الاثنين، 30 يناير 2012

جنازة أبن تيمية / مباحث تابعة للموضوع الجزء الثالث


الباطنية
 
يقول البغدادي في الفرق بين الفرق (382) : " اعلموا أسعدكم الله أن ضرر الباطنية على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم، بل وأعظم من الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم"، فالباطنية ليست مذهبا إسلاميا أو فرقة من فرق أهل الإسلام، وإنما هي مذهب وطريقة أراد بها واضعوها هدم الإسلام وإبطاله عقيدة وشريعة، كما ذكر ذلك الإمام الغزالي في كتابه "فضائح الباطنية
ألقاب الباطنية :
ألقاب الباطنية تمثل الأوصاف التي اتصفوا بها، وكان لكل لقب أطلق عليهم سبب ، فمن ألقابهم :
1.
الباطنية: ولقبوا به لدعواهم أن لظواهر القرآن وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم بواطن تجرى في الظواهر مجرى اللب من القشر، وتلك البواطن رموز وإشارات إلى حقائق معينة، وأن من تقاعس عقله عن الغوص في الخفايا والأسرار والبواطن، أبتلي بالأغلال والآصار التي يعنون بها التكليفات الشرعية، التي تنحل عمن ارتقى إلى علم الباطن فيستريح من أعبائه.
2.
القرامطة : ولقبوا بهذا اللقب نسبة إلى رجل يقال له حمدان قرمط كان أحد دعاتهم وقادتهم، فسمي أتباعه قرامطة وقرمطية.
3.
الخرمية : ولقبوا به نسبة إلى أصل هذا اللفظ "خرم" وهو اسم أعجمي بمعنى الشئ المستلذ المستطاب الذي يرتاح الإنسان بمشاهدته ويهتز لرؤيته، وهذا اللقب دال على حاصل مذهبهم وزبدته، فإنه راجع إلى طي بساط التكليف، وحط أعباء الشرع عن المتعبدين، وتسليط الناس على أتباع اللذات، وطلب الشهوات، وقضاء الوطر من المباحات والمحرمات، وربما كان سبب إطلاق هذا اللقب ما سيأتي عند الحديث عن لقب "البابكية" .
4.
البابكية : نسبة إلى زعيم من زعمائهم وطاغية من طغاتهم يسمى بابك الخرمي، ظهر سنة إحدى ومائتين بناحية أذربيجان، وكان زنديقا حارب جيوش المسلمين فهزمهم فاستطار شره وعلا أمره فخافه الناس، وبقي عشرين سنة يعيث في الأرض فسادا، فقتل مائتي ألف وخمسة وخمسين ألفاً وخمسمائة، وكان إذا علم أن أحداً عنده بنت جميلة أو أخت طلبها منه، فإن بعثها إليه وإلا أخذها عنوة، واشتدت وطأته على جيوش المسلمين حتى مزق جندهم وبددهم، إلى أن أذن الله بهلاكه وزوال أمره، فبعث المعتصم بالله جيوشا لحربه فهزموه وأتباعه، وأخذوا بابك وصلبوه، فتفرق أمر أتباعه وتشتتوا شذر مذر، ويذكر المؤرخون أنه بقيت من البابكية جماعة، يقال: إن لهم ليلة يجتمع فيها رجالهم ونساؤهم ويطفئون سرجهم وشموعهم ثم يثب كل رجل إلى إمرأة فيظفر بها، ويزعمون أن من استولى على امرأة استحلها بالاصطياد.
5.
الإسماعيلية : نسبة إلى إسماعيل الأعرج بن جعفر الصادق الذي يزعمون أنه إمامهم، ويرون أن أدوار الإمامية انتهت به، إذ كان هو السابع بمحمد صلى الله عليه وسلم.
6.
المحمرة: ولقبوا به لأنهم صبغوا ثيابهم بالحمرة أيام بابك الخرمي، ولبسوها وكان ذلك شعارهم، وقيل : سببه أنهم يقررون أن كل من خالفهم من الفرق وأهل الحق حمير.
7.
التعليمية: ولقبوا بذلك لأن مذهبهم قائم على إبطال الرأي وإبطال تصرف العقول ودعوة الخلق إلى التعلم من الإمام المعصوم، وأنه لا مدرك للعلوم إلا من خلاله.
عقائد الباطنية :
مذهب الباطنية كاسمه مستبطن غير ظاهر، وإنما عرفت مذاهبهم وعقائدهم - مع حرصهم وتشددهم في إخفائها- عن طريق من أسلم منهم، أما هم فينكرون تلك المذاهب، ويظهرون لكل ذي ملة أو مذهب ما يحب، فإن أتوا النصارى أظهروا لهم القول بالتثليت وأكدوا لهم ألوهية المسيح، وإن أتوا اليهود أظهروا لهم بغض المسلمين والنصارى، وإن التقوا بزاهد أظهروا الزهد في الدنيا ومجانبة أهلها، فهم يلبسون لكل حالة لبوسها، حتى إذا أمن لهم ألقوا عليه شبهاتهم، ودعوه إلى الدخول في مذهبهم، وكشفوا له عقائدهم، بعد حرص وتحر شديد خشية أن يرتد عنهم .
وفي الموسوعة المصرية الصادرة عن وزارة الأوقاف المصرية المسماه مفاهيم إسلامية تقول عن الإسماعيلية أهم فرق الباطنية : وتدورعقائد الإسماعيلية ، حول الإمام ، فالدين أمرمكتوم ، لا يُعرف إلا عن طريق إمام مختاز عنده علم التأويل وتفسير ظواهر الأمور والنصوص ، فلكل تننريل تأويل ، ولكل ظاهر باطن ، وشرائع الإسلام وفرائضه كالصلاة والزكاة والحج وغيرها لها معان أخرغيرمعانيها الظاهرة، لا يقف عليها إلا الإمام ودعاته الكبار المهديون.
والإمام قد يكون مستورا وقد يكون ظاهرا، فإن كان مستورا فدعاته ظاهرون ، وان كان ظاهرا فدعاته مستورون يعملون فى خفية عن أعين الرقباء، وزعموا أن دور الستر- الذى بدأ بمحمد بن إسماعيل - قد انتهى بظهورالإمام عبيد الله المهدى فى بلاد المغرب (سنة 629هـ/909م)التى أقام بها الدولة الفاطمية. وحين دخلت مصرفى قبضة الفاطميين سنة (362هـ/972م)تزايد طموحهم لبسط سيطرتهم على العالم الإسلامى كله ، فتحركوا فى تنظيم محكم دقيق لبث دعاتهم فى العراق والمناطق الشرقية الخاضعة للخلافة العباسية، يدعون الناس بها إلى اعتناق مذهبهم والخضوع بالتالى لنفوذ الخلافة الفاطمية بالقاهرة.
وتحقق أول نجاح لهم فى المشرق الإسلامي في عهد المعز لدين الله ، حين أقام دعاة الإسماعيلية فى "المُلتان" -فى باكستان الحالية- دولة إسماعيلية خطب فيها للخليفة الفاطمى منذ سنة (348هـ/959م). ولكن السلطان محمود الغزنوى قضى على هذه الدولة فى سنة (401هـ/1010م) وفى سنة (483هـ/1090م) استطاع واحد من كبار دعاة الفاطميين ودهاتهم وهو الحسن بن الصباح أن يؤسس دولة إسماعيلية قوية فى المنطقة الجبلية الواقعة جنوبا بحرقزوين ويجعل من قلعة "ألموت" المنيعة عاصمة لها، وأنشأ منظمة إرهابية أطلقوا على أعضائها اسم "الفداوية" كان نشاطها قائما على اغتيال المناوئين ، فاغتالوا عددا من الخلفاء والسلاطين والوزراء وأقضّوا مضجع حكام الدول المجاورة طيلة ألفترة التى عاشتها دولة الإسماعيلية فى إيران حتى قضى - عليها المغول بقيادة هولاكو سنة (654هـ/1256م).
كان الإسماعيلية فى إيران قد قطعوا علاقتهم المذهبية بالخلافة الفاطمية بمصر عقب وفاة المستنصر بالله (سنة 487هـ/1093م) وتولى ابنه الأصغر المستعلى عرش الخلافة، وقالوا إن الابن الأكبر -"نزار" هو الأولى بالخلافة- فعرفوا منذ ذلك الحين بالنزارية، واستقلوا عن مركز التشريع المذهبى بالقاهرة، ومضوا شوطا بعيدا فى الأخذ بالتأويل الذى بلغ أقصى درجاته عندهم ، فى عهد ملكهم الحسن بن محمد - إلى رفع التكاليف الشرعية كلها عن الناس ، وإنزال العقوبات الصارمة بمن يواظب على أداء العبادات.
وقد استقرت إمامة الإسماعيلية النزارية فى ملوك أَلَمُوت حتما قضى المغول على آخرهم - وهو ركن الدين خورشاه سنة (654هـ/1256م) ، وتتناقض الروايات المتعلقة بتسلسل الأئمة الذين خلفوا ركن الدين حتى أصبح من الصعب تحديد أسمائهم وسنى حياتهم ، وقد قيل: إنهم استتوا فى أذربيجان ثم كونوا طريقة صوفية عرفت باسم "نعمة إلهى" أى النعمة الإلهية، وشارك بعضهم فى الحياة السياسية فى إيران فى القرن الثامن عشر، ثم إن إمامهم حسن على شاه انتقل إلى بلاد الهند لأسباب سياسية، وأتخذ من بومباى مركزا له فى سنة 1843م،فأصبحت بومباى منذ ذلك الحين مقرا لإمامة الإسماعيلية النزارية. وحين توفى سلطان محمد شاه فى سنة 1957م خلفه الأغاخان الحالى: كريم خان.
وينتشر الإسماعيلية فى الوقت الحالى فى مناطق عديدة من العالم فى سوريا وعمان وإيران وآسيا الوسطى وباكستان ، ويكثرون فى الهند وشرق إفريقيا.
أ.د/محمد السعيد جمال الدين
__________

-
ماهي المؤلفات التي ألفها حبر الأمة في زمانه أبو العباس شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم أبن تيمية الحراني الدمشقي رحمه الله في بيان عقيدة السلف ، والمؤلفات التي رد فيها على شبهات المخالفين وما المقصود بالعقائد والمراد بمذهب السلف أو عقيدة السلف ؟
سأبدأ بإذن الله تعالى بهذا الأمر الذي أراه ضروريا من أجل الدخول في توضيح عقيدة السلف التي قلنا من أجلها أفردت المجلدات وحفظت المتون ودونت الشروح ، كما ذكرت سابقا 0
1-
المراد بالعقائد معرفة الله تعالى بإثبات ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال ونعوت الجلال وتنزيهه من كل عيب ونقص وعن مشابهة المخلوقين 0
2-
وأما المراد بعقيدة السلف أو مذهب السلف رضي الله عنهم ماكان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين واعيان التابعين لهم بإحسان وأتباعهم وأئمة الدين ممن شهد لهم بالإمامة وعرف عظيم شانهم في الدين وتلقى الناس كلامهم بالقبول خلف عن سلف دون رمي ببدعة في الدين 0
3-
المؤلفات التي تناولت ذلك :
أ‌- العقيدة الوسطية : وسبب تسميتها بالوسطية قيل إن القاضي الو اسطي عندما قدم لموسم الحج من بلدته واسط طلب من شيخ الإسلام أن يكتب له عقيدته السلفية وفي جلسة لشيخ الإسلام بعد صلاة العصر كتبها.
ب‌- الفتوى الحموية وتسمى أيضا بالفتوى الحموية الكبرى، وسمي بالمسألة الحموية، وسميت الحموية، والاختلاف في أسماء كتب شيخ الإسلام ورسائله، خاصة المتعلق بجانب الاعتقاد، هذا يكاد يكون منهجا عاما، قلما أن تجد له كتابا في باب العقائد إلا وله عدة أسماء، ما السبب في ذلك؟ تكلم حوله بعض أهل العلم ولا نود الخوض فيه في هذا المقام 0
تاريخ تأليف هذه الرسالة: تكاد المصادر تتفق على أن تأليفها كان في أول شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وستمائة.
وموضوعها: أي موضوع هذه الرسالة: التي ألفها الشيخ في مسألة الصفات؛ للرد على جمهور الأشاعرة؛ وسميت بالحموية نسبة إلى مدينة حماة بالشام 0
وقيل أن هناك الحموية الصغرى لا زالت مفقودة من كتب الشيخ 0
ج‌- الرسالة التدمرية أو العقيدة التدمرية أو عقيدة التدمرية والظاهر من أنها نسبة إلى تدمر في الشام ومو ضوعها أو موضوع الكتاب يتناول مسألة " توحيد الله " والتوحيد كما يقرره أهل السنة هو توحيد الربوبية
وتوحيد الأسماء والصفات وتوحيد العبادة وابن تيمية رحمه الله يتناول قضية التوحيد بهذا التكامل والترابط لكن على نحو آخر ما سيناقشه من انحرافات فيجعل حديثه يدور حول مسألتين أو أصلين : الأصل الأول توحيد الصفات
والأصل الثاني توحيد العبادة المتضمن للأيمان بالشرع والقدر 0
سأكتفي بهذا العرض المجمل والغرض هو التوضيح والفائدة المختصرة والحمد لله رب العالمين 0
أولا: السلفية

تمهيد :
نواصل الحديث في تراث شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله بعد أن عرضنا لكتبه التي تناولت العقائد مثل الواسطية والحموية والتدمرية فنضيف أن هذه المتون شرحت بشروح عديدة وحفظت ودرست وامعن النظر والتحقيق فيها لما لها من أهمية كبيرة في تقرير العقيدة السلفية التي يجتمع كل عليها كل من جعل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مبدأ أخذ عقيدته منهما لا قول الفلاسفة والمتكلمين الذين جعلوا العقل مقدما على النقل وعطلوا صفات الله تعالى التي أثبتها لنفسه وما أثبته رسوله من غير تكييف او تحريف أو تشثبيه او تعطيل 0
وقد مر بنا اسماء الفرق التي خالفت أهل السنة والجماعة في المعتقد الصحيح في باب الأسماء والصفات وقلنا أن أبن تيمية رحمه الله قعد القواعد والأصول في الرد عليهم ولم يكن أول من قال بهذا فله سلف من الصحابة والتابعين حتى لايظن أحدا أنه أتى بجديد 0
فقد ذم السلف الجهمية التي قالت بخلق القرآن وأن الله في كل مكان ومشى على هذه الأفكار الأشاعرة مثلا ومن الذين ردوا على هذه الأفكار وذمها قبل أبن تيمية رحمه الله بقرون طويلة من كبار أئمة السلف 0 ابن المبارك وحماد بن زيد وابن مهدي وأحمد بن حنبل )
[/SIZE
]وسأذكر لكم أهم الكتب التي تناولت ذلك مثل :
1- السنة لإبن أبي شيبة
2- السنة للأشرم
3- السنة أبي داوود السجستاني
4- السنة عبدالله بن أحمد
5- السنة للخلال
6- السنة أبن ابي حاتم
7- السنة أبن خزيمة
8- السنة الطبراني
9- السنة محمد أبي نصر المروزي
10- السنة حرب بن إسماعيل الكرماني
11- السنةللواقدي
12- السنة حنبل بن إسحاق
13- السنة أبي أحمد العسال
ورد عليهم الإمام أحمد بن حنبل في كتابه الرد على الجهمية والإمام البخاري في كتابه الرد على الجهمية وكذلك عثمان بن سعيد الدارمي وهولاء كلهم قبل ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب رحمة الله على الجميع0
فإذا عرفت هذا يتأكد لك أن أبن تيمية لم يكن أول من قال بهذا رحمه الله فله سلف
0
فمن هم ياترى السلف والسلفية ؟
المعنى اللغوي:قال ابن منظور في اللسان: والسَّالِفُ المتقدمُ والسَّلَفُ والسَّلِيفُ والسُّلْفَةُ الجماعَةُ المتقدمون وقوله عز وجل فجعلناهم سَلَفاً ومَثلاً للآخرين ويُقرأُ سُلُفاً وسُلَفاً.وقال أبوالسعدات في نهاية غريب الحديث: وقيل سَلَف الإنسان مَن تقَدمه بالمَوت من آبائه وَذَوِى قَرابته ولهذا سُمِّى الصَّدْر الأوّل من التَّابعين السَّلَف الصالح - ومنه حديث مَذْحج [ نَحْن عُبابُ سَلفِها ] أي مُعظمُها والمَاضُون منها .
تعريف السلف ومعنى السلفي:
قال القلشاني رحمه الله تعالى:السلف الصالح وهو الصدرالاول الراسخون في العلم المهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم.الجماعات الاسلامية ص540 للشيخ سليم الهلالي .وقال الامام عبدالكريم السمعاني في الأنساب م7ص104:السلفي:بفتح السين واللام وفي اخرها الفاء هذه النسبة الى السلف وانتحال مذهبهم.
_المعنى الاصطلاحي للسلفية:

 قال الامام السفاريني :المراد بمذهب السلف :ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم واعيان التابعين لهم باحسان,واتباعهم وائمة الدين ممن شهد لهم بالامامة وعرف عظم شانهم في الدين وتلقى الناس كلامهم خلفا عن سلف , دون من رمي ببدعة اواشتهر بلقب غير مرضي, مثل الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة والجبرية والجهمية والمعتزلة والكرامية ونحو هؤلاء. لوامع الانوار م1ص2020
 20
 
ثانيا :تعاريف هامة تخص العقيدة

ماهي العقيدة لغة وشرعا؟
العقيدة لغة :
هي مأخوذة من العقد وهو الربط، وسميت عقيدة؛ لأن الإنسان يجزم ويعتقد في نفسه.
العقيدة شرعا:
هي ما يجزم به الإنسان، ويعتقده ويتيقنه في قرارة نفسه يسمى عقيدة، لكن إن كان هذا الاعتقاد موافقا للحق، إن كان هذا الاعتقاد مطابقا للواقع فهي عقيدة صحيحة، وإن كان مخالفا للواقع فهي عقيدة فاسدة0
وأماا معنى شهادة أن لا إله إلا الله و أركانها:
معناه لا معبود بحق إلا الله وأركانها اثنان: نفي وإثبات وحد النفي من الإثبات "لا إله" نافياً جميع ما يعبد من دون الله "إلا الله" مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته كما أنه ليس له شريك في ملكه والله أعلم.
و شروط لا إله إلا الله وما الذي ينافيها:
شروطها سبعة فأولها العلم المنافي للجهل واليقين المنافي للشك والإخلاص المنافي للشرك والصدق المنافي للكذب والمحبة المنافية لضدها والانقياد المنافي للامتناع والقبول المنافي للرد وهذه السبعة جمعها بعضهم في بيت شعر:
علمٌ يقينٌ وإخلاصٌ وصدقكَ مع محبةٍ وانقيادٍ والقبولِ لها.
ما هي أقسام التوحيد عند من يجعلها ثلاثة أقسام؟
واشتهر هذا المصطلح في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره وهو إستقرائي أخذت أدلته من الكتاب والسنة :

توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات وتوحيد الألوهية.
- ما هو توحيد الربوبية؟
هو اعتقاد العبد أن الله هو الرب المتفرد بالخلق والرزق مربي جميع الخلق بالنعم ومربي خواص خلقه وهم الأنبياء بالعقائد الصحيحة والأخلاق الجميلة والعلوم النافعة والأعمال
و ما هو توحيد الأسماء والصفات؟
-
هو اعتقاد انفراد الله بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة والجلالة والجمال وذلك بإثبات ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من جميع الأسماء والصفات ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة.
-
ما هو توحيد الألوهية؟
-
هو العلم والاعتراف بأن الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين وإفراده وحده بالعبادة كلها وإخلاص الدين لله وحده ويسمى هذا النوع توحيد العبادة.
ثالثا : أسماء الله وصفاته الحسنى
بين التعطيل والتمثيل والتحريف
عندما أظهرت الفرق المخالفة لعقيدة السلف ، واعتمدت على الفلسفة ومنطق أرسطو وقالت بتعطيل صفات الله تعالى وانحرفت في مجموعها عن طريق السلف والعقيدة الصحيحة التي بينا في مامضى وهي إثبات أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تشبيه ولا تكييف ولاتعطيل 0
وهنا سأورد بعض المباحث الصغيرة التي جمعتها من قبل في دروس العقيدة واسأل الله أن يعينني على ذلك وأسأله النصح والنفع لكاتبها ومن قرأها
من المسلمين 0
وأقول هناك محاذير ينبغي اجتنابها في الأسماء والصفات منها :
1-
التعطيل :
والتعطيل في اللغة من تخليه وتفريق كما في قوله تعالى : "وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ " (45) الحج
وفي الاصطلاح نفي دلالة الأسماء والصفات مثل"الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى "(5)طه فالمعطل ينفي ذلك 0
والتعطيل في المدلول منه:
أ- تعطيل كامل : كتعطيل الفلاسفة والصوفية الغلاة والقرامطة الباطنية والمكارمة فهم نفوا الذات والصفات تعالى الله عما يقولون 0
ب- تعطيل جزئي ناقص : وهذا عليه الفرق الخمس وهم الجهمية والأشعرية والماتريدية و المعتزلة والكلابية ( ويسمون أهل الكلام ) أي أنهم أثبتوا ونفوا ويسمون أهل التعطيل الجزئي 0
2-
التمثيل :
والتمثيل ينقسم إلى قسمين :
أ- كلي :
وهو تمثيل الصوفية الحلولية فمثلوا ذوات الله في المخلوقين ( مثل تمثيل الصوفي الحلولي أبن عربي ) - غير ابن العربي المالكي -
وهم اصحاب كفر والعياذ بالله قطعي عند أهل العلم وهم زنادقة ذهبوا للقول بأن الله حل في العبد والأشياء وغيره 000
ب- جزئي :
وهم على قسمين { الكرامية فأثبتوا لله ذاتا تليق بجلاله ولكنهم أثبتوا صفات تشابه صفات المخلوقين ثم الروافض : يثبتون لله ذاتا تليق بجلاله ولكنهم في الصفات قالوا بصفات لله كصفات المخلوقين وصاحبهم الحكم بن هشام الرافضي و أما الرافضه العصريون أنقسموا إلى طوائف من ذلك الأثناء عشرية والزيدية أخذوا بمعتقد المعتزلة وخالفوا قدمائهم من الرافضة0
هناك أمور تلحق بالتعطيل ايضا منها التحريف والزيادة سأتحدث عنها بعد هذا إن شاء الله تعالى أسأل الله أن يغفرلي ولوالدي ولجميع المسلمين0
ثالثا : أسماء الله وصفاته الحسنى
بين التعطيل والتمثيل والتحريف
أحبتي في الله أواصل الحديث تحت هذا المبحث المصغر ماتبقى من حديث حول التعطيل والمحاذير التي ينبغي اجتنابها في الأسماء والصفات لله تعالى قد تناولتها في ماتقدم ذكره وأواصل اليوم أن شاء الله تعالى البقية
أمور تلحق بالتعطيل
1- التحريف
التحريف قال تعالى :(ومن الناس من يعبد الله على حرف )
من حرف ومعناه اصطلاحا تغيير نصوص الصفات وهو على قسمان :
أ- تحريف في الدليل :
أما بزيادة أو نقصان ، وأما الزيادة :
أما بزيادة حرف أو بكلمة 0
مثل تحريف المعتزلة قالوا بزيادة حرف في الاية ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) طه قالوا ( الرحمن على العرش استولى )
و التحريف بزيادة كلمة كما عند الاشاعرة والماتريدية والكلابية فقالوا في قوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) الفجر قالوا ( وجاء أمر ربك )0 من اجل ينفون عن الله صفة المجيء وغيروا وجعلوا موسى هو الذي يجيءوهذه عقيدتهم وقد تقدم أنني أستعرضت عقائد هذه الفرق في صفات لله تعالى - راجعها -
وأما التحريف بالنقصان :
كقوله تعالى ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) النساء قالوا في هذه الآية ( وكلم الله َ) { لاحظ بالفتح على لفظ الجلالة }
من أجل ينفوا عن الله صفة الكلام وغيروا وجعلوا موسى هو الذي كلم الله 0

2- وأما التحريف اللفظي والمعنوي :
فاللفظي :
تحريف في الشكل بزيادة أو نقص 0
والمعنوي وهو أثبات اللفظ وتحريف المعنى 0مثل تحريف الأشاعرة والماتريدية قالوا : النزول الالهي في الثلث الأخيرمن الليل كما جاء في الحديث الصحيح قالوا هو مَلك يخرج وحرفوا في المعنى واثبتوا اللفظ 0 أو كمثل قوله تعالى :(بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) المائدة 64
قالوا نثبت اليد واليد هنا هي القوة عندهم 0
ماهو الفرق بين التحريف والتعطيل ؟
كل محرف معطل لا العكس 0
والتحريف أعم والتعطيل أخص 0 فإذا ذكر التحريف دخل التعطيل وأما التعطيل فلا يذكر التحريف 0
وإذا ذكر التمثيل ذكر التكييف0
فكل ممثل مكيف وزيادة ، والتمثيل أعم والتكييف أخص 0
أسال الله باسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفقهني في الدين ويغفر لي ولوالدي والمسلمين إنه سميع مجيب 0
رابعاً :لزوم الألفاظ الشرعية في باب الأسماء والصفات لله تعالى هو مذهب السلف
أن مذهب السلف في هذا الباب العظيم هو المذهب الحق والطريق المستقيم ، فهم إذا تكلموا في هذا الباب تكلموا بألفاظ شرعية وتجنبوا كل الألفاظ التي لم يرد بها دليل خلافا لمن خالفهم من أهل البدع الذين لايتورعون في باب الأسماء والصفات ذهبوا يقعدون قواعد وأصلوا أصولا لم يرد بها دليل ولا أصل لها 0 فتكلموا بألفاظ محدثة ابتدعها اليونان والفلاسفة مثل ( الجوهر والعرض وحلول الأحداث والجسم والتركيب والجهة والحيز وما أشبه ذلك ) وهذه كما تلاحظ ألفاظ محدثة لم ترد في الكتاب والسنة ولا نطق بها احد من السلف 0
ومن هنا كان الخلاف واضحا بين طريقة السلفيين الذين هم حريصون على التحدث بألفاظ شرعية في هذا الباب فطريقة أهل السنة التوقف عند الألفاظ الشرعية ويتركون كل لفظ لم يرد في الكتاب والسنة ولم نطق به السلف رضي الله عنهم 0 فلا يثبتونها لعدم ورود الدليل وهم مع ذلك ينكرون على من أثبت هذه الألفاظ دون الدليل الشرعي ، ولا ينفونها - أي أهل السنة - لعدم ورود الدليل النافي أيضا0
وباب النفي والإثبات في حق الله عند السلف توقيفي ، وأما بالنسبة لمعاني تلك الألفاظ فيستفصلون عن المراد بها ؛ فإن أراد المتكلم حقاً بدلالة الكتاب والسنة قبل منه هذا المعنى وأنكر عليه اللفظ المبتدع ، وأن أراد معنى باطل رد عليه وأنكر 0
(
قاله أبن العز رحمه الله في شرح الطحاوية 1/ 70 - 71 )
وهكذا يتبين أن التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية هو مسلك وسبيل أهل السنة والجماعة وأما المعطلة فيعرضون عن ماقاله الشارع من الأسماء والصفات ولا يتدبرون معانيها وهو الفارق بين من اثبت ومن نفى كالمعتزلة والأشاعرة في بعض الصفات وغيرهم 0
قال شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله :
.
وَأَمَّا " السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ " فَلَمْ يَدْخُلُوا مَعَ طَائِفَةٍ مِنْ الطَّوَائِفِ فِيمَا ابْتَدَعُوهُ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ بَلْ اعْتَصَمُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَرَأَوْا ذَلِكَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ فَجَعَلُوا كُلَّ لَفْظٍ جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ حَقًّا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ حَقِيقَةُ مَعْنَاهُ وَكُلُّ لَفْظٍ أَحْدَثَهُ النَّاسُ فَأَثْبَتَهُ قَوْمٌ وَنَفَاهُ آخَرُونَ فَلَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نُطْلِقَ إثْبَاتَهُ وَلَا نَفْيَهُ حَتَّى نَفْهَمَ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ حَقًّا مُوَافِقًا لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ : مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ قُلْنَا بِهِ ؛ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا مُخَالِفًا لِمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ مَنَعْنَا الْقَوْلَ بِهِ وَرَأَوْا أَنَّ الطَّرِيقَةَ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْمُوَافِقَةُ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَصَحِيحِ الْمَنْقُولِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ .
أنظر مجموع الفتاوى 6/ 36 0
وإلى لقاء آخر بأذن الله تعالى تقبلوا خالص تحياتي 0
خامسا:معتقد أهل السنة والجماعة في باب الصفات وكيف حدث الخلاف مع غيرهم في ذلك

قد ذكرت فيما تقدم معنى السلفية لغة واصطلاحا وقلنا عموما أن هذه الكلمة هي نسبة إلى السلف الصالح وهي كلمة تستخدم للدلالة على خير القرون واولاها بالإقتداء والإتباع وهي القرون الثلاثة الأول المشهود لها بالخيرية على لسان سيد البرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم 0
وقد ذكرنا أن شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله قام بدعوة تجديد للسلفية في عصره الذي سادته البدع الكلامية في أمور شتى ومنها القول في الصفات 0
والصفة جمعها صفات والصفة في اللغة اصلها " وصف " حذفت الواو وعوض عنها التا كالعادة والوعد ومادة و ص ف تدل على نعت الشي ء يقال : وصف الشيء نعته وهذا يدل على أن الصفة والوصف مترادفان - يمكنك المزيد من هذا راجع تاج العروس للزبيدي 6/ 266
وقال أبن فارس في مقاييس اللغة ( الوصف : تخلية الشيء ) والوصف قد يكون حقا او باطلا قال تعالى (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ) النحل (116)
واما أصطلاحا الصفة : ذكر الشيخ شمس الأفغاني في كتابه الماتريدية 0 هي المعنى القائم بالله تبارك وتعالى مما نعت به نفسه أو نعته به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يدل عل إثبات الكمال المطلق له تعالى وتنزيهه عن كل عيب ونقص لا شريك له سبحانه في ذلك ولا مثيل ) الكتاب السالف الذكر جزء 2/ 417 وقيل ايضا ( ماقام بالذات مما يميزها من أمور ذاتية أو معنوية أو فعلية )
يمكنك أن تنظر كتاب اسمه معتقد أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات لمؤلفه محمد بن خليفة التميمي ص 36
هل الصفات هي الذات أم زائدة عن الذات ؟

هذا السؤال مما أفرزه المتكلمون وأنتجته أصولهم الفاسدة وقد ضمنوا الجواب عليه بما هو باطل من أجل أن يتفق مع اصولهم في هذا الباب فالجهمية والمعتزلة والكرامية ذهبوا للتفريق بين الذات والصفات وقالوا أن الصفات زائدة عن الذات 0 ثم أن الجهمية والمعتزلة نفوا الصفات وأثبتتها الكرامية لكن ليس بما عليه السلفيين 0
وأما الأشاعرة فذهبوا غلى القول بأن الصفة ليست هي الموصوف ولا هي غيره وهذا قولهم باطل 0 والصحيح التفصيل كما هو مذهب السلف
قال أبن تيمية رحمه الله في الفتاوى 3/ 336
والتحقيق أن الذات الموصوفة لا تنفك عن الصفات أصلا ولا يمكن وجود ذات خالية عن الصفات . فدعوى المدعي وجود حي عليم قدير بصير بلا حياة ولا علم ولا قدرة ؛ كدعوى قدرة وعلم وحياة لا يكون الموصوف بها حيا عليما قديرا بل دعوى شيء موجود قائم بنفسه قديم أو محدث عري عن جميع الصفات ممتنع في صريح العقل . ولكن الجهمية المعتزلة وغيرهم ؛ لما أثبتوا ذاتا مجردة عن الصفات صار مناظرهم يقول : أنا أثبت الصفات زائدة على ما أثبتموه من الذات ؛ أي لا أقتصر على مجرد إثبات ذات بلا صفات . ولم يعن بذلك أنه في الخارج ذات ثابتة بنفسها ؛ ولا مع ذلك صفات هي زائدة على هذه الذات متميزة عن الذات ولهذا كان من الناس من يقول : الصفات غير الذات . كما يقوله المعتزلة ؛ والكرامية ؛ ثم المعتزلة تنفيها : والكرامية تثبتها . ومنهم من يقول : الصفة لا هي الموصوف ولا هي غيره . كما يقوله طوائف من الصفاتية كأبي الحسن الأشعري وغيره . ومنهم من يقول كما قالت الأئمة : لا نقول الصفة هي الموصوف ؛ ولا نقول : هي غيره ؛ لأنا لا نقول : لا هي هو ؛ ولا هي غيره فإن لفظ الغير فيه إجمال قد يراد به المباين للشيء أو ما قارن أحدهما الآخر ؛ وما قاربه بوجود أو زمان أو مكان ؛ ويراد بالغير : أن ما جاز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر . وعلى الأول فليست الصفة غير الموصوف ولا بعض الجملة غيرها . وعلى الثاني فالصفة غير الموصوف وبعض الجملة غيرها . فامتنع السلف والأئمة من إطلاق لفظ الغير على الصفة نفيا أو إثباتا ؛ لما في ذلك من الإجمال والتلبيس ؛ حيث صار الجهمي يقول : القرآن هو الله أو غير الله ، فتارة يعارضونه بعلمه فيقولون : علم الله هو الله أو غيره ؛ إن كان ممن يثبت العلم ؛ أو لا يمكنه نفيه . وتارة يحلون الشبهة ويثبتون خطأ الإطلاقين : النفي والإثبات لما فيه من التلبيس بل يستفصل السائل فيقال له : إن أردت بالغير ما يباين الموصوف فالصفة لا تباينه ؛ فليست غيره . وإن أردت بالغير ما يمكن فهم الموصوف على سبيل الإجمال ؛ وإن لم يكن هو فهو غير بهذا الاعتبار والله تعالى أعلم وصلى الله على محمد .

وإلى لقاء آخر نكمل هذا الموضوع ماهي الصفات الفعلية ؟
و ماهي اقوال الفرق المخالفة في ذلك ؟
وما هي ادلة اهل السنة في غثبات الصفات الفعلية الإختيارية لله عز وجل ؟
اسال الله بمنه وكرمه أن يفقهني في الدين وأن يهدي المسلمين إلى طريقه القويم 0
سادسا : إثبات الصفات الفعلية الاختيارية لله عز وجل
يهمنا هنا في البداية أن نذكر بصورة مختصرة الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة في عقيدة الأسماء والصفات وأقوالهم للتذكير بمواقفهم التي خالفوا فيهاعقيدة السلف في الأسماء والصفات حتى يتبين بعد ذلك كيف إن أهل السنة والجماعة قد تبينوا وتميزوا عنهم بإثباتهم الصفات الخبرية والفعلية الاختيارية لله تعالى 0
1-
الجهمية : قد عرفنا أنهم يقولون بنفي الأسماء والصفات جميعا ويوافقهم على ذلك كثير من الفلاسفة والباطنية وغيرهم ويصفون الله بالسلوب والإضافات فقط 0
2-
المعتزلة : يثبتون الأسماء وينفون جميع الصفات وعندهم الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر عليم بلا علم قدير بلا قدرة وهكذا طريقتهم 0
3-
الأشاعرة يقولون بإثبات الأسماء وبعض الثبات فقط ويؤولون البقية على اختلاف بينهم في ذلك أو يفوضون 0
4-
المشبهة والممثلة : يثبتون الصفات لكنهم يجعلونها من جنس صفات المخلوقين تعالى الله تعالى عن قولهم جل ّ عن الشبيه والمثيل 0
5-
المفوضة : يقولون المراد بالصفات مايليق بالله أو أمورا أخرى ولهذا هم يتوقفون فيها ويقتصرون على تلاوة القران وقراءة الحديث لاغبر 0
6-
غلاة الباطنية : قالوا أن أثبتنا الصفات شبهنا الله بالموجودات وأن نفيناها شبهناه بالمعدومات ثم قالوا لا موجود ولا معدوم ولا حي ولا ميت يقولون نسلب عنه النقيضين 0
أهل السنة والجماعة وإثباتهم للصفات الفعلية الاختيارية لله عز وجل :

أن أهل السنة والجماعة عقيدتهم كما تقدم في موضوع سابق يثبتون لله تعالى الأسماء والصفات كلها كما أخبر الله عن نفسه وأخبر بذلك نبيه صلى الله عليه وسلم وقد فصلت في هذا فيما تقدم ذكره واليوم سأذكر إن شاء الله تعالى إثباتهم للصفات الفعلية الاختيارية لله عز وجل 0
من هدي السلف رحمهم الله أنهم لا يتجاوزون الكتاب والسنة الصحيحة فأثبتوا لله عز وجل الصفات الفعلية الاختيارية القائمة به سبحانه وتعالى من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل ( وقد وضحت سابقا المقصود بهذه المصطلحات راجعها )
وقالوا بأن الله لم يزل ولا يزال فعالا لما يريد 0
وأنه يفعل ما يشاء وهو على كل شيء قدير 0

وهذا هو الأصل العظيم الذي عليه أهل السنة والجماعة توافرت وتضافرت في الدلالة عليه أدلة الكتاب والسنة وإجماع السلف والعقل الصحيح 0
ومن هذه الأدلة التي في القرآن الكريم
آيات كثيرة وذكرها الإمام أحمد في الرد على الجهمية وأبو بكر الخلال في كتاب السنة وشيخ الإسلام أبن تيمية في درء التعارض والرسالة التدمرية 0
قوله تعالى "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " البقرة (186)
وهذه صفة إجابة الدعاء
وقوله تعالى :

"
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " البقرة (174 صفة الكلام
كذلك قوله تعالى "الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا " الفرقان (59
صفة الاستواء
وقوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
"
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ" المجادلة (1
صفة السمع0
وفي القرآن الكريم مواضع كثيرة غير ماذكرناه تدل على هذا الأصل العظيم في أدلة إثبات الصفات لله تعالى 0أما أدلة من السنة على هذا الأصل اخترنا مايلي :
1-
إن الله تعالى قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، و ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها
و رجله التي يمشي عليها ، و إن سألني لأعطينه و لئن استعاذتي لأعيذنه ، و ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن ، يكره الموت و أنا أكره مساءته " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 184 : صحيح 0

2- :
هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب . وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) ) . صحيح . أخرجه مالك ( 1 / 192 / 4 ) وعنه البخاري ( 1 / 217 ) وكذا مسلم ( 1 / 59 ) وأبو عوانة ( 1 / 26 ) وأبو داود ( 39

3-
إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله 000 ) رواه البخاري ومسلم
"
لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح " . رواه مسلم
4-
وعن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة " . متفق عليه

5-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي وغيرهم0
6-
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يضحك الله تعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة : يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد "( متفق عليه ) وهنا أحاديث صحيحة كثيرة في هذا المقام نكتفي بهذا 0
ومن آثار السلف وأقوالهم :
لقد ثبت عن السلف في هذا المقام مايطول ذكره وذكر شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله في درء التعارض 1/ 250 كثيرا من المقولات عن السلف في هذا الباب العظيم جدير منا أن ننقل بعضه للفائدة ولصلته بالموضوع : قال رحمه الله :
"
وكلام السلف والأئمة ومن نقل مذهبهم في هذا الأصل كثير يوجد في كتب التفسير والأصول
قال إسحاق بن راهويه : حدثنا بشر بن عمر : سمعت غير واحد من المفسرين يقول : الرحمن على العرش استوى : أي ارتفع
وقال البخاري في صحيحه : ( قال أبو العالية استوى إلى السماء : ارتفع ) قال : ( وقال مجاهد : استوى : علا على العرش )
وقال الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره المشهور : ( وقال ابن عباس وأكثر مفسري السلف : ( استوى إلى السماء : ارتفع إلى السماء ) وكذلك قال الخليل بن أحمد
وروى البيهقي في كتاب الصفات قال : ( قال الفراء : ثم استوى أي صعد قاله ابن عباس وهو كقولك للرجل : كان قاعدا فاستوى قائما )وروى الشافعي في مسنده عن أنس رضي الله عنه [ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن يوم الجمعة : وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش ]
والتفاسير المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين مثل تفسير محمد بن جرير الطبري وتفسير عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدحيم وتفسير عبد الرحمن بن أبي حاتم وتفسير أبي بكر بن المنذر وتفسير أبي بكر عبد العزيز و تفسير أبي الشيخ الأصبهاني وتفسير أبي بكر بن مردويه وما قبل هؤلاء التفاسير مثل تفسير أحمد بن حنبل و إسحاق بن إبراهيم و بقي بن مخلد وغيرهم ومن قبلهم مثل تفسير عبد بن حميد وتفسير سنيد وتفسير عبد الرازق و وكيع بن الجراح فيها من هذا الباب الموافق لقول المثبتين مالا يكاد يحصى وكذلك الكتب المصنفة في السنة التي فيها آثار النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة التابعين0 "
وفي نفس المرجع 1/ 243
قال أيضا رحمه الله :
"
دلالة السمع على أفعال الله تعالى
ونحن ننبه عى دلالة السمع على أفعال اله تعالى الذي به تنقطع الفلاسفة الدهرية ويتبين به مطابقة العقل للشرع
ولا ريب أن دلالة ظاهر السمع ليس فيها نزاع لكن الذين يخالفون دلالته يدعون أنها دلالة ظاهرة لا قاطعة والدلالة العقلية القاطعة خالفتها فأصل الدلالة متفق عليه فنقول : معلوم بالسمع اتصاف الله تعالى بالأفعال الاختيارية القائمة به كالاستواء إلى السماء والاستواء على العرش والقبض والطي والإتيان والمجيء والنزول ونحو ذلك بل والخلق والإحياء والإماتة فإن الله تعالى وصف نفسه بالإفعال اللازمة كالاستواء وبالأفعال المتعدية كالخلق والفعل المتعدي مستلزم للفعل اللازم فإن الفعل لا بد له من فاعل سواء كان متعديا إلى مفعول أو لم يكن والفاعل لا بد له من فعل سواء كان فعله مقتصرا عليه أم متعديا إلى غيره والفعل المتعدي إلى غيره لا يتعدى حتى يقوم بفاعله إذ كان لا بد له من الفاعل وهذا معلوم سمعا وعقلا أما السمع فإن أهل اللغة العربية التي نزل بها القرآن بل وغيرها من اللغات متفقون على أن الإنسان إذا قال : ( قام فلان وقعد ) وقال : ( أكل فلان الطعام وشرب الشراب ) فإنه لا بد أن يكون في الفعل المتعدي إلى المفعول به ما في الفعل اللازم وزيادة إذ كلتا الجملتين فعلية وكلاهما فيه فعل وفاعل والثانية امتازت بزيادة المفعول فكما أنه في الفعل اللازم معنا فعل وفاعل ففي الجملة المتعدية معنا أيضا فعل وفاعل وزيادة مفعول به ولو قال قائل : الجملة الثانية ليس فيها فعل قائم بالفاعل كما في الجملة الأولى بل الفعل الذي هو ( أكل ) و ( شرب ) نصب المفعول - من غير تعلق بالفاعل أولا - لكان كلامه معلوم الفساد بل يقال : هذا الفعل تعلق بالفاعل أولا كتعلق ( قام وقعد ) ثم تعدى إلى المفعول ففيه ما في الفعل اللازم وزيادة التعدي وهذا واضح لا يتنازع فيه اثنان من أهل اللسان
فقوله تعالى : { هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش } ( الحديد : 4 ) تضمن فعلين : أولهما متعد إلى المفعول به والثاني مقتصر لا يتعدى فإذا كان الثاني - وهو قوله تعالى : { ثم استوى } - فعلا متعلقا بالفاعل فقوله ( خلق ) كذلك بلا نزاع بين أهل العربيةولو قال قائل : ( خلق ) لم يتعلق بالفاعل بل نصب المفعول به ابتداء لكان جاهلا بل في ( خلق ) ضمير يعود إلى الفاعل كما في ( استوى )وأما من جهة العقل : فمن جوز ان يقوم بذات الله تعالى فعل لازم به كالمجيء والاستواء ونحو ذلك لم يمكنه أن يمنع قيام فعل يتعلق بالمخلوق كالخلق والبعث والإماتة والإحياء كما أن من جوز أن تقوم به صفة لا تتعلق بالغير كالحياة لم يمكنه أن يمنع قيام الصفات المتعلقة بالغير كالعلم والقدرة والسمع والبصر ولهذا لم يقل أحد من العقلاء بإثبات أحد الضربين دون الآخر بل قد يثبت الأفعال المتعدية القائمة به كالتخليق من ينازع في الأفعال اللازمة كالمجيء والإتيان وأما العكس فما علمت به قائلا وإذا كان كذلك كان حدوث ما يحدثه الله تعالى من المخلوقات تابعا لما يفعله من أفعاله الاختيارية القائمة بنفسه وهذه سبب الحدوث والله تعالى حي قيوم لم يزل موصوفا بأنه يتكلم بما يشاء فعال لما يشاء وهذا قد قاله العلماء الأكابر من أهل السنة والحديث ونقلوه عن السلف والأئمة وهو قول طوائف كثيرة من أهل الكلام والفلسفة المتقدمين والمتأخرين بل هو قول جمهور المتقدمين من الفلاسفة " انتهى كلامه رحمه الله
أسأل الله بمنه وكرمه أن يفقهني في الدين ويهدي ضال المسلمين ويغفر لي ولوالدي وجميع المسلمين أنه سميع جواد كريم 0
سابعا : هذه بعض القواعد في معتقد السلف في الصفات الفعلية الاختيارية لله عز وجل

-- قال أبن تيمية رحمه الله في الفتاوى 3/ 4 (فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات : إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل كما قال تعالى : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } . ففي قوله { ليس كمثله شيء } رد للتشبيه والتمثيل وقوله : { وهو السميع البصير } . رد للإلحاد والتعطيل .)

فهذه القاعدة تضمنت طريقة السلف في باب السماء والصفات فهم كما تلاحظ يثبتون ما أثبته الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل كما تقدم ذكره 0
والله ذم الذين يلحدون في اسمائه وأياته قال تعالى : "{ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون } وقال تعالى : { إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم }

أهل السنة والجماعة وسط بين الفرق في هذه العقيدة :
يقول أن تيمية رحمه الله في المرجع السابق أيضا :
فإن الفرقة الناجية - أهل السنة والجماعة - يؤمنون بذلك كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه العزيز من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ؛ بل هم الوسط في فرق الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم . فهم وسط في ( باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية ؛ وأهل التمثيل المشبهة . وهم وسط في ( باب أفعال الله تعالى بين القدرية والجبرية وفي باب ( وعيد الله بين المرجئة والوعيدية : من القدرية وغيرهم وفي ( باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية ( وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج .

ونقل أبن عبد البر رحمه الله إجماع السلف على هذه العقيدة كما ذكر شيخ الإسلام أبن تيمية ذلك والكلام قد يطول 0

جهل المعتزلة بالكتاب والسنة
جاء في كتاب ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي )(جهل المعتزلة بالكتاب والسنة قوم لم يتدينوا بمعرفة آية من كتاب الله في تلاوة أو دراية ، ولم يتفكروا في معنى آية ففسروها أو تأولوها على معنى اتباع من سلف من صالح علماء الأمة إلا على ما أحدثوا من آرائهم الحديثة ، ولا اغبرت أقدامهم في طلب سنة ، أو عرفوا من شرائع الإسلام مسألة ، فيعد رأي هؤلاء حكمة وعلما وحججا وبراهين ، ويعد كتاب الله وسنة رسوله حشوا وتقليدا ، وحملتها جهالا وبلها ؟ ذلك ظلم وعدوان وتحكم وطغيان . ثم تكفيره المسلمين بقول هؤلاء ، إذ لا حجة عندهم بتكفير الأمة إلا مخالفتهم قولهم من غير أن يتبين لهم خطؤهم في كتاب أو سنة ، وإنما وجه خطئهم عندهم إعراضهم عما نصبوا من آرائهم لنصرة جدلهم ، وترك أتباعهم لمقالتهم ، واستحسانهم لمذاهبهم ، فهو كما قال الله عز وجل : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق
 )موقف المعتزلة من أهل السنة والجماعة
يقول أيضا في شرح السنة :
(
ثم ما قذفوا به المسلمين من التقليد والحشو ، ولو كشف لهم عن حقيقة مذاهبهم كانت أصولهم المظلمة ، وآراؤهم المحدثة ، وأقاويلهم المنكرة ، كانت بالتقليد أليق ، وبما انتحلوها من الحشو أخلق ، إذ لا إسناد له في تمذهبه إلى شرع سابق ، ولا استناد لما يزعمه إلى قول سلف الأمة باتفاق مخالف أو موافق ، إذ فخره على مخالفيه يحذقه ، واستخراج مذاهبه بعقله وفكره من الدقائق وأنه لم يسبقه إلى بدعته إلا منافق مارق أو معاند للشريعة مشاقق ، فليس بحقيق من هذه أصوله أن يعيب على من تقلد كتاب الله وسنة رسوله ، واقتدى بهما ، وأذعن لهما ، واستسلم لأحكامهما ، ولم يعترض عليهما بظن أو تخرص ، واستحالة أن يطعن عليه ؛ لأن بإجماع المسلمين أنه على طريق الحق أقوم ، وإلى سبل الرشاد أهدى وأعلم ، وبنور الاتباع أسعد ، ومن ظلمة الابتداع وتكلف الاختراع أبعد وأسلم ، من الذي لا يمكنه التمسك بكتاب الله إلا متأولا ، ولا الاعتصام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا منكرا أو متعجبا ، ولا الانتساب إلى الصحابة والتابعين والسلف الصالحين إلا متمسخرا مستهزئا ، لا شيء عنده إلا مضغ الباطل والتكذب على الله ورسوله والصالحين من عباده ،000 )
فشل العقائد المبتدعة أمام عقيدة أهل السنة والجماعة
قال في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي : (ثم إنه من حين حدثت هذه الآراء المختلفة في الإسلام ، وظهرت هذه البدع من قديم الأيام ، وفشت في خاصة الناس والعوام ، وأشربت قلوبهم حبها ، حتى خاصموا فيها بزعمهم تدينا أو تحرجا من الآثام ، لم تر دعوتهم انتشرت في عشرة من منابر الإسلام متوالية ، ولا أمكن أن تكون كلمتهم بين المسلمين عالية ، أو مقالتهم في الإسلام ظاهرة ، بل كانت داحضة وضيعة مهجورة ، وكلمة أهل السنة ظاهرة ، ومذاهبهم كالشمس نايرة ، ونصب الحق زاهرة ، وأعلامها بالنصر مشهورة ، وأعداؤها بالقمع مقهورة ، ينطق بمفاخرها على أعواد المنابر ، وتدون مناقبها في الكتب والدفاتر ، وتستفتح بها الخطب وتختم ، ويفصل بها بين الحق والباطل ويحكم ، وتعقد عليها المجالس وتبرم ، وتظهر على الكراسي وتدرس وتعلم . ومقالة أهل البدع لم تظهر إلا بسلطان قاهر ، أو بشيطان معاند فاجر ، يضل الناس خفيا ببدعته ، أو يقهر ذاك بسيفه وسوطه ، أو يستميل قلبه بماله ليضله عن سبيل الله ؛ حمية لبدعته ، وذبا عن ضلالته ؛ ليرد المسلمين على أعقابهم ، ويفتنهم عن أديانهم بعد أن استجابوا لله وللرسول طوعا وكرها ، ودخلوا في دينهما رغبة أو قهرا ، حتى كملت الدعوة ، واستقرت الشريعة000 )

ثامنا : الأدلة التي تثبت بها الأسماء والصفات

كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة 0
وأما الإجماع فهو حجة بمستنده ، والعقل الصحيح ، والفطرة السليمة ويؤتى بها للإعتضاد لا للإعتماد ومن أجل رد دليل المخالف 0
قال شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 19/ 155 - 156 :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين جميع الدين أصوله وفروعه ؛ باطنه وظاهره علمه وعمله فإن هذا الأصل هو أصل أصول العلم والإيمان وكل من كان أعظم اعتصاما بهذا الأصل كان أولى بالحق علما وعملا000 )
وقال ابن ابي العز رحمه الله تعالى في شرح العقيدة الطحاوية ص 167 (ومن المحال أن لا يحصل الشفاء والهدى والعلم واليقين من كتاب الله وكلام رسوله، ويحصل من كلام هؤلاء المتحيرين. بل الواجب أن يجعل ما قاله الله ورسوله هو الأصل، ويتدبر معناه ويعقله، ويعرف برهانه ودليله العقلي والخبري السمعي، ويعرف دلالته على هذا وهذا، ويجعل أقوال الناس التي توافقه وتخالفه متشابهة مجملة، فيقال لأصحابها: هذه الألفاظ تحتمل كذا وكذا، فإن أرادوا بها ما يوافق خبر الرسول قبل، وإن أرادوا بها ما يخالفه رد. )
قال شيخنا حفظه الله 0000 ( الذي درست على يده العقيدة ) في شرحه لهذا (والمقصود هنا بأن العلم ماقامعليه الدليل ،والنافع منه ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وقد يكون علم من غير طريق الرسول ولكن في أمور دنيوية مثل الطب والحساب والفلاحة والتجارة 0 وأما الأمور الإلهية وتعرف بالدينية فهذه فيها من ما اخذه عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو اعلم الخلق بها ، وأرغبهم في تعريف الخلق بها واقدرهم على بيانها وتعريفها فهو فوق كل أحد في العلم والبيان والقدرة والإرادة وهذه الأربعة يتم بها المقصود 0 )
وأما الإجماع يدخل في أبواب العقيدة للإعتضاد وتقوية الأدلة 0وقد حكى علماء الإسلام وجهابذة السنة الإجماع في أبواب الإعتقاد وقد وافق ابن تيمية ابن حزم رحمه الله على إدخال الإجماع في أبواب الإعتقاد كما في مراتب الإجماع ص 193 وكان ابن تيمية أيضا قد خالف أبن حزم في بعض تلك المسائل التي أدعى الإجماع عليها 0
وأما العقل :
قال أبن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 3/ 338 - 339 :
بل العقل شرط في معرفة العلوم وكمال وصلاح الأعمال وبه يكمل العلم والعمل ؛ لكنه ليس مستقلا بذلك ؛ بل هو غريزة في النفس وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين ؛ فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار . وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها وإن عزل بالكلية : كانت الأقوال والأفعال مع عدمه : أمورا حيوانية قد يكون فيها محبة ووجد وذوق كما قد يحصل للبهيمة . فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة والأقوال المخالفة للعقل باطلة . والرسل جاءت بما يعجز العقل عن دركه . لم تأت بما يعلم بالعقل امتناعه لكن المسرفون فيه قضوا بوجوب أشياء وجوازها وامتناعها لحجج عقلية بزعمهم اعتقدوها حقا وهي باطل وعارضوا بها النبوات وما جاءت به والمعرضون عنه صدقوا بأشياء باطلة ودخلوا في أحوال وأعمال فاسدة وخرجوا عن التمييز الذي فضل الله به بني آدم على غيرهم(0


تاسعا / الله عز وجل موصوف بإ لإثبات والنفي

ماهي طريقة السلف في ذلك ؟

النفي المجمل لصفات النقص مع إثبات كمال ضدها المفصل لصفات الكمال 0
قال أبن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى 3/ 4 :
والله سبحانه : بعث رسله ( بإثبات مفصل ونفي مجمل فأثبتوا لله الصفات على وجه التفصيل ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل كما قال تعالى { فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا } قال أهل اللغة : { هل تعلم له سميا } أي نظيرا يستحق مثل اسمه . ويقال : مساميا يساميه وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس ( هل تعلم له سميا مثيلا أو شبيها وقال تعالى { لم يلد ولم يولد } { ولم يكن له كفوا أحد } وقال تعالى : { فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون } وقال تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله } وقال تعالى : { وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون } { بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم } ؟ وقال تعالى : { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } { الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك } وقال تعالى : { فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون } { أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون } { ألا إنهم من إفكهم ليقولون } { ولد الله وإنهم لكاذبون } { أاصطفى البنات على البنين } { ما لكم كيف تحكمون } { أفلا تذكرون } { أم لكم سلطان مبين } { فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين } { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون } { سبحان الله عما يصفون } { إلا عباد الله المخلصين } إلى قوله : { سبحان ربك رب العزة عما يصفون } { وسلام على المرسلين } { والحمد لله رب العالمين } . فسبح نفسه عما يصفه المفترون المشركون وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الإفك والشرك وحمد نفسه ؛ إذ هو سبحانه المستحق للحمد بما له من الأسماء والصفات وبديع المخلوقات وأما ( الإثبات المفصل : فإنه ذكر من أسمائه وصفاته ما أنزله في محكم آياته كقوله : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } الآية بكمالها وقوله : { قل هو الله أحد } { الله الصمد } السورة وقوله : { وهو العليم الحكيم } { وهو العليم القدير } { وهو السميع البصير } { وهو العزيز الحكيم } { وهو الغفور الرحيم } { وهو الغفور الودود } { ذو العرش المجيد } { فعال لما يريد } { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم } { هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير } وقوله : { ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم } وقوله : { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } الآية وقوله : { رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه } وقوله : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه } وقوله : { إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون } وقوله : { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة } وقوله : { ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين } وقوله : { وكلم الله موسى تكليما } وقوله : { وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا } وقوله : { ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون } وقوله { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } وقوله : { هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم } { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون } { هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم } . إلى أمثال هذه الآيات والأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أسماء الرب تعالى وصفاته فإن في ذلك من إثبات ذاته وصفاته على وجه التفصيل وإثبات وحدانيته بنفي التمثيل ما هدى الله به عباده إلى سواء السبيل فهذه طريقة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب ومن دخل في هؤلاء من الصابئة والمتفلسفة والجهمية والقرامطة والباطنية ونحوهم : فإنهم على ضد ذلك يصفونه بالصفات السلبية على وجه التفصيل ولا يثبتون إلا وجودا مطلقا لا حقيقة له عند التحصيل وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان يمتنع تحققه في الأعيان فقولهم يستلزم غاية التعطيل وغاية التمثيل ؛ فإنهم يمثلونه بالممتنعات والمعدومات والجمادات ؛ ويعطلون الأسماء والصفات تعطيلا يستلزم نفي الذات . فغلاتهم يسلبون عنه النقيضين فيقولون : لا موجود ولا معدوم ولا حي ولا ميت ولا عالم ولا جاهل لأنهم يزعمون أنهم إذا وصفوه بالإثبات شبهوه بالموجودات وإذا وصفوه بالنفي شبهوه بالمعدومات فسلبوا النقيضين وهذا ممتنع في بداهة العقول ؛ وحرفوا ما أنزل الله من الكتاب وما جاء به الرسول فوقعوا في شر مما فروا منه فإنهم شبهوه بالممتنعات إذ سلب النقيضين كجمع النقيضين كلاهما من الممتنعات وقد علم بالاضطرار . أن الوجود لا بد له من موجد واجب بذاته غني عما سواه ؛ قديم أزلي ؛ لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم فوصفوه بما يمتنع وجوده فضلا عن الوجوب أو الوجود أو القدم . وقاربهم طائفة من الفلاسفة وأتباعهم فوصفوه بالسلوب والإضافات دون صفات الإثبات وجعلوه هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق وقد علم بصريح العقل أن هذا لا يكون إلا في الذهن لا فيما خرج عنه من الموجودات وجعلوا الصفة هي الموصوف ، فجعلوا العلم عين العالم مكابرة للقضايا البديهات وجعلوا هذه الصفة هي الأخرى فلم يميزوا بين العلم والقدرة والمشيئة جحدا للعلوم الضروريات وقاربهم طائفة ثالثة من أهل الكلام من المعتزلة ومن اتبعهم ؛ فأثبتوا لله الأسماء دون ما تتضمنه من الصفات - فمنهم من جعل العليم والقدير ؛ والسميع ؛ والبصير ؛ كالأعلام المحضة المترادفات ومنهم من قال عليم بلا علم قدير بلا قدرة سميع بصير بلا سمع ولا بصر فأثبتوا الاسم دون ما تضمنه من الصفات والكلام على فساد مقالة هؤلاء وبيان تناقضها بصريح المعقول المطابق لصحيح المنقول مذكور في غير هذه الكلمات وهؤلاء جميعهم يفرون من شيء فيقعون في نظيره وفي شر منه مع ما يلزمهم من التحريف والتعطيل ولو أمعنوا النظر لسووا بين المتماثلات وفرقوا بين المختلفات كما تقتضيه المعقولات ؛ ولكانوا من الذين أوتوا العلم الذين يرون أنما أنزل إلى الرسول هو الحق من ربه ويهدي إلى صراط العزيز الحميد . ولكنهم من أهل المجهولات المشبهة بالمعقولات يسفسطون في العقليات ويقرمطون في السمعيات . وذلك أنه قد علم بضرورة العقل أنه لا بد من موجود قديم غني عما سواه إذ نحن نشاهد حدوث المحدثات : كالحيوان والمعدن والنبات والحادث ممكن ليس بواجب ولا ممتنع وقد علم بالاضطرار أن المحدث لا بد له من محدث والممكن لا بد له من موجد كما قال تعالى : { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } فإذا لم يكونوا خلقوا من غير خالق ولا هم الخالقون لأنفسهم تعين أن لهم خالقا خلقهم .
أنظر ايضا للمزيد نفس المصدر 6/ ص 37 و ص 76 وص 53 كذلك 3/ ص84 86 وكتاب اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 863 0
اللهم أسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا
عاشرا :ماهو الواجب في نصوص الصفات عموما هو :
إجراؤها على ظاهرها من غير تأويل ، ولا تمثيل ،ولا تفويض
هذه طريقة أهل السنة والجماعة لقوله تعالى "وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ " (195) الشعراء وآيات أخرى تدل على أن الله نزل القرآن بلسان عربي من أجل عقله وفهمه وأتباعه وتبليغه للناس ويقتضي هذا اللسان العربي علينا فهمه وان ظاهرها أي الصفات لا تقتضي تمثيل الخالق بالمخلوق ،فأتفق السلف على أن لله تعالى حياة وعلما وقدرة وسمعا وبصرا حقيقة وأنه مستوى على عرشه حقيقة وأنه يحب ويرضى ويكره ويغضب حقيقة وأن له وجها ويدان حقيقة لا تماثل بصفات المخلوقين قال تعالى :

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58 الفرقان
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) البقرة
ويمكنك ان تتأمل كل الآيات التي وردت في صفات الله تعالى في كتابه وفي ماصح من خبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وواجبنا إجراؤها على ظاهرها من غير تأويل ، ولا تمثيل ،ولا تفويض0
هذا هو منهج أهل السنة والجماعة وعقيدتهم في الأسماء والصفات 0اللهم زكي نفسي وعلمني ماينفعني وأهدني وأهدي بي سبحانك لا آله إلا انت استغفرك وأتوب أليك 0
 يتبع الجزء الرابع ومباحث أخرى




.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق