبر أخبار أشراط الساعة وقضايا الإيمان باليوم الآخر من أمور الدين ، وهل جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا لبيان ذلك ؟! .
ثم لو كان ما حدث به تميم رضي الله عنه كذباً ، فهل من الممكن أن يسكت الوحي عن بيان الحق فيما أخبر به ، خصوصاًَ وأن الأمر يتعلق بمسألة غيبية ، كما حدث في كثير من الحالات ، حينما كان المنافقون وأضرابهم يقولون خلاف ما يبطنون ، فينزل الوحي فاضحاً لهم ومبيناً كذبهم .
على أن النبي صلوات الله وسلامه عليه قد أخبر في غير ما حديث ، بالدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان ، حكماً عدلاً بشريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ، وعلى يديه يكون قتل الدجال ، وكل هذا مروي من طرق متكاثرة في الصحيحين وغيرهما من كتب السنن المعتمدة ، فإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الأشراط لم يكن متوقفاً على إخبار تميم رضي الله عنه ، وإنما انتهز النبي - صلى الله عليه وسلم - فرصة تحديث تميم بهذه القصة ليبين لهم أن ما حدَّثهم به حقٌ وواقع لا شك فيه .
وعلى التسليم بأن هذا الحديث من الإسرائيليات ، فهو من النوع الصحيح المقبول الذي ينبغي تصديقه لموافقته لما جاء في شريعتنا ، يشهد لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال ) ، وقد فسر جمع من المفسرين الدابة الواردة في قوله تعالى :{وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون }( النمل 82) بأنها الجساسة التي ورد ذكرها في حديث تميم كما هو مروي عن عبد الله بن عمرو ، وإذا كان الأمر كذلك فيكون في الآية تصديق لهذا الحديث ، لا سيما وأن الآية لا تنفي وجودها قبل يوم القيامة ، فإن المعلق على وقع القول خروج الدابة لا وجودها ، فقد تكون موجودة قبل هذا .
فما هي الخلاصة هل صح الحديث؟
فالخلاصة أن الحديث صحيح ، ومؤيد لأحاديث الدجال وأشراط الساعة ، واتهام تميم رضي الله عنه بالكذب وتلويث الإسلام ، طعن في هذا الصحابي الجليل الذي تشهد له سيرته بالزهد والعبادة والصلاح ، بل هو طعن في النبي - صلى الله عليه وسلم – ورسالته ، وكفى بذلك إثماً وبهتاناً مبيناً .

-----------------------------------------------------------
 محمود أبو رية . . ولد عام 1889 وتوفي بجيزة القاهرة عام 1970 م

[كتاب أضواءٌ على السنّةِ المُحمّديّةِ " ، هاجمَ فيهِ السنّةَ النبويّةَ ، وخلصَ إلى أنّها غيرُ ملزمةٍ لأحدٍ في العملِ بها ، وتطاولَ كذلكَ على الصحابةِ الكِرامِ ، وخصَّ من كتابهِ جزءً كبيراً في الهجومِ على الصحابيِّ الفقيهِ الإمامِ الربّانيِّ : أبي هريرةَ – رضيَ اللهُ عنهُ - ، وكتبَ فيهِ ما لم يكتبهُ كثيرٌ من علوجِ المُستشرقينَ ولا ضُلاّلِ الروافضِ من الهجومِ على الصحابةِ ، ولم يبقَ وصفٌ من صفاتِ السوءِ والدناءةِ إلا حطّهُ على أبي هريرةَ – رضيَ اللهُ عنهُ - ، وكانَ من جملتها اتهامهُ بالكذبِ صراحةً ، وبوضعِ الحديثِ واختلاقهِ .

وقد استقى كتابهُ السالفَ من مجموعةٍ من المراجعِ ، وكانَ على رأسِها كتابٌ لأحدِ علماءِ الرافضةِ ، وهو الشيخُ : عبدُ الحسينِ شرفُ الدّينِ ، وكتابهُ هو " أبو هريرةَ " ، وفي هذا الكتابِ خلصَ المؤلّفُ الرافضيِّ – عاملهُ اللهُ بما يستحقُّ – إلى أنَّ أبا هريرةَ – رضيَ اللهُ عنهُ – كانَ منافقاً كافراً ! ، ألا لعنةُ اللهِ على الظالمينَ .

وأمّا الفيصلُ الذي كانَ يُحاكمُ السنّةَ الصحيحةَ إليهِ في كتابهِ ، فهو العقلُ ، فالعقلُ – كما زعمَ – هو الحاكمُ والميزانُ العدلُ في نقدِ السنّةِ ، وبيانِ صحيحِها من سقيمِها .

وقد أحسنَ العلاّمةُ الشيخُ : مُصطفى السباعيُّ – برّدَ اللهُ مضجعهُ – في وصفِ أبي ريّةَ وكِتابهِ هذا ، عندما قالَ : " هذا هو أبو ريّةَ على حقيقتهِ ، جاهلٌ يبتغي الشُهرةَ في أوساطِ العلماءِ ، وفاجرٌ يبتغى الشهرةَ بإثارةِ أهلِ الخيرِ ، ولعمري إنَّ أشقى النّاسِ من ابتغى الشهرةَ عندَ المنحرفينَ والموتورينَ بلعنةِ اللهِ والملائكةِ والنّاسِ أجمعينَ " .

إنَّ من أعجبَ العجبِ أن يشتهرَ كتابُ أبي ريّةَ ، فيصلَ إلى جميعِ جامعاتِ أوروبّا وأمريكا ،لأنه يطعن في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولاتجد من يترجم له ويترحم عليه0
إنّها لحظةُ الموتِ وسكراتِهِ ، حيثُ لا يخفى شيءٌ من الحالِ ، وصدقَ الإمامُ أحمدُ – أعلى اللهُ درجتهُ في الجنّةِ - : " قولوا لأهلِ البدعِ بيننا وبينكم الجنائزُ " .

فكانتْ هذه خاتمتهُ ونهايةَ أمرهِ في الدّنيا :
يقول احد طلاب العلم كما نقلته :
سمعتُ من شيخي العلاّمةِ : مُحمّدِ بنِ مُحمّدٍ المُختارِ الشنقيطيِّ – متّعهُ اللهُ بالعافيةِ – في مجالسَ مُتعدّدةٍ ، أنَّ أبا ريّةَ عندما كانَ في وقتِ النزعِ الأخيرِ ، وساعةِ الاحتضارِ ، حضرهُ نفرٌ من النّاسِ ، ورأوهُ وقد اسودَّ وجههُ – والعياذُ باللهِ – وكان يصرخُ مرعوباً فزِعاً بصوتٍ عالٍ ، وهو يقولُ : آه ! ، آه ! ، أبا هريرةَ أبا هريرةَ ، حتّى ماتَ على تلكَ الحالِ .
اللهمَّ إنّا نعوذُ بكَ من الخذلانِ والضلالِ .
إنَّ اللهَ ليغارُ على أوليائهِ
.
 ------------------------------------------------------------------
 ومن هذه الدعاوى

قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (1/ 278) : أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي أنا أبو القاسم قراءة عليه أنا أبو علي الحسن بن محمد بن درستوية إجازة وأخبرنا أبو الفضائل ناصر بن محمود القرشي نا علي بن أحمد بن زهير نا علي بن محمد بن شجاع نا أبو علي الحسن بن محمد بن درستوية نا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمارة العطار نا إبراهيم بن سعيد الجوهري نا عبد الله بن نمير عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن مجاهد عن تبيع عن كعب قال أهل الشام سيف من سيوف الله ينتقم الله بهم ممن عصاه
أقول :

أورد أبو رية هذا الخبر طاعناً فيه على كعب الأحبار بالتزلف إلى أهل الشام ، ولا يصح إليه فإن فيه عبد الله بن مسلم بن هرمز اتفقوا على ضعفه وبعضهم تركه ، ولو صح فلا شيء فيه .فإن فضل الشام ثابتٌ في القرآن والأحاديث المستفيضة .
قال الله تعالى :{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
فوصف الأرض التي حول المسجد الأقصى بأنها مباركة 

-----------------------------------------------------------------------
ومنها أيضا:
قال الآجري في الشريعة[ 1359 ] : وحدثنا أبو حفص عمر بن سهل بن مخلد البزار من كتابه قال : حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة قال : حدثني سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت ، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال : حدثني أبي ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن المسور بن مخرمة ، عن أمه وكانت أمه عاتكة بنت عوف قالت : خرج عمر بن الخطاب يوما يطوف في السوق فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وكان نصرانيا فقال : يا أمير المؤمنين ، أعدني على المغيرة بن شعبة فإن علي خراجا كثيرا قال : فكم خراجك ؟ قال : درهمان في كل يوم قال : وأي شيء صناعتك ؟ قال : نجارا نقاشا حدادا قال : ما أرى خراجك بكثير على ما تصنع من الأعمال ، ثم لقد بلغني أنك تقول لو أردت أن أعمل رحى تطحن بالريح فعلت قال : نعم قال : فاعمل لي رحى قال : لأن سلمت لأعملن لك رحى يتحدث بها من بالمشرق والمغرب قال : ثم انصرف عمر إلى منزله فلما كان من الغد جاءه كعب الأحبار فقال له : يا أمير المؤمنين ، اعهد ، فإنك ميت في ثلاثة أيام قال : وما يدريك ؟ قال : أجده في كتاب الله عز وجل التوراة قال عمر : آلله إنك تجد عمر بن الخطاب في التوراة ؟ قال : اللهم لا ، ولكن أجد صفتك وحليتك ، وأنه قد فني أجلك قال وعمر لا يحس وجعا ، ولا ألما قال : فلما كان الغد جاءه كعب فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يوم وبقي يومان قال : ثم جاءه الغد فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يومان وبقي يوم وليلة ، وهي لك إلى صبيحتها قال ، فلما كان في الصبح خرج عمر بن الخطاب إلى الصلاة ، وكان يوكل بالصفوف رجالا فإذا استووا دخل هو فكبر قال : ودخل أبو لؤلؤة في الناس في يده خنجر له رأسان ، نصابه في وسطه ، فضرب عمر ست ضربات ، إحداهن تحت سرته ، هي التي قتلته ، وقتل معه كليب بن وائل بن البكير الليثي ، كان حليفهم ، فلما وجد عمر حر السلاح سقط ، وقال : أفي الناس عبد الرحمن بن عوف ؟ قالوا : نعم هو ذا قال : فتقدم بالناس فصلى قال : فصلى عبد الرحمن وعمر طريح ؟ قال : ثم احتمل فأدخل إلى داره ، ودخل عبد الرحمن بن عوف ، فقال : إني أريد أن أعهد إليك قال : يا أمير المؤمنين إن أشرت علي قال : وما تريد ؟ قال : أنشدك بالله أتشير علي بذلك ؟ قال : اللهم لا قال : إذن والله لا أدخل فيه أبدا قال : فهبني صمتا حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، أدع لي عليا وعثمان والزبير وسعدا ؛ قال : وانتظروا أخاكم طلحة ثلاثا فإن جاء ، وإلا فاقضوا أمركم ، أنشدك الله يا علي ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني هاشم على رقاب الناس ، أنشدك الله يا عثمان ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ، أ نشدك الله يا سعد ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل أقاربك على رقاب الناس ، قوموا فتشاوروا ، ثم اقضوا أمركم ، وليصل بالناس صهيب ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فقال : قم على بابهم فلا تدع أحدا يدخل إليهم ، وأوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم أن يقسم عليهم فيئهم ، ولا يستأثر عليهم ، وأوصى الخليفة من بعدي بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم أن يحسن إلى محسنهم ، وأن يعفو عن مسيئهم ، وأوصى الخليفة من بعدي بالعرب فإنهم مادة الإسلام ، أن تؤخذ صدقاتهم من حقها ، وتوضع في فقرائهم ، وأوصي الخليفة من بعدي بذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم ، اللهم هل بلغت تركت الخليفة بعدي على أنقى من الراحة ، يا عبد الله بن عمر ، اخرج إلى الناس فانظر من قتلني قال : يا أمير المؤمنين ، قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال : الحمد لله الذي لم يجعل قتلي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة يا عبد الله بن عمر ، اذهب إلى عائشة رضي الله عنها فسلها أن تأذن لي أن أدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، يا عبد الله ، إن اختلف الناس فكن مع الأكثر ، وإن كانوا ثلاثة وثلاثة ، فكن في الحزب الذي فيه عبد الرحمن بن عوف يا عبد الله بن عمر ، ائذن للناس فجعل يدخل عليه المهاجرين والأنصار يسلمون عليه ويقول لهم : أعن ملاء منكم كان هذا ؟ فيقولون : معاذ الله . قال : ودخل في الناس كعب الأحبار ، فلما نظر إليه عمر أنشأ يقول : وأوعدني كعب ثلاثا أعدها ولا شك أن القول ما قاله كعب وما بي حذار الموت إني لميت ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب فقيل له : يا أمير المؤمنين ، لو دعوت طبيبا ؛ قال : فدعي بطبيب من بني الحارث بن كعب ، فسقاه نبيذا فخرج النبيذ يعني مع الدم قال : فاسقوه لبنا ، فخرج اللبن أبيض فقيل له : يا أمير المؤمنين ، اعهد ، قال : قد فرغت ثم توفي ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين قال : فخرجوا به بكرة يوم الأربعاء ، فدفن في بيت عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وتقدم صهيب فصلى عليه وذكر الحديث بطوله.
وسند الآجري فيه تشويش وأضبط منه سند الطبري :حيث قال الطبري في تاريخه (3/363) : حدثني سلم بن جنادة قال حدثنا سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت بن عبد العزيز بن عمر بن عبدالرحمن بن عوف قال حدثنا أبي عن عبدالله بن جعفر عن أبيه عن المسور بن مخرمة به
أقول : وعبد العزيز بن أبي ثابت متروك له ترجمة حافلة في تهذيب الكمال (18/ 180)
وقد أورد أبو رية هذا الخبر زاعماً أن كعباً خطط لقتل عمر ! ، لهذا عرف متى يموت !
وقال ابن سعد في الطبقات (3/332): أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله ابن دينار عن سعد الجاري مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب دعا أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، وكانت تحته ، فوجدها تبكي فقال: ما يبكيك ؟ فقالت : يا أمير المؤمنين هذا اليهودي ، تعني كعب الأحبار ، يقول إنك على باب من أبواب جهنم، فقال عمر : ما شاء الله ، والله إني لأرجو أن يكون ربي خلقني سعيدا.
ثم أرسل إلى كعب فدعاه، فلما جاءه كعب قال : يا أمير المؤمنين لا تعجل علي ، والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجة حتى تدخل الجنة.
فقال عمر : أي شيء هذا ؟ مرة في الجنة ومرة في النار ، فقال : يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده إنا لنجدك في كتاب الله على باب من أبواب جهنم تمنع الناس أن يقعوا فيها فإذا مت لم يزالوا يقتحمون فيها إلى يوم القيامة.
أقول : سعد الجاري مجهول ، ولا شيء في هذا الخبر ، وقد أورده أبو رية
قال الحافظ في الإصابة (5/ 496) :" وأخرج ابن أبي خيثمة بسند حسن عن قتادة قال بلغ حذيفة أن كعبا يقولان السماء تدور على قطب كالرحى فقال كذب كعب أن الله يقول {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} "

أقول : قتادة لم يدرك كعباً ولا حذيفة إذ لم يدرك من الصحابة إلا أنس وعبد الله بن سرجس ، وفي هذا الخبر الذي أورده أبو رية طاعناً ما يدل على أن الصحابة كانوا ينقدون ما يذكر كعبٌ .
وهذا الخبر وإن لم يصح عن حذيفة فقد صح عن عبد الله بن مسع

-------------------------------------------------------------


 ومنه ايضا :

وقال ابن سعد في الطبقات (3/332): أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله ابن دينار عن سعد الجاري مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب دعا أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، وكانت تحته ، فوجدها تبكي فقال: ما يبكيك ؟ فقالت : يا أمير المؤمنين هذا اليهودي ، تعني كعب الأحبار ، يقول إنك على باب من أبواب جهنم، فقال عمر : ما شاء الله ، والله إني لأرجو أن يكون ربي خلقني سعيدا.
ثم أرسل إلى كعب فدعاه، فلما جاءه كعب قال : يا أمير المؤمنين لا تعجل علي ، والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجة حتى تدخل الجنة.
فقال عمر : أي شيء هذا ؟ مرة في الجنة ومرة في النار ، فقال : يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده إنا لنجدك في كتاب الله على باب من أبواب جهنم تمنع الناس أن يقعوا فيها فإذا مت لم يزالوا يقتحمون فيها إلى يوم القيامة.
أقول : سعد الجاري مجهول ، ولا شيء في هذا الخبر ، وقد أورده أبو رية
قال الحافظ في الإصابة (5/ 496) :" وأخرج ابن أبي خيثمة بسند حسن عن قتادة قال بلغ حذيفة أن كعبا يقولان السماء تدور على قطب كالرحى فقال كذب كعب أن الله يقول {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} "

أقول : قتادة لم يدرك كعباً ولا حذيفة إذ لم يدرك من الصحابة إلا أنس وعبد الله بن سرجس ، وفي هذا الخبر الذي أورده أبو رية طاعناً ما يدل على أن الصحابة كانوا ينقدون ما يذكر كعبٌ .
وهذا الخبر وإن لم يصح عن حذيفة فقد صح عن عبد الله بن مسعود
قال ابن جرير في تفسيره[ 22212 ] : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : جاء رجل إلى عبدالله ، فقال : من أين جئت ؟ قال : من الشام ، قال : من لقيت ؟ قال : لقيت كعبا ، فقال : ما حدثك كعب ؟ قال : حدثني أن السموات تدور على منكب ملك ، قال : فصدقته أو كذبته ؟ قال : ما صدقته ولا كذبته ، قال : لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها ، وكذب كعب إن الله يقول : { إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده} .

أقول : وقوله ( كذب كعب ) من باب ( أخطأ كعب ) كقول النبي صلى الله عليه وسلم ( كذب أبو السنابل ) ، وقول ابن عباس في نوف البكالي
( كذب عدو الله ) ، ولهذا وثق بقية الصحابة كعباً ورووا عنه ، وعلى هذا المعنى يخرج قول معاوية ( وإنا لنبلو عليه بعض الكذب
)
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
وقال ابن جرير في تاريخه (2/309) :" وعن رجاء بن حيوة ، عمن شهد ؛ قال : لما شخص عمر من الجانية إلى إيلياء ، فدنا من باب المسجد ، قال: ارقبوا لي كعباً ، فلما انفرق به الباب ، قال : لبيك ، اللهم لبيك ، بما هو أحب إليك ! ثم قصد المحراب ؛ محراب داود عليه السلام ، وذلك ليلاً ، فصلى فيه ، ولم يلبث أن طلع الفجر، فأمر المؤذن بإقامة ، فتقدم فصلى بالناس، وقرأ بهم [ص] ، وسجد فيها ، ثم قام ، وقرأ بهم في الثانية صدر [ بني إسرائيل ] ، ثم ركع ثم انصرف ، فقال : على بكعب ، فأتى به ، فقال : أين ترى أن نجعل المصلى ؟ فقال : إلى الصخرة ، فقال : ضاهيت والله اليهودية يا كعب ، وقد رأيتك ، وخلعك نعليك ، فقال: أحببت أن أباشره بقدمي ، فقال : قد رأيتك ، بل نجعل قبلته صدره ، كما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلة مساجدنا صدورها ، اذهب غليك ، فإنا لم نؤمر بالصخرة ، ولكنا أمرنا بالكعبة ، فجعل قبلته صدره ، ثم قام من مصلاه إلى كناسة قد كانت الروم قد دفنت بها بيت المقدس في زمان بني إسرائيل ؛ فلما صار إليهم أبرزوا بعضها، وتركوا سائرها ، وقال: يا أيها الناس ، اصنعوا كما أصنع ، وجثا في أصلها ، وجثا في فرج من فروج قبائه ، وسمع التكبير من خلفه ، وكان يكره سوء الرعة في كل شيء فقال: ما هذا ؟ فقالوا : كبر كعب وكبر الناس بتكبيره فقال : علي به فأتى به ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ إنه قد تنبأ على ما صنعت اليوم نبي منذ خمسمائة سنة ، فقال: وكيف ؟ فقال: إن الروم أغاروا على بني إسرائيل ، فأديلوا عليهم، فدفنوه ، ثم أديلوا فلم يفرغوا ثم أدليت الروم عليهم إلى أن وليت ، فبعث الله نبياً على الكناسة ، فقال: أبشرى أورى شلم! عليك الفاروق ينقيك مما فيك.
وبعث إلى القسطنطينية نبي ؛ فقام على تلها ، فقال : يا قسطنطينية ، ما فعل أهلك ببيتي! أخرجوه وشبهوك كعرشي ؛ وتأولوا علي ، فقد قضيت عليك أن أجعلك جلحاء يوماً ما ، لا يأوي إليك أحد ، ولا يستظل فيك على أيدي بني القاذر سبأ وودان ؛ فما أمسوا حتى ما بقي شيء "

أقول : في سنده إبهام كما ترى , وطرقه الأخرى لا تقويه فهاكها :

وقال أبو عبيد في الأموال [ 384 ] : وحدثني هشام بن عمار ، عن الهيثم بن عمران العنسي ، قال : سمعت جدي عبد الله بن أبي عبد الله ، يقول : لما ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام ، فنزل الجابية ، وأرسل رجلا من جديلة إلى بيت المقدس ، فافتتحها صلحا ، ثم جاء عمر ومعه كعب ، فقال : يا أبا إسحاق ، أتعرف موضع الصخرة ؟ فقال أذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعا ، ثم احتفر ، فإنك تجدها ، قال : وهي يومئذ مزبلة فحفروا فظهرت لهم ، فقال عمر لكعب : أين ترى أن نجعل المسجد ؟ - أو قال : القبلة - فقال : اجعلها خلف الصخرة ، فتجمع القبلتين : قبلة موسى عليه السلام ، وقبلة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : ضاهيت اليهودية يا أبا إسحاق ، خير المساجد مقدمها قال : فبناها في مقدم المسجد.

أقول : عبد الله بن أبي عبد الله شامي مجهول ، وقد يكون هو الساقط في خبر رجاء ، وهشام كبر فصار يلقن فيتلقن ، ولا أظن عبد الله أدرك عمر أو كعباً فإن كعباً متقدم الوفاة جداً فقد مات سنة 32 أي مات قبل عثمان بن عفان , والمتن هنا مختلف كثيراً عن المتن السابق .

وقال ابن كثير في تفسيره :" قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي سنان ، عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب ؛ أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كان بالجابية ، فذكر فتح بيت المقدس قال : قال أبو سلمة : فحدثني أبو سنان ، عن عبيد بن آدم قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب : أين ترى أن أصلي ؟ قال إن أخذت عني صليت خلف الصخرة ، فكانت القدس كلها بين يديك ، فقال عمر رضي الله عنه: ضاهيت اليهودية ، لا ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم إلى القبلة، فصلى ثم جاء فبسط رداءه وكنس الكناسة في ردائه ، وكنس الناس"

أقول : عيسى بن سنان أبو سنان شامي ضعيف ، وعبيد بن آدم شامي مجهول عين انفرد عنه أبو سنان الضعيف ، وقد يكون هو الساقط في الخبرين السابقين .
فالخلاصة : أن هذا الخبر مداره على المجاهيل والمبهمين .
وقال الكوثري في تبديد الظلام ص274:" أخرجه أبو إسماعيل الهروي في الفاروق عن كعب : إن الله نظر إلى الأرض فقال إني واطئ على بعضك فاستبقت له الجبال وتضعضعت الصخرة فشكر لها ذلك فوضع عليها قدمه فقال هذا مقامي . . ا ه‍ "

أقول : وهذا الخبر أورده أبو رية طاعناً على كعب ، ولا سند له ، ولو صح فليس فيه ما يمتنع

وقال ابن جرير في تفسيره حدثني يونس ، قال : أخبرنا عبد الله بن يوسف ، قال : ثنا عبد الله بن لهيعة ، قال : ثنا أبو الأسود ، عن عروة ، قال : كنا قعودا عند عبد الملك حين قال كعب : إن الصخرة موضع قدم الرحمن يوم القيامة ، فقال : كذب كعب ، إنما الصخرة جبل من الجبال ، إن الله يقول { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا } فسكت عبد الملك.

أقول : هذا خبرٌ منكر فإن كعباً لما مات كان عمر عبد الملك بن مروان سبع سنين ، فقد ذكر ابن سعد في الطبقات أن عمره كان عشر سنين يوم الدار ، وكان عبد الملك في أول حياته في المدينة ، فأين حصل هذا اللقاء ؟

وأما عروة فكان عمره عند وفاة كعب تسع سنين فقد ولد عام 23 ومات كعب عام 32 وهو مدني أيضاً.
إلا أن يكون عبد الملك قد روى هذا الخبر عن كعب رواية ، ولم يكن كعب حاضراً ، فيكون مرسلاً والله أعلم .

والحمل عندي في هذا الخبر على ابن لهيعة ، فإن له مناكير حتى قبل الاختلاط ، ضعفه مطلقاً من أجلها جمعٌ من الأئمة ثم إنه مذكور بالتدليس

وَقَال عبد الرحمن بن أَبي حاتم : سئل أبو زُرْعَة عن ابن لَهِيعَة سماع القدماء منه ؟ فقال : آخره وأوله سواء إلا أن ابن المبارك وابن وهب كانا يتتبعان أصوله فيكتبان منه ، وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ ، وكان ابن لَهِيعَة لا يضبط ، وليس ممن يحتج بحديثه (الجرح والتعديل : 5 / الترجمة 682).

وَقَال ابن حبان في [ المجروحين ] :" كان شيخا صالحا ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه. وَقَال أيضا : قد سبرت أخبار ابن لَهِيعَة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودا وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيرا "


وقال أبو رية في أضواء على السنة المحمدية ص296 : " وعن أبي هريرة - تلميذ كعب الأحبار - أن النبي قال : الأنهار كلها والسحاب والبحار والرياح تحت صخرة بيت المقدس وقال كعب : قال الله عز وجل لبيت المقدس : أنت جنتي وقدسي وصفوتي من بلادي ، من سكنك فبرحمة مني ، ومن خرج منك فبسخط مني عليه "

وهذا الحديث موضوع أورده ابن الجوزي في الموضوعات (2/51) :"
باب ذكر الأماكن في الفضائل والمثالب - باب في مدح مدن وذم مدن
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا ابن عدي حدثنا يحيى بن على بن هاشم حدثني محمد بن إبراهيم بن أبى سكينة حدثنا الوليد بن محمد حدثنا الزهري حدثنا سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربع مدائن من مدن الجنة في الدنيا : مكة والمدينة وبيت المقدس ودمشق وأربع مدائن من مدن النار في الدنيا : القسطنطينية والطيرانية وأنطاكية والمحترقة وصنعاء ، وإن من المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس " . هذا حديث لا أصل له . قال أحمد بن حنبل : الوليد ليس بشيء "

والخبر المذكور عن كعب الأحبار لا أصل له عنه

وقال في ص305 :" مع هذه الأمة المعصومة التي لا تجتمع على ضلالة - إذا حدث بعض أعيان التابعين عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كعطاء بن أبى رباح والحسن البصري وأبى العالية ونحوهم - وهم من خيار علماء المسلمين وأكابر أئمة الدين -توقف أهل العلم في مراسيلهم فمنهم من يرد المراسيل مطلقا ، ومنهم من يتقبلها بشروط ، إلى أن قال : وهؤلاء ليس بين أحدهم وبين النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إلا رجل ، أو رجلان ، أو ثلاثة مثلا . وأما ما يوجد في كتب المسلمين في هذه الأوقات من الأحاديث التي يذكرها صاحب الكتاب مرسلة ، فلا يجوز الحكم بصحتها باتفاق العلماء – فكيف بما ينقله كعب الأحبار وأمثاله عن الأنبياء"

أقول : أوردت هذا النص لأبين تناقض القوم ، فالعقلانيون يردون الأسانيد الصحيحة إذا خالفت عقولهم ، ثم يستدلون بالواهيات التي لا تصح عقلاً ولا نقلاً إذا وافقت هواه
ولم يكن الصحابة والتابعون يتدينون بالأخبار المنقولة عن التوراة
قال شيخ الإسلام في كتاب [ الاستغاثة في الرد على البكري ص 323 ] : فلما رخص في الحديث عن بني إسرائيل استجاز ذلك عبد الله بن عمرو
وعبد الله بن عباس وغيرهما ولكن لا يأخذون من ذلك ديناً لما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة ثم يفسرونها بالعربية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم . اهــ

قلت : فهذا أبو هريرة الذي يظهره أبو رية بصورة الكلف الشغوف بالإسرائيليات يروي هذا الخبر الذي يوجب التوقف فيها ما لم توافق شرعنا .

وفي نسخة وكيع عن الأعمش جاء ما يلي [34 ] : عن الأعمش ، عن أبي صالح ، قال : كان الحادي يحدو بعثمان ، ويقول : إن الأمير بعده علي وفي الزبير خلف رضي قال : فقال كعب : بل هو صاحب البغلة الشهباء ، يعني : معاوية ، فبلغ ذلك معاوية ، فأتاه ، فقال : يا أبا إسحاق ما تقول هذا ؟ وههنا علي ، والزبير وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أنت صاحبها .

أقول : أبو صالح السمان لم يدرك كعباً فقد نصوا على أنه لم يدرك أبا ذر ، وأبو ذر وكعب توفوا في عامٍ واحد ، وأبوصالح السمان كوفي مدني ، وكعب شامي

وقال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1/73) : حدثني محمد بن زرعة الرعيني قال: حدثنا مروان بن محمد قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله عن السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة: لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لألحقنك بأرض دوس. وقال لكعب: لتتركن الأحاديث، أو لألحقنك بأرض القردة. وقد سمعت أبا مسهر يذكر عن سعيد بن عبد العزيز نحواً منه، ولم يسنده.
أقول : محمد بن زرعة الرعيني وثقه العجلي وابن حبان ، ولم أجد أحداً وثقه معهم ، وقد خالفه أبو زرعة الثقة الثبت فروى الخبر عن أبي مسهر الثقة الثبت أيضاً عن سعيد ولم يسنده ( أي رواه منقطعاً ) ، وهذا أصح ولا شك فيكون الخبر ضعيفاً

 ---------------------------------------------------------------------


 

ماهي صفات المربي الناجح ؟


ماهي صفات المربي الناجح ؟
للمربي الناجح صفات كلما ازداد منها زاد نجاحه في تربية ولده بعد توفيق الله، وقد يكون المربي أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً أو عماً أو جداً أو خالاً، أو غير ذلك، وهذا لا يعني أن التربية تقع على عاتق واحد، بل كل من حول الطفل يسهم في تربيته وإن لم يقصد.
وصفات المربي كثيرة أهمها: العلم، والأمانة، والقوة، والعدل، والحرص، والحزم، والصلاح، والصدق، والحكمة.
(1- العلم: عُدَّةُ المربي في عملية التربية. فلابد أن يكون لديه قدر من العلم الشرعي، إضافة إلى فقه الواقع المعاصر.
والعلم الشرعي: هو علم الكتاب والسنّة، ولا يطلب من المربي سوى القدر الواجب على كل مكلف أن يتعلمه، وقد حدده العلماء بأنه "القدر الذي يتوقف عليه معرفة عبادة يريد فعلها، أو معاملة يريد القيام بها، فإنه في هذا الحال يجب أن يَعرف كيف يتعبد الله بهذه العبادة وكيف يقوم بهذه المعامل".
وإذا كان المربي جاهلاً بالشرع فإن أولاده ينشأون على البدع والخرافات، وقد يصل الأمر إلى الشرك الأكبر - عياذاً بالله -.
ولو نظر المتأمل في أحوال الناس لوجد أن جل الأخطاء العَقَدية والتعبدية إنما ورثوها عن آبائهم وأمهاتهم، ويَظَلُّون عليها إلى أن يقيّض الله لهم من يعلمهم الخير ويربيهم عليه، كالعلماء والدعاة والإخوان الصالحين أو يموتون على جهلهم.
والمربي الجاهل بالشرع يحول بين أبنائه وبين الحق بجهله؛ وقد يعاديه لمخالفته إياه، كمن يكره لولده كثرة النوافل أو ترك المعاصي أو الأمر بالمعروف أو طلب العلم أو غير ذلك.
ويحتاج المربي أن يتعلم أساليب التربية الإسلامية ويدرس عالم الطفولة، لأن لكل مرحلة قدرات واستعدادات نفسية وجسدية، وعلى حسب تلك القدرات يختار المربي وسائل زرع العقيدة والقيم وحماية الفطرة السليمة. ولذا نجد اختلاف الوسائل التربوية بين الأطفال إذا اختلفت أعمارهم، بل إن الاتفاق في العمر لا يعني تطابق الوسائل التربوية؛ إذ يختلف باختلاف الطبائع.
وعلى المربي أن يعرف ما في عصره من مذاهب هدَّامة وتيارات فكرية ,,,,,ة، فيعرف ما ينتشر بين الشباب والمراهقين من المخالفات الشرعية التي تَفدُ إلينا؛ ليكون أقدر على مواجهتها وتربية الأبناء على الآداب الشَرعية.
(2- الأمانة: وتشمل كل الأوامر والنواهي التي تضمنها الشرع في العبادات والمعاملات. ومن مظاهر الأمانة أن يكون المربي حريصاً على أداء العبادات، آمراً بها أولاده، ملتزماً بالشرع في شكله الظاهر وفي الباطن، فيكون قدوة في بيته ومجتمعه، متحلياً بالأمانة، يسلكُ في حياته سلوكاً حسناً وخُلُقاً فاضلاً مع القريب والبعيد في كل حال وفي كل مكان؛ لأن هذا الخُلُق منبعه الحرص على حمل الأمانة بمعناها الشامل
.
(3- القوة: أمرٌ شامل فهي تفوّقٌ جسديٌّ وعقليٌّ وأخلاقيٌّ، وكثير من الآباء يتيسر لهم تربية أولادهم في السنوات الأولى؛ لأن شخصياتهم أكبر من شخصيات أولادهم ، ولكن قليلٌ أولئك الآباء الذين يظلون أكبر وأقوى من أبنائهم ولو كبروا.
وهذه الصفة مطلوبة في الوالدين ومن يقوم مقامهما، ولكن لابد أن تكون للأب وهي جزء من القوامة، ولكن ثمة خوارقٌ تكسر قوامة الرجل وتضعف مكانته في الأسرة، منها:
* أن تكون المرأة نشأت في بيت تقوده المرأة، والرجل فيه ضعيف منقاد، فتغضب هذه المرأة القوامة من الرجل بالإغراء، أو التسلط وسوء الخُلق، واللسان الحاد.
* أن تعلن المرأة أمام أولادها التذمر أو العصيان، أو تتهم الوالد بالتشدد والتعقيد، فيرسخ في أذهان الأولاد ضعف الأب واحتقار عقليته.
* أن تَعرض المرأة على زوجها أمراً فإذا أبى الزوج خالفته خفية مع أولادها، فيتعود الأولاد مخالفة الوالد والكذب عليه.
ولابد أن تسلم المرأة قيادة الأسرة للرجل، أباً كان أو أخاً كبيراً أو خالاً أو عماً، وعليها أن تنقاد لأمره ليتربى الأولاد على الطاعة، وإن مَنَعَ شيئاً فعليها أن تطيع. وإن خالفه بعض أولادها فيجب أن تخبر الأب ولا تتستر عليه لأن كثيراً من الانحرافات تحدث بسبب تستُّر الأم.
وفي بعض الأحوال تصبح الأم في حيرة، كأن يطلب الأولاد شيئاً لا يمنعه الشرع ولا الواقع، ولكن الأب يمانع لرأي يراه قد يفصح عنه وقد يكتمه، فيحاول الأولاد إقناع الأب فلا يقتنع، ففي هذه الحال لابد أن تطيع المرأة، وتطيّب نفس أولادها وتبين لهم فضل والدهم ورجاحة عقله، وتعزيهم بما في الحياة من أحداث تشهد أن للوالدين إحساساً لا يخيب، وهذا الإحساس يجعل الوالد أحياناً يرفض سفر ولده مثلاً، ثم يسافر الأصدقاء فيصابون بأذى فيكون رفض الوالد خيراً وذلك بسبب إحساسه.
(4- العدل: وقد كان السلف خير أسوة في العدل بين أولادهم، حتى كانوا يستحبون التسوية بينهم في القُبَل ، وعاتب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – رجلاً أخذ الصبي وقبَّله ووضعه على حجره ولما جاءت بنته أجلسها إلى جانبه، فقال له: "ألا سوَّيت بينهما"، وفي رواية "فما عدلت بينهما".
والعدل مطلوبٌ في المعاملة والعقوبة والنفقة والهِبَة والملاعبة والقُبَل، ولا يجوز تمييز أحد الأولاد بعطاء لحديث النعَمان المشهور حيث أراد أبوه أ، يهبه دون أخوته، فقال له النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "أشهد غيري فإني لا أشهد على جور" ، إلا أن هناك أسباباً تبيح تمييز بعض الأولاد كاستخدام الحرمان من النفقة عقاباً، وإثابة المحسن بزيادة نفقته، أو أن يكون بعضهم محتاجاً لقلة ماله وكثرة عياله.
ولا يعني العدل تطابق أساليب المعاملة، بل يتميز الصغير والطفل العاجز أو المريض ، وذلك لحاجتهما إلى العناية. وكذلك الولد الذي يغيب عن الوالدين بعض أيام الأسبوع للدراسة أو العمل أو العلاج، ولابد أن يبيّن الوالدان لبقية الأولاد سبب تمييز المعاملة بلطف وإشفاق، وهذا التميز ليس بدرجة الكبيرة ولكن فرق يسير بين معاملة هؤلاء ومعاملة البقية، وهذا الفرق اليسير يتسامح الإخوة به ويتجاوزون عنه.
ومما يزرع الكراهية في نفوس الإخوة تلك المقارنات التي تُعقد بينهم، فيُمدح هذا ويُذم هذا، وقد يقال ذلك عند الأصدقاء والأقارب فيحزن الولد المذموم ويكره أخاه.
والعدل ليس في الظاهر فقط، فإن بعض الناس يعطي هذا خفية عن إخوته وهذا الاستخفاء يعلِّمُ الطفل الأنانية والتآمر.

7- الصلاح: فإن لصلاح الآباء والأمهات أثر بالغ في نشأة الأطفال على الخير والهداية – بإذن الله – وقد قال سبحانه: { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} ، وفيه دليل على أن الرجال الصالح يُحْفَظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم إلى درجته في الجنة لتقر عينه كما جاء في القرآن ووردت به السنة.
ومن المُشاهَد أن كثيراً من الأسر تتميز بصلاحها من قديم الزمن وإن ضل ولد أو زلَّ فَاءّ إلى الخير بعد مدة؛ لصلاح والديه وكثيرة طاعتهما لله. وهذه القاعدة ليست عامة ولكن هذا حال غالب الناس. وقد يظن بعض الناس أن هذا لا أثر له، ويذكرون أمثلة مخالفة لذلك، ليبرروا تقصيرهم وضلالهم.
8- الصدق: وهو "التزام الحقيقة قولاً وعملاً"، والصادق بعيد عن الرياء في العبادات، والفسث في المعاملات، وإخلاف الوعد وشهادة الزور، وخيانة الأمانات.
وقد حذر النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – المرأة المسلمة التي نادت ولدها لتعطيه، فسألها: "ماذا أردت أن تعطيه؟" قالت: "أردت أن أعطيه تمراً"، فقال: "لو لم تعطيه شيئاً كُتبت عليكِ كذبة"
ومن مظاهر الصدق ألا يكذب المربي على ولده مهما كان السبب، لأن المربي إذا كان صادقاً اقتدى به أولاده، وإن كان كاذباً ولو مرة واحدة أصبح عمله ونصحه هباء، وعليه الوفاء بالوعد الذي وعده للطفل، فإن لم يستطع فليعتذر إليه.
وبعض الأطفال يتعلم الرياء بسبب المربي الذي يتظاهر أمام الناس بحال من الصلاح أو الخلق أو الغنى أو غيرها ثم يكون حاله خلاف ذلك بين أسرته.
9- الحكمة: وهي وضع كل شيء في موضعه، أو بمعنى آخر: تحكيم العقل وضبط الانفعال، ولا يكفي أن يكون قادراً على ضبط الانفعال واتباع الأساليب التربوية الناجحة فحسب، بل لابد من استقرار المنهج التربوي المتبع بين أفراد البيت من أم وأب وجد وجدة وإخوان وبين البيت والمدرسة والشارع والمسجد وغيرها من الأماكن التي يرتادها؛ لأن التناقض سيعرض الطفل لمشكلات نفسية.
وعلى هذا ينبغي تعاون الوالدين واتفاقهما على الأسلوب التربوي المناسب، وإذا حدث أن أمر الأب بأمر لا تراه الأم فعليها أن لا تعترض أو تسفِّه الرجل، بل تطيع وتنقاد ويتم الحوار بينهما سراً لتصحيح خطأ أحد الواليدن دون أن يشعر الطفل بذلك.
المصدر: كتاب: "كيف تربي ولدك"

الثاني الأسلوب: تطيعني غصب :
فعندما يقول الأب مثلاً: أنا أبوك ولازم تسمع الكلام، فكأن الأب يقول: أنا لا أستطيع أن أقنعك وليس عندي إلا القوة حتى يمشي كلامي، أتمنى أن يتخيل هذا الأب وهو يسمع مديره في العمل يقول له أمام الموظفين: أنا مديرك ولازم تنفذ ما أقول لك، فكيف سيكون رد الفعل؟!

الثالث الأسلوب: من الأساليب الخاطئة: الأب الراشي والابن المرتشي :
الصورة الأولى، كقول أحد الوالدين لابنه: إذا حفظت جدول الضرب فسأعطيك كذا وكذا يعني ليس متأكداً أن الابن يقدر يحفظ، فالبديل المناسب أن نعترف له أن في جدول الضرب صعوبة ونؤكد على ثقتنا في قدرته على الحفظ كأن تقول الأم مثلاً: الله يعينك، أنا أعرف أن جدول الضرب صعب، وفي نفس الوقت متأكدة أنك ستحفظه، ولا مانع من مكافأته بحافز جيد إذا حفظ ولكن بدون وعد والتزام مسبق، ومن صور هذا الأسلوب:
الصورة الثانية: أن يقول أحد الوالدين لابنهما: إذا لم تضرب إخوانك سأعطيك كذا، من ناحية كأننا نقول: نتوق أنك تضرب إخوانك، وهذا يجعله يستمر؛لأننا رسمنا له صورة عن نفسه.
ومن ناحية أخرى يبدأ الولد يتعمد المخالفة حتى يحصل على ما يريد بطريقة الرشوة، وهذه مشكلة أخرى..

الرابع الأسلوب: من أساليب السيطرة الخاطئة: طريقة (أوعدك) :
يجب ألاّ يعطي الآباء وعوداً ولا يأخذوا وعوداً من أبنائهم بقدر الإمكان؛ لأن علاقتنا مع أبنائنا يجب أن تبنى على الثقة، فإذا اهتزت ثقة أحد الطرفين بالآخر أصبحت الوعود والمواثيق ضرورية مثل نبي الله يعقوب عندما فقد الثقة بأبنائه "قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ" (يوسف: من الآية64)، فطلب تأكيد أقوالهم بالأيمان المغلظة والمواثيق "قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ" (يوسف:66)، وهذا توكيد آخر عندما يلزم أحد الأبوين نفسه بأن يعد ويؤكد ما يقول فإنه بذلك يعترف أن كلامه غير الموعود به غير جدير بالثقة، كأنما يقول لأبنائه: إذا لم أعدكم فلا تصدقوني، فعندما يعد الأب ابنه ولم يتيسر ذلك لظروف خارجة عن إرادته يشعر الأطفال بأننا نضحك عليهم، ويقتنعون بأن آباءهم ليسوا محل ثقة، والشكوى لا تتوقف، أنت قلت كذا، أنت وعدتني، ويجلس يكررها بطريقة تجعل الأب يندم أنه وعده ولا يستطيع أن يرد رداً مقنعاً، وتصبح شخصيته ضعيفة أمام أبنائه.

الخامس الأسلوب: من أسوأ أساليب السيطرة على الأبناء الصغار وأخطرها أثراً على نفسية الطفل: أسلوب التلاعب بالثوابت النفسية لدى الطفل، كأن تقول الأم لابنها إذا أخطأ: (ما أحبك) ، أو تجمع هذا الأسلوب السيئ مع أسلوب التهديد، فتقول بأسلوب التهديد: إذا فعلت كذا فأنا لا أحبك، فهذا أسلوب سيئ للغاية؛ لأن الأساس الذي يستمد منه الطفل قوته وثقته بنفسه وطمأنينته هو حب أمه له، فإذا هدد بهذا الحب ينشأ ضعيفاً غير واثق بحب أحد له، متعطشاً دائماً للمزيد من الطمأنينة لحب الآخرين له، و_للأسف الشديد_ هذا القلق وعدم الطمأنينة والحاجة للحب تخزن في العقل ولا يمسحها سرعة تغيير الأم لموقفها بابتسامة حنونة بعد استسلام طفلها لهذا التهديد الغريب، أبداً لا يمسحها، ثم إن الأم يجب عليها أن تصدق حتى مع الطفل فإن هذه الكلمة كذب، فهي في الحقيقة ستظل تحبه وإن فعل ما لا تريد، وإنما هي لا تحب الفعل بذاته وليس صاحبه، لا يستهان بالكذب مع الصغير، أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "من قال لصبي: تعال هاك أعطك ولم يعطه كتبت كذبة"، و_للأسف_ مثل هذه الأم تهدي الأمة أجيالاً ضعيفة من الداخل بسوء استغلال هذه لعاطفة ابنها وحاجته لحبها.
السادس الأسلوب: (كلمة عيب) :
يقول الدكتور عبد الكريم بكار في شريط (هكذا تكون الأمهات): "إن كلمة عيب تنمي عند الابن الشعور بالرقابة الاجتماعية فيفهم أنه من الخطأ أن يراك أحد تفعل هذا الأمر، وهذا يعني لا مشكلة لو لم يرك أحد.." انتهى كلامه، يعني تربية يومية على الرياء، وهذا سيئ جداً، والبديل الصحيح تنمية الشعور لمراقبة الله بدلاً عن مراقبة الناس – كما ذكرت صاحبة الرسالة التي ذكرناها في (رسالة أم) مقال سابق – وكيف قال ابنها إنها تجلس معه دائماً في الصباح وتنصحه وتذكره بأنه إن لم يكن يرى الله فإن الله يراه وتوصيه بالإخلاص وصدق النية وتغرس في ابنها بذلك سر الصلاح في الدنيا وسر الفلاح في الآخرة، هذا ما نريده تماماً تنمية الرقابة الذاتية في نفس الطفل بتنمية شعوره بمراقبة الله له.
السابع الأسلوب: من أساليب السيطرة الخاطئة: أسلوب الغضب والزعل :
يقول الدكتور قتيبة الجلبي في كتابه القيّم (100 سؤال) في مشاكل الأطفال: إن استعمال الغضب والزعل كوسيلة للسيطرة على تصرفات الطفل الخاطئة هي من أكبر وأكثر الأخطاء التربوية شيوعاً، فترى الأم تظل طول النهار عابسة الوجه غاضبة على طفلها وقد تصرخ به بين الحين والحين، وكأن هذا الزعل هو بالذات وسيلة للسيطرة على الطفل وتعليمه الانضباط.
ولو أن شرطياً لا يحق له استعمال أياً من سلطاته وكل ما يبديه هو العبوس في وجه المخالفين والصراخ هنا وهناك، هل تعتقد أن هناك من سيطيعه؟! أبداً ليس الخطأ إظهار زعل الوالدين أحياناً حتى يعرف المشاعر التي سببها، ولكن إظهار الغضب دائماً هو الخطأ. انتهى كلامه.
إضافة إلى ما في ذلك من استنزاف – أي: الغضب والانفعال – إضافة إلى ما فيه من استنزاف لأعصاب الوالدين وإرهاق لنفسيتهم وإضعاف تدريجي لقيمة غضبهم في أعين صغارهم، كل هذا يجتمع ليجعلنا نبتعد عن هذا الأسلوب.

مسائل يكثر عنها السؤال في رمضان منتخبة من كلام العلماء

مسائل يكثر عنها السؤال في رمضان
منتخبة من كلام العلماء

مع الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
اولا:حكم رؤية من رأى الهلال وحده
السؤال (133): فضيلة الشيخ ، ما حكم من رأى الهلال وحده ولم يصم معه الناس؟
الجواب : من رأى الهلال وحده يجب عليه أن يبلغ به المحكمة الشرعية ويشهد به ، ويثبت دخول شهر رمضان بشهادة الواحد إذا ارتضاه القاضي وحكم بشهادته، فإن ردت شهادته فقد قال بعض العلماء : إنه يلزمه أن يصوم ، لأنه تيقن أنه رأى الهلال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " صوموا لرؤيته" وهذا قد رآه.
وقال بعض أهل العلم: لا يلزم أن يصوم ، لأن الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس ، وموافقته للجماعة خير من انفراده وشذوذه ، وفصل آخرون فقالوا : يلزمه الصوم سرا ، فيلزمه الصوم ، لأنه رأى الهلال ، ويكون سراً لئلا يظهر مخالفة الجماعة


حتى لاتخلط إليك الفرق بين السلفية والإخوان المسلمون

حتى لاتخلط إليك الفرق بين السلفية والإخوان المسلمون
يخطى الكثير من السياسيين والمثقفين والعوام في كثير من المفاهيم التي أصبحت تتداولها كثير من وسائل الإعلام في الوقت الراهن ،من هنا نشأت مشكلات تحديد الرؤية للسياسة الشرعية في كثير من القضايا السياسية التي يمر بها العالم الإسلامي 0
فمن الخلط أن تكون السلفية هي حزبية الإخوان المسلمين مع أن البون شاسع بينهما والخلاف كبير خلاف تضاد لاخلاف أفهام فلا تنتمي مدرسة الإخوان المسلمين اصلاً للسلفية التي عليها شيخ الإسلام أبن تيمية وأبن القيم والصنعاني والشوكاني ومحمد بن عبد الوهاب إنما مدرستهم تنتمي للصوفية القبورية على الحقيقة لأساتذتها وطلابها الأوائل ولهذا لايعدحركتهم كثيرمن أهل العلم المعاصرون اليوم ومنهم من توفى رحمهم الله من أهل السنة والجماعة التي قد بينتها كثيراً بأدلتها – أنظر مواضيعي في جنازة شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله – ويرى البعض أنه قد يوجد بينهم من يكون على عقيدة أهل السنة والجماعة كأشخاص وافراد لا في المجموع ،وفي كل الأحوال فهم يعدون من فرق المبتدعة في فتاوى كبار علماء العصر اليوم مثلهم كمثل فرق الصوفية والروافض وغيرهم 0
والسلفية منهج أثري شرعي للدعوة للكتاب والسنة على طريقة اهل القرون المفضلة الأولى ،تأتي قضية التوحيد وتعلم العلم الشرعي في أولى مهام الدعوة إلى الله تعالى على علم وبصيرة بأدلة الكتاب والسنة وعلى نهج السلف الصالح كما قال تعالى (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)والدعوة إلى الله بالحكمة ، والحكمة هي العلم والبيان والحجة كما ذكر العلماء رحمهم الله فتدعو بالعلم وبالأخلاق الطيبة وبالرفق واللين ، العامي وغير العامي ، ليس ببرنامج سياسي لتجميع الناس حول سياسة الحزب كما يفعله الإخوان المسلمون حيث قضيتهم الأولى الأولى الحكم والوصول إلى السلطة بأي طريقة كانت ثورات إنقلابات مظاهرات إنتخابات وغيرها من السبل فالغاية تبرر الوسيلة0
وفي سبيل الدعوة إلى الله فهم مختلفون إختلافاً كبيراً وبيناً مع دعوة مشائخ وطلاب العلم والمراكز العلمية للدعوة السلفية فلاينكرون البدع المكفرة أو المفسقة وتجدهم حماسيون في خطبهم في تهجيج الأمة ويمارسون تناقضات كبيرة جدا في تعاملهم مع الحكام المسلمين او الكفار فبا الأمس القريب لهم مواقف وتحالفات مع ولاة أمور ظلمة وفسقة وغيرها من المخالفات وخطبهم وكتبهم معروفة ومحفوظة ولم يبذلوا النصح لهم للرجوع للحق ثم تجدهم يتحولون إلى ثوار عليهم تحت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي كانوا مغيبينه ،فبعدهم عن المنهج الصحيح يجعل مواقفهم متناقضة خلافا لأهل السنة المنضبطين بقواعد شرعية 0
ثم أن الإخوان المسلمين فرق وجماعات وأحزاب واطياف مختلفة يوجد بها كل فرق اهل الباطل سواء كانوا من المسلمين أو النصارى في بلاد المسلمين طالما أن هدفهم يلتقي مع بعض سياسيا فهم أخوة،
بينما السلفيون يتبرؤون من هذه الفرق المخالفة لدين الإسلام 0
والجماعات الجهادية في مصر واليمن والسعودية والجزائر و باكستان وأفغانستان واندونيسيا وغيرها من البلدان هي من ثوب ونسيج الإخوان المسلمين من حيث النشأة – راجع جنازة ابن تيمية أيضا –
وانظر ماذا جنى الجهاد الأفغاني والجزائري وغيره للمسلمين من نكبات وضحايا ؟
وأقوال علماء السلفية ثابتة لا تتبدل ولا تتغير ذهب القوم أو رجعوا هم باقون على دعوة الكتاب والسنة في محاربة الشركيات والبدع ودعوة الناس إلى الحق وإلى الأخلاق الفاضلة وترك الفتن ومحاربة التشبه بالكفار واعتزازنا بالدين الإسلامي 0
علماء السلفية في العصر الراهن إذا تريد أقوالهم في أي مسألة حتى تعرف الفرق ولا تخلط أبرزهم :
الشيخ الألباني
الشيخ بن باز
الشيخ بن عثيمين
الشيخ مقبل الو ادعي
الشيخ صالح الفوزان
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي
الشيخ محمد الإمام
الشيخ يحي الحجوري
الشيخ عبد الرحمن العدني
الشيخ عبد الله بن بريك
الشيخ عبد العزيز البرعي
وغيرهم من رجال العلم والدعوة إلى الله الثابتين
واما وأبرز الإخوان المسلمين في هذا العصر حتى لاتخلط :
سيد قطب/ مصري
محمد قطب /مصري
حسن البناء/ مصري
محمد الغزالي/ مصري
عبد الله عزام/ فلسطيني
أحمد ياسين/ فلسطيني
سعيد حوى/ مصري
يوسف القرضاوي/ مصري
عبد المجيد الزنداني/ يمني
عمرو خالد / مصري
عمر أحمد سيف /يمني
إسماعيل العمراني/ يمني
عبد الوهاب الديلمي/ يمني
ياسين عبد العزيز / يمني
محمد الصادق/يمني
سالم بكير /يمني
سلمان بن فهد العودة/ سعودي
سفر الحوالي/ سعودي
عوض القرني/ سعودي
عائض القرني/ سعودي
طارق السويدان/ كويتي

وغيرهم كثير في بعض البلدان العربية ويعيش آخرون في دول أوربا وأمريكا الشمالية0
على هذا الفرق واضح وكبير فيظهر خطأ من يقول عنهم بالسلفيين فليست أصولهم سلفية وهم أصلا ليسوا بعلماء دين في نظر كبار العلماء السلفيون اليوم؛ ويطلق عليهم بالحركيين أو الحزبيين 0

العصبية القبلية والطائفية والحزبية دمار أسرع في خراب المجتمع

االعصبية القبلية والطائفية والحزبية دمار أسرع في خراب المجتمع
لم يفلح أي مجتمع من المجتمعات في تاريخ المسلمين أتخذ من العصبية القبلية والطائفية مبدأ له في الحكم .
اعلم أن الله سبحانه ركب في طبائع البشر الخير والشر، كما قال تعالى: " وهديناه النجدين " ، وقال: " فألهمها فجورها وتقواها " . والشر أقرب على العصبية ، إلا من وفقه الله إلى الخير .
جاء في الترمذي عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول كنا في غزاة قال سفيان يرون أنها غزوة بني المصطلق فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال المهاجري ياللمهاجرين وقال الأنصاري ياللأنصار فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بال دعوى الجاهلية قالوا رجل من المهاجرين كسع رجلا من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوها فإنها منتنة فسمع ذلك عبد الله بن أبي ابن سلول فقال أوقد فعلوها والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وقال غير عمرو فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله والله لا تنقلب حتى تقر أنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز ففعل قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح .والحديث يصححه الشيخ الألباني رحمه الله،فكان الخلل الذي أدرك مجتمعات المسلمين فيما سبق وخربها بعد أن كانت عمار أتى أغلبه أو قل جله من هذا الباب، فمن دواعي زوال ملك بني أمية وبني العباس وغيرهم من الملوك والسلاطين كما في كتب التاريخ والأثر تحولهم إلى العصبية والطائفية والحزبية الممقوتة والملك العضوض كما يقال،لأن من أخلاق البشر فيهم الظلم والعدوان بعض على بعض. فمن امتدت عينه إلى متاع أخيه امتدت يده ألي أخذه ألا أن يصده وازع كما قال:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعلة لا يظلم
ويحدثنا التاريخ عن أنواع من العصبية راحت ضحيتها أرواح مؤمنة بين اليمانية و المضرية، واليمانية والنزارية وافتخرت نزار على اليمن، وافتخرت اليمن على نزار، وأدْلى كل فريق بماله من المناقب، وتحزبت الناس وتفرقت، وثارت العصبية في البدو والحضر فنتج بذلك أمور منها خراب الملك والعمران في الشام والأندلس والعراق واليمن وغيرها من البلدان0
وقد دفعت حضرموت وكندة ضريبتها حين أختارت العصبية أكثر من مرة ولعل حروب الردة وامتناع كندة عن دفعها للزكاة أكبر مثال لما جنته العصبية القبلية على أهلها ناهيك عن غيرها من الحوادث التي هي عبرة لمن يعتبر0
والخوارج والرفض والطائفية والمذهبية صنف من صنوف العصبية والحزبية قائم أثره إلى اليوم في كل مكان .
قال ابن الأثير في الكامل في التاريخ ( 000فألقى النار في عدة أماكن من الكرخ، [ قلت في العراق ] فاحترق حريقاً عظيماً، وكان عدة من احترق فيه سبعة عشر ألف إنسان، وثلاثمائة دكان، وكثير من الدور، وثلاثة وثلاثين مسجداً، ومن الأموال ما لا يحصى.) أنتهى
ومن هذا تفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم" دعوها فإنها منتنة " أي العصبية الجاهلية التي يدعو بها أقوام لتكون بدلا من قواعد الشرع والدين
وأساساً لحكم المسلمين دون شرع الله .
فكانت وبال على دعاتها في بلادنا خاصة بمزيداً من الظلم والقتل والثارات التي لاتنتهي ، والقلاقل في كل مكان.
وكذلك الحزبية الحديثة بصورها المختلفة من دينية وسياسية حصدت في الأمس القريب العشرات من الأنفس والأموال وغيره في عدن وصنعاء وتعز وحضرموت0
وما جعل الله في قلوب عباده من الشفقة والنعرة على ذوي أرحامهم وأقربائهم موجودة في الطبائع البشرية، وبها يكون التعاضد والتناصر وهو مايؤكده حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم :" تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم " بمعنى، أن النسب إنما فائدته هذا الالتحام الذي يوجب صلة الأرحام حتى تقع المناصرة والنعرة وما فوق ذلك مستغنى عنه، إذ النسب أمر وهمي لا حقيقة له، ونفعه إنما هو في هذه الوصلة والا التحام. فإذا كان ظاهراً واضحاً حمل النفوس على طبيعتها من النعرة كما قلناه.وأما خلاف ذلك من الظلم وسفك الدماء وغمط الحق والاعتداء على الآخرين بما في ذلك أنسابهم فهي العصيية المنهي عنها بنص الحديث،قال تعالى :"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ( الحجرات :13)
فالمقياس هو تقوى الله في القربى عند الله فالحسب لا أثر له كما تلاحظ في كرم الإنسان وشرفه عند الله فلا عبرة بالنسب في ألفخركما يظن الطائفيون والعنصريون لأنه ليس لسعي أحد ولا قدرة لأحد أن يعطي نفسه نسباً وهو مع هذا ليس من كسب الإنسان نفسه0
وقد خطب الرسول صلى الله عليه وسلم الناس يوم فتح مكة فقال : يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عُبية الجاهلية وتعاضمها بآبآئها فالناس رجلان : بر وتقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله ، والناس بنو آدم وخلق آدم من تراب ثم تلا الرسول - صلى الله عليه وسلم – آية الحجرات (السابقة ..
وأخيرا نقول خاب وخسر من يراهن على بناء الدول الحديثة والمجتمعات المتقدمة ذات التنمية البشرية والنظم المتكاملة التي يعيش الناس فيها في أمن واستقرار على أرواحهم وأموالهم وهو ينحي دين الله وشرعه ويرفع من شأن العصبية القبلية والطائفية والحزبية ،فتخاذل القوم فيما بينهم جميعاً على أتباع الحق ونصرته لا على أساس قبلي أو حزبي أو طائفي من أمارات شؤمهم ودلائل شقائهم والله المستع
ا

إغتنام الأجر في أيام العشر

إغتنام الأجر في أيام العشر
الأيام العشر موسم نهاية العام الهجري ،وموسم يلي موسم شهر الفضيلة رمضان ومافيه من نفحات وبركات فليمد الله من وفقه لهذه الموسم الفاضلة والتجارة الرابحة فيهما كبيرة جداً ففي هذه الأيام عشر ذي الحجة، التي بينَّ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فضل العمل فيها بقوله:ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله (فالعمل الصالح في عشر ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في عشر رمضان الأخيرة، بل أفضل من العمل الصالح في أي يوم من أيام السنة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولكن كثيراً من الناس يجهلون قدر هذه الأيام العشر، فلا تكاد تجد أحداً يميزها عن غيرها بكثرة العمل الصالح ولكني أقول: إن من بلغته سنة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فإن الأولى به أن يكون متبعاً لها وجوباً في الواجبات واستحباباً في المندوبات .){ من خطبة لفضيلة الشيخ بن عثيمين منقول من مؤسسة الدعوة الخيرية يمكنك متابعة بقية الخطبة من المصدر السالف الذكر }
والعلماء قد وقعوا في مسألة المقارنة بين العشر الأول من شهر ذي الحجة والعشر الأواخر من شهر رمضان لوقوع ليلة القدر فيهن وتوسط العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فقال : إن أيام العشر الأول من شهر ذي الحجة أفضل من أيام العشر الأواخر من شهر رمضان وليالي العشر الأواخر من شهر رمضان خير من ليالي العشر الأول من شهر ذي الحجة والمحققون من العلماء على غير ذلك لأنهم يقولون أن الأيام إذا أطلقت دخلت فيها الليالي والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام ) فأطلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, فدخلت الليالي تبعا وموطن المقارنة, أن العشر الأول من ذي الحجة فيها يوم التروية, وهو اليوم الثامن من هذا الشهر, حيث يتروى الحجيج قبل ذهابهم إلى منى أو كما قال بعض أهل العلم إنما سمي بيوم التروية لأنهم كانوا يأتون فيه بالماء على ظهور الروايا وفي اليوم التاسع وهو يوم عظيم فضله كبير أجر من صامه لله جل وعلى حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كما في حديث أبي قتادة الذي أخرجه مسلم في صحيحه و أخرجه غيره أن النبي صلى الله عليه وعلى آله مسلم أخبر (أن صيام يوم عرفة يكفر سنة ماضية وسنة باقية) و أن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الرواية الأخرى( يحتسب على الله تبارك وتعالى أن من صام يوم عرفة كفر الله رب العالمين عنه ذنوب سنة مضت وذنوب سنة بقيت) وفي هذا اليوم كما أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وروت ذلك عنه عائشة رضي الله عنها وأخرجه مسلم في صحيحه قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ما في يوم أكثر من أن يعتق فيه الله عبدا من النار من يوم عرفة) فهذا هو أكبر موسم يعتق الله رب العالمين فيه اهل الطاعة وهؤلاء الذين هم مذكورون في هذا الحديث من أولئك الذين تركوا ديارهم وخلفوا اهليهم و أحبابهم وراءهم وخرجوا لله رب العالمين ملبين وتجمعوا في صعيد عرفات يدعون الله تبارك وتعالى مخلصين .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( وإنه سبحانه ليدنو عشية عرفة يباهي بهم الملائكة يقول ما اراد هؤلاء) , وصفة الدنو حق على حقيقتها على الكيفية التي تليق بالله جل وعلى وإن الله تبارك وتعالى يعتق في هذا اليوم العظيم من خلقه المؤمنين الموحدين المسلمين المنيبين المخبتين ما لا يقع مثله في أيام العام كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, ففي العشر الأول من شهر ذي الحجة يوم التروية وفيها يوم عرفة فهم يوم عظيم جليل القدر جدا وفيها يوم النحر وهو اليوم العاشر وفيه ينحر الحجيج بعد ان يدفعوا من المشعر الحرام إلى منى بعد أن تسفر الشمس يضلون في الدعاء لله رب العلمين حتى إذا ما دنى الإسفار جدا دفعوا إلى منى لرمي الجمرة جمرة العقبة الكبرى وعندها تنقطع التلبية, وفي هذا اليوم العظيم اعمال للحج هي معظم ما في الحج من أعمال, فالذين نظروا إلى الأيام قالوا إن ذلك إنما يقع في الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة وأما في العشر الأواخر من شهر رمضان ففيها ليلة لا تقاوم في فضلها هي خير من الف شهر لمن قامها لله رب العالمين إمانا واحتسابا متبتلا منيبا خاشعا وقد نص على فضلها القرآن العظيم ,((ليلة القدر خير من ألف شهر )), ولذلك وقع التفاضل بين العشر الأول من شهر ذي الحجة والعشر الاواخر من شهر رمضان والذي في الحديث , النبي صلى الله عليه وسلم إطلاق لا تقييد فيه, فدخلت الليالي في الأيام تبعا, فهذا موسم عظيم جدا بل هو أكبر مواسم الطاعات في العام, وهو العشر الأول من شهر ذي الحجة.