الاثنين، 30 يناير 2012

جنازة أبن تيمية / مباحث تابعة للموضوع( الجزء الثاني )

الفرق التي خالفت أهل السنة والجماعة في المعتقد الصحيح في باب الأسماء والصفات



الذي يطلع على كتب شيخ الإسلام أبن تيميه رحمه الله أو يسمع عنها لابد أن يمر عليه ذكر بعض الفرق التي رد عليها وعقائدها التي دعت أليها وسأبسط بقدر الإمكان ملخصات مختصرة عن هذه الفرق وأرجو من الله المثوبة ثم أن تعم الفائدة لغير المتخصصين أو طلاب العلم لنشر الثقافة الإسلامية وتبسيط العقائد التي خالفت أهل السنة 0
الأول : التعريف بالجهمية

الجهمية إحدى الفرق الكلامية التي تنتسب إلى الإسلام، وهي ذات مفاهيم وآراء عقدية خاطئة في مفهوم الإيمان وفي صفات الله تعالى وأسمائه، وترجع في نسبتها إلى مؤسسها الجهم بن صفوان الترمذي، الذي كان له ولأتباعه في فترة من الفترات شأن وقوة في الدولة الإسلامية حيناً من الدهر، وقد عتوا واستكبروا واضطهدوا المخالفين لهم حينما تمكنوا منهم، ثم أدال الله عليهم فلقوا نفس المصير الذي حل بغيرهم على أيديهم. سنة الله في خلقه ولن تجد لسنته تبديلاً.
ولقد كان هؤلاء الجهمية العقبة الكؤود في طريق العقيدة السلفية النقية وانتشارها؛ حيث صرفوا علماء السلف عن نشرها بما وضعوا أمامهم من عراقيل شغلتهم وأخذت الحيز الأكبر من أوقاتهم في رد شبهات الجهمية ومجادلاتهم لهم وخصامهم معهم، وكانت العاقبة الحسنة – ولا تزال – لأهل السنة والجماعة ولله الحمد.
فرق معاصرة لغالب عواجي 3/1131
والجهمية ينسبون إلى جهم بن صفوان الترمذي وكان عالما فقيها، ينسب إلى الحنفية في الفقه، ولكنه لشدة اعتنائه بالرأي كان يناظر ويكثر من المناظرة حتى ناظر طائفة من دهرية الهند، الدهرية بضم الدال ينسبون إلى القول بالدهر {وما يهلكنا إلا الدهر} [الجاثية:28]، ينسب إلى الدهر، دهري بضم الدال على غير اعتياد كما قاله المرتضى في كتاب (تاج العروس) وقاله غيره.
المقصود ناظره قوم من الدهرية يقال لهم السمنية في الصفات لأنهم لا يؤمنون بوجود الله أصلا ويريد أن يقنعهم بوجود الله، فجرى منه معهم مناظرة ذكرتها لكم في مكان آخر، فآل به الأمر، نتيجة المناظرة وتوابعها وما حصل -وقد ذكر أصل القصة البخاري في خلق أفعال العباد-، نتج عن ذلك أنه نفى الصفات وعطل الرب - عز وجل - من صفاته وآمن بالوجود المطلق.
فالجهمية في مسائل العقيدة يذهبون في الصفات إلى النفي، فينفون عن الله - عز وجل - كل الصفات، ويجعلون الصفة الواحدة الموجودة هي صفة الوجود المطلق، ويقولون بشرط الإطلاق.
وفي الأسماء يثبتون الأسماء كدلالات على الذات -أسماء أعلام- ويفسرونها بمخلوقات منفصلة، فيجعلون الكريم هو الذات التي حصل عنها إكرام فلان -يعني يفسرونها بالكرم الذي خلقه الله-، القوي بالقوة التي خلقها الله، العزيز بالعزة التي خلقها الله يعني في الإنسان، في المخلوق يعني من حيث هو، ويجعلون تفسير الأسماء في القرآن وفي السنة يفسرونها بمخلوقات منفصلة؛ لأنه لا دلالة للأسماء على الصفة، لأنهم ينفون الصفات، وإنما يجعلونها دالة على علم لا تفسير لها من حيث العلمية لكن تفسيرها من حيث الصفة بأنها مخلوقات منفصلة.
لهذا قال بعض أهل العلم ينفون الأسماء والصفات، الجهمية ينفون الأسماء والصفات، وهذا صحيح باعتبار الحقيقة.
وطائفة يقولون لا، لا ينكرون الأسماء باعتبار أنهم يثبتون شيئا من الأسماء على طريقتهم لأن عندهم الأسماء دلالات على ذات بدون صفة في الاسم، وإنما هو مثل ما تقول مثلا (ماء سلسبيل) أو تقول في السيف حسام ومهند وسيف إلخ للدلالة على شيء واحد بدون صفة، أما صفة أنه يحكم فلا، أما صفة أنه صنع في الهند فلا، أما صفة أنه كذا فلا.
فهم يجعلونها من جهة الدلالة على الذات واحدة ومن جهة الدلالة على الصفات أنها لا تدل على صفة.
ولهذا في الآيات يفسرون الأسماء في الآيات بالمخلوقات المنفصلة، يعني أثر الصفة في المخلوق ويجعلونه مخلوقا.
أما في الإيمان فالجهمية مرجئة، وهم أشد فرق الإرجاء لأنهم قالوا يكفي في الإيمان المعرفة فقط.
ففرعون عندهم مؤمن وإبليس عندهم مؤمن.
ولم يكفر فرعون عندهم بعدم الإيمان وإنما بمخالفة الأمر، وإبليس لم يكفر بعدم الإيمان؛ بل بمخالفة الأمر، وهكذا، وهذا القول مشهور عنهم في أنه يثبت الإيمان بالمعرفة.
وفي القدر هم جبرية يرون أن الإنسان في أفعاله هو كالريشة في مهب الريح لا اختيار له البتة، هو مجبر على كل شيء، وأنه يفعل به ولا يفعل شيئا.
وفي الغيبيات ينكرون كل ما لا يوافق العقل من أمور الغيب.
وفي الآخرة ينكرون دوام الجنة والنار.
يقولون الجنة لا تدوم والنار لا تدوم لأن دوام الجنة والنار ظلم، فتفنى الجنة وتفنى النار معا.
بخلاف المعتزلة فإنهم يقولون بفناء النار والجنة كدار نعيم وعذاب، لكن التلذذ والألم يبقى، فيستمر التلذذ ويستمر الألم ولا تستمر الدار.
فهي أقوال مختلفة نسأل الله - عز وجل - السلامة منها ومما جر إليها.
التعريف بالجهم بن صفوان
هو حامل لواء الجهمية، وهو من أهل خراسان، ظهر في المائة الثانية من الهجرة، ويكنى بأبي محرز، وهو من الجبرية الخالصة، وأول من ابتدع القول بخلق القرآن وتعطيل الله عن صفاته.
وكان مولى لبني راسب إحدى قبائل الأزد، وكان من أخلص أصدقاء الحارث بن سريج إلى أن قتل سنة 128 هـ، وقيل: إن الجهم قتل سنة 130هـ، وقيل سنة 132هـ. وتاريخه طويل، وكتبت فيه مؤلفات عديدة ورسائل جامعية.كان الجهم كثير الجدال والخصومات والمناظرات، إلا أنه لم يكن له بصر بعلم الحديث ولم يكن من المهتمين به، إذ شغله علم الكلام عن ذلك، وقد نبذ علماء السلف أفكار جهم وشنعوا عليه ومقتوه أشد المقت مع ما كان يتظاهر به من إقامة الحق، قال عنه الأشعري بعد أن ذكر جملة من آرائه الاعتقادية التي تفرد بها، قال: "وكان جهم ينتحل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" .والشيخ جمال الدين القاسمي ذهب إلى أ ن جهماً كان من أحرص الناس على إقامة كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن قتله إنما كان لأمر سياسي، وذلك لخروجه في وجه بني أمية، ولم يكن قتله لأمر ديني يوجب ذلك فيما يرى القاسمي" وهو بهذا قد خالف ما ذكره جمهور العلماء من أن قتله إنما كان لأمر ديني، وقد أقر الناس قتله في وقته لضلاله.وأما الإمام أحمد بن حنبل فقد قال عنه: "وكذلك الجهم وشيعته دعوا الناس إلى المتشابه من القرآن والحديث فضلوا وأضلوا بكلامهم بشراً كثيراً، فكان مما بلغنا من أمر الجهم عدو الله أنه كان من أهل خراسان من أهل ترمذ، وكان صاحب خصومات وكلام" .

فرق معاصرة لغالب عواجي 3/1131

جهم بن صفوان، رأس الجهمية الذي ينسبون إليه من المجبّرة، ظهرت بدعته بترمذ وقتله سالم بن أحوز المازني، في آخر ملك بني أمية ذهب إلى أن الإنسان لا يوصف بالاستطاعة على الفعل بل هو مجبور بما يخلقه الله تعالى من الأفعال على حسب ما يخلقه في سائر الجمادات وأن نسبة الفعل إليه إنما هو بطريق المجاز كما يقال جرى الماء وطلعت الشمس وتغيَّمت السماء إلى غير ذلك.
ووافق المعتزلة في نفي صفات الله الأزليّة وزاد عليهم بأشياء منها: أنه نفى كونه حيّاً عالماً وأثبت كونه عالماً قادراً. ومنها أنه أثبت للباري تعالى علوماً حادثة لا في محلّ.
ومنها أنه قال: لا يجوز أن يعلم الله تعالى الشيء قبل خلقه، قال: لأنه لو علم به قبل خلقه لم يخل إمّا أن يكون علمه بأنه سيوجده يبقى بعد أن يوجده أم لا ولا جائز أن يبقى لأنه بعد أن أوجده لا يبقى العلم بأنه سيوجده لأنّ العلم بأنّه أوجده غير العلم بأنه سيوجده ضرورة وإلاّ لانقلب العلم جهلاً وهو على الله سبحانه محال وإن لم يبق علمه بأنه سيوجده بعد أن أوجده فقد تغير والتغيّر على الله محال، وإذا ثبت هذا تعيّن أن يكون علمه حادثاً بحدوث الإيجاد لأن ذلك يؤدي إلى أنّ ذاته محل للحوادث وهو محال، وإمّا أن يحدث في محل وهو أيضاً محال لأنه يؤدي إلى أن يكون المحل موصوفاً بعلم الباري تعالى وهو محال، فتعيّن أن يكون علمه حادثاً لا في محل. ومنها أنه قال: الثواب والعقاب والتكليف جبرٌ كما أن أفعال العباد جبرٌ.
ومنها أنه قال: إن حركات أهل الجنة والنار تنقطع. ومنه أخذ أبو الهذيل وأتباعه من المعتزلة.
ومنها أن النار والجنّة يفنيان بعد دخول أهلهما إليهما قال: لأنه لا يتصور حركات لا تتناهى أولاً فكذلك لا يتصوَّر حركاتٌ لا تتناهى آخراً، وحمل قوله تعالى خالدين فيها أبداً على المبالغة واستدلّ على الانقطاع بقوله تعالى إلا ما شاء ربك، ولو كان مؤبداً بلا انقطاع لما استثنى. ووافق المعتزلة في نفي الرؤية وإثبات خلق الكلام وإيجاب المعارف بالعقل.
وكان السلف الصالح رضي الله عنهم من أشد الناس ردّاً على جهم لبدعه القبيحة وكانت قتلته في حدود الثلاثين والمئة. وكان ذا أدب ونظر وذكاءٍ وفكر وجدال ومراء، وكان كاتب الأمير الحارث بن شريح التميمي الذي وثب على نصر بن سيّار. وكان جهم هو ومقابل بن سليمان بخراسان طرفي نقيض، هذا يبالغ في النفي والتعطيل وهذا يسرف في الإثبات والتجسيم فيقول: إن الله جسم ولحم ودم على صورة الإنسان، تعالى الله عن ذلك. ترك الصلاة أربعين يوماً فأنكر عليه الوالي فقال: إذا ثبت عندي من أعبده صليت له فضرب عنقه.
الوافي بالوفيات 4/57
وقد قتله سلم بن أحوز في مرو عام 128هـ .

نقلا عن موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية للشيخ علوي بن عبد القادر السقاف حفظه الله
ثانيا: المعتزلة


تعريف المعتزلة لغةً واصطلاحاً
لمعرفة معنى هذه الكلمة؛ لابد أن نعرف ما هو الاعتزال في اللغة.
الاعتزال لغة: مأخوذ من اعتزل الشيء وتعزله بمعنى تنحى عنه، ومنه تعازل القوم بمعنى تنحى بعضهم عن بعض، وكنت بمعزل عن كذا وكذا أي: كنت في موضع عزلة منه، واعتزلت القوم أي فارقتهم، وتنحيت عنهم، ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} [الدخان: 21]. أراد إن لم تؤمنوا بي، فلا تكونوا علي ولا معي. ومنه قول الأحوص:
يا بيت عاتكة الذي أتعزل
حذر العدى وبه الفؤاد موكل
وعلى ذلك: فالاعتزال معناه: الانفصال والتنحي، والمعتزلة هم المنفصلون. هذا في اللغة .أما المعتزلة في الاصطلاح: فهو اسم يطلق على فرقة ظهرت في الإسلام في أوائل القرن الثاني، وسلكت منهجا عقليا متطرفا في بحث العقائد الإسلامية ، وهم أصحاب واصل بن عطاء الغزال الذي اعتزل عن مجلس الحسن البصري .
لقد اختلف الباحثون في أصل هذه التسمية، وسنعرض أهم الآراء في ذلك، وما ورد على كل رأي من اعتراض، ثم نبين الرأي الأقرب للصواب.
الرأي الأول: التفسير الشائع الذي أورده كتَّاب الفرق، كالبغدادي والشهرستاني ، ومن على شاكلتهما، والذي يفيد بأن كلمة "المعتزلة" لفظ أطلقه أعداؤهم من أهل السنة عليهم للتدليل على أنهم انفصلوا عنهم، وتركوا مشايخهم القدامى، واعتزلوا قول الأمة بأسرها في مرتكب الكبيرة، فهو بهذا الاعتبار اسم يتضمن نوعا من الذم، واتهاما واضحا بالخروج على السنة والجماعة، فالمعتزلي هو المخالف والمنفصل .يقول الشهرستاني: ودخل رجل على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين: لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم وعيدية الخوارج، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان؛ بل العمل على مذهبهم ليس ركنا من الإيمان، فلا يضر مع مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادا؟ ففكر الحسن في ذلك, وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول أن صاحب الكبيرة مؤمن مطلق، ولا كافر مطلقا؛ بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثم قام واعتزل إلى أسطوانة من أسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن. فقال الحسن: اعتزلنا واصل، فسمي هو وأصحابه المعتزلة .ويقول البغدادي: إن واصل بن عطاء زعم أن الفاسق من هذه الأمة لا مؤمن ولا كافر، وجعل الفسق في منزلتي الكفر والإيمان، وأن الحسن البصري لما سمع ذلك منه طرده من مجلسه، وانضم إليه صديقه عمرو بن عبيد ، فقال الناس فيهما: إنهما قد اعتزلا قول الأمة، وسمي أتباعهما من يومئذ معتزلة . انتهى كلام البغدادي بتصرف.وهناك رواية تنسب الاعتزال إلى عمرو بن عبيد أوردها المقريزي في خططه حيث قال: "وقال ابن منبه: اعتزل عمرو بن عبيد وأصحاب له الحسن، فسموا المعتزلة .
وقد اعترض بعض الباحثين المعاصرين على أصل هذه التسمية، بأمور منها:
1-
أن انتقال واصل بن عطاء أو عمرو بن عبيد من أسطوانة في المسجد إلى أخرى ليس بالأمر الهام الذي يصح أن تلقب به فرقة. 2- اختلاف الرواة في سرد الرواية، فبعضهم ينسب حادثة الانفصال إلى عمرو بن عبيد، وبعضهم ينسبها إلى قتادة بن دعامة السدوسي وهذا مما يضعف الرواية ويجعلها عرضة للنقد؛ فالذي فهم من رواية الشهرستاني مثلا: هو أن الحسن البصري هو الذي قال لواصل بن عطاء حين اختلفا في مسألة الحكم على مرتكب الكبيرة، (اعتزلنا واصل، فسمي هو وأصحابه معتزلة).أما ابن خلكان وجماعة معه، فيذكرون: أن الذي سماهم بهذا الاسم هو المحدث المشهور قتادة بن دعامة السدوسي، المتوفى سنة (117)هـ، وكان قتادة من علماء البصرة، وأعلام التابعين، ومن أصحاب الحسن البصري، دخل يوما مسجد البصرة وكان ضريرا فإذا بعمرو بن عبيد ونفر معه قد اعتزلوا حلقة الحسن البصري وكونوا لهم حلقة خاصة وارتفعت أصواتهم، فأمهم وهو يظن أنهم من حلقة الحسن، فلما صار معهم وعرف حقيقتهم قال: إنما هؤلاء المعتزلة، فسموا معتزلة من وقتها .فاختلاف الرواة في المنفصل عن الحسن البصري، هل هو عمرو بن عبيد أو واصل بن عطاء؟ واختلاف المسمي هل هو الحسن البصري أم قتادة؟ مما يضعف الرواية ويشكك فيها .
هذه أهم الاعتراضات التي وردت على هذا الرأي. الرأي الثاني: تفسير جولد تسيهر :
يرى جولد تسيهر أن هذه الفرقة الكلامية ولدت من نزعة ورعة، وأنه كان من هؤلاء الجماعة الورعين المعتزلة، أي: الزهاد الذين يعتزلون الناس، ويؤيد رأيه بشبهات، منها ما يلي:
1-
أن بعض المصادر الأدبية استعملت فيها كلمة (معتزلي) كمرادف لكلمة (عابد) أو (زاهد)؛ فالاعتزال صفة يوصف بها الزاهد. 2- ما عرف به أوائل المعتزلة من ميل للزهد والعبادة، وأنهم كانوا يعتزلون العالم، ويحيون حياة التقشف والزهد، فيروى عن واصل بن عطاء أنه كان إذا جنه الليل صف قدميه ليصلي ولوح ودواة موضوعان فإذا مرت به آية فيها حجة على مخالف جلس فكتبها ثم عاد في صلاته. وروي عن عمرو بن عبيد أنه كثيرا ما كان يصلي الفجر بوضوء المغرب، وأنه حج حججا كثيرة ماشيا ,وبعيره موقوف على من أحصر .وقد رد مرغليوث ونيللو هذا التفسير، فيقول مرغليوث: المعتزلة من انفصلوا. وهم الذين اعتزلوا إخوانهم في مجلس الحسن البصري، وكانوا يؤمنون بحرية الإرادة. أما نيللو: فيقول: إن ما افترضه جولد تسيهر وهمي لا يقوم على سند ما من المصادر، بل هو فوق هذا يصطدم بمشكلة خطيرة، كيف يمكن أن يكون اسم المعتزلة قد قصر على طائفة من الناس لم يكن الزهد فيهم العنصر المميز لهم حقا عن غيرهم، سواء كأفراد، أو كجماعة؟ أفلم يكن الزهد منتشرا بنفس الدرجة في الوسط الديني الذي اعتزله المعتزلة؟ أفلم يكن الحسن البصري مشهورا بالزهد، وهو أستاذ واصل .
وإذا فهذا الرأي مردود.
الرأي الثالث: التفسير السياسي.
من أشهر القائلين بهذا الرأي نيللو والمستشرق السويدي نيبرج، وملخص رأيهم: أن منشأ الاعتزال من أصل سياسي، وأن المعتزلة الدينية أتباع واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد كانوا في الأصل استمرارا في ميدان الفكر والنظر لفئة سياسية سبقتها في الظهور، هي فئة المعتزلة السياسيين الذين ظهروا في حرب صفين، وقبلها في معركة الجمل، وقد أبدوا رأيهم بأدلة، منها ما يلي:
1-
أن لفظ الاعتزال كثيرا ما يرد في كتب التاريخ، وفي لغة السياسة في القرن الأول والنصف الأول من القرن الثاني للهجرة للدلالة على الامتناع عن مناصرة أحد الفريقين المتنازعين، وعلى الوقوف موقف الحياد، كأن يرى الرجل فئتين متقاتلتين، ثم هو لا يقتنع برأي أحدهما أو رأي أن كلا الفريقين غير محق. من ذلك ما نراه من إطلاق المؤرخين هذه الكلمة (المعتزلة) كثيرا على الطائفة التي لم تشارك في القتال بين علي وعائشة في حرب الجمل، وعلى الذين لم يدخلوا في النزاع بين علي ومعاوية ، فقد ذكر الطبري في حوادث سنة (36)هـ, أن قيس بن سعد – عامل مصر من قبل علي – كتب إليه يقول: "إن قبلي رجالا معتزلين قد سألوني أن أكف عنهم، وأن أدعهم على حالهم حتى يستقيم أمر الناس، فنرى ويرى رأيهم" .وفي موضع آخر يقول: "ولم يلبث محمد بن أبي بكر شهرا كاملا حتى بعث إلى أولئك القوم المعتزلين الذين كان قيس وادعهم، فقال: يا هؤلاء إما أن تدخلوا في طاعتنا، وإما أن تخرجوا من بلادنا، فبعثوا إليه: إنا لا نفعل، دعنا حتى ننظر إلى ما تصير إليه أمورنا، ولا تعجل بحربنا" .2- هناك نصوص وشواهد مهمة تفيد أن مثل هذه الفئة المعتزلة التي وقفت على الحياد في الحروب المشار إليها أطلقت على نفسها اسم المعتزلة أو أطلق عليها اسم المعتزلة من ذلك ما يذكره الملطي إذ يقول: "وهم سموا أنفسهم معتزلة؛ وذلك عندما بايع الحسن بن علي – رضي الله عنه – معاوية وجميع الناس، وكانوا من أصحاب علي – رضي الله عنه – لزموا منازلهم ومساجدهم وقالوا: نشتغل بالعلم والعبادة، فسموا بذلك معتزلة" .وما يقوله النوبختي : "لما قتل عثمان بايع الناس عليا، فسموا الجماعة ثم افترقوا ثلاث فرق: فرقة أقامت على ولاية علي – رضي الله عنه –، وفرقة اعتزلت مع سعد بن مالك وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب ومحمد بن مسلمة الأنصاري وأسامة بن زيد بن حارثة؛ فإن هؤلاء اعتزلوا عن علي وامتنعوا عن محاربته، والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته والرضا به، فسموا المعتزلة، وصاروا أسلاف المعتزلة إلى آخر الأبد، وقالوا: لا يحل قتال علي ولا القتال معه .
وقد رد بعض الباحثين هذا الرأي محتجين بأمور، منها: 1- أن أقوال المعتزلة الكلامية ليس فيها ما يثبت الأصل السياسي لنشأتهم. يقول الأستاذ كوريان: "إذا فكرنا مليا في مذهب الاعتزال، وفي حرية الاختيار؛ رأينا أن السياسية لا تشكل سببا كافيا لنشوئهما" .
2-
لو صح أن هؤلاء الصحابة المعتزلين للفتنة كانوا أسلافا للمعتزلة لوجب اتفاقهم معهم في أصول مذهبهم، فلما لم يتفقوا دل على بطلان هذا الرأي، فمثلا: مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند المعتزلة واجب بالسيف فما دونه، كيف قدروا على ذلك؟ فلو كان الصحابة المعتزلون للفتنة أسلافا للمعتزلة الفرقة لأوجب عليهم هذا الأصل قتال معاوية، ونحن نراهم قد توقفوا عن القتال وابتعدوا عن الفتنة؛ مما يدل على بطلان القول بأنهم أسلاف للمعتزلة، وعليه فيبطل هذا الرأي.
الرأي الرابع:
وهو رأي انفرد به الدكتور أحمد أمين، فقد قال في كتابه (فجر الإسلام): ولنا فرض آخر في تسميتهم المعتزلة لفتنا إليه ما قرأناه في خطط المقريزي من أن من بين الفرق اليهودية التي كانت منتشرة في ذلك العصر وما قبله طائفة يقال لها "الفروشيم" وقال: إن معناها المعتزلة. وذكر بعضهم عن هذه الفرقة: أنها كانت تتكلم في القدر، وتقول: ليس كل الأفعال خلقها الله، فلا يبعد أن يكون هذا اللفظ قد أطلقه على المعتزلة قوم ممن أسلموا من اليهود لما رأوا بين الفرقتين من الشبه. وإن التشابه بين معتزلة اليهود ومعتزلة الإسلام موجود. فمعتزلة اليهود: يفسرون التوراة على مقتضى منطق الفلاسفة؛ ومعتزلة الإسلام : يتأولون كل ما في القرآن من أوصاف على مقتضى منطق الفلاسفة أيضا، فقد قال المقريزي في هؤلاء الفروشيم الذين ساهم المعتزلة قال: إنهم يأخذون بما في التوراة على معنى ما فسره الحكماء من أسلافهم .
وهذا الرأي مردود لأمور منها:
1-
أنه لم يرد له ذكر في كتب أهل الفرق المتقدمين الذين تعرضوا للمعتزلة بالبيان والتفصيل، فلو كان صحيحا لأشير إليه على الأقل، كما أشير إلى الآراء الأخرى في بيان سبب تسميتهم بالمعتزلة.
2-
أن ما استدل به الدكتور أحمد أمين ضعيف واه لا يستند على دليل، بل إنه مجرد افتراض، والرأي الذي لا يبنى على دليل صحيح لا يعتد به.
3-
إن الشبه بين فئتين: المعتزلة والطائفة اليهودية التي يذكرها أحمد أمين لا يستلزم أن يكون سبب تسميتهم بالمعتزلة، وعلى هذا: فهذا الرأي مردود. والرأي الأقرب للصواب في أصل تسمية المعتزلة - والله أعلم - أن اسم الاعتزال ظهر أثناء الحروب التي حصلت في عهد علي - رضي الله عنه - لكنه لم يطلق على فئة بعينها؛ بل من اعتزل عن السياسة أطلقت عليه، ومن اعتزل للعبادة أطلقت عليه، ثم إن وجود هذه الحروب مما أورث الخلاف بين المسلمين وتفرقهم فرقا, كل فرقة ترى أنها على الصواب ومن سواها على الخطأ؛ ومن ثم أخذوا يبحثون في حكمها، وأصبحت كل فرقة تضع حكما مخالفا للأخرى؛ مما ساقهم إلى البحث في حكم مرتكب الكبيرة، ووضعت بعض الفرق أحكاما متناقضة على إثرها حصلت قصة السائل الذي أتى إلى الحسن البصري في حلقته، وحكى له ما سمع من آراء متناقضة في حكم مرتكب الكبيرة، وطلب منه رأيه ثم إن أحد تلاميذ الحسن وهو واصل بن عطاء سبقه وأخرج حكما يخالف شيخه في مرتكب الكبيرة، وهو أنه في منزلة بين المنزلتين؛ وبسبب ذلك قال الحسن: اعتزلنا واصل ثم طرده من حلقته، فاعتزل في سارية من سواري مسجد البصرة يقرر ما أجاب به على جماعة استحسنوا رأيه وتابعوه، فسموا من ذلك الحين المعتزلة؛ لاعتزالهم الحسن وقول الأمة بأسرها وحكمهم على صاحب الكبيرة باعتزاله المؤمنين والكافرين .
وعلى ذلك؛ فظهور هذه التسمية على فرقة بعينها مستقلة، إنما حصل في حلقة الحسن البصري – رحمه الله – والله أعلم.
أما قول من اعترض على هذا الرأي باختلاف الرواة في سرد الرواية، وأن بعضهم ينسب حادثة الانفصال إلى عمرو بن عبيد، وبعضهم ينسبها إلى واصل بن عطاء، وبعضهم ينسب التسمية إلى الحسن البصري، وبعضهم ينسبها إلى قتادة بن دعامة السدوسي، وأن هذا مما يضعف الرواية. فنقول: إن المنفصل هو واصل بن عطاء، وقد انفصل معه عمرو بن عبيد، فلا يمتنع أن يكون من قال بانفصال عمرو عن الحسن، وأنه سبب التسمية أن يكون قاصدا عمرا وواصلا ومن معهما، لأنه قال: عمرو وجماعة معه، فيكون النقاش دار بين الحسن وواصل، والانفصال من واصل وعمرو ومن معهما.
أما اختلاف المسمي هل هو الحسن أم قتادة؟؛ فهذا أيضا: لا يقدح في صحة الرواية؛ لأن المسمي الأول هو الحسن، أما قتادة فإنما قال شيئا قد حصل ومضى، ويدل عليه ألفاظ الرواية "فأمهم وهو يظن أنهم حلقة الحسن" ثم قال لقتادة: "إنما هؤلاء المعتزلة" ففي هاتين الجملتين دلالة على أن قتادة من مرتادي مجلس الحسن، وأنه كان يعرف سبب انفصالهم، وأن إطلاقه الاسم إنما كان بعد تكون الفرقة، وعلى هذا، فلا تعارض بين الروايتين. ومما يؤكد ما ذكرناه ما يقوله المسعودي حيث قال: "وأما القول بالمنزلة بين المنزلتين، وهو الأصل الرابع، فهو أن الفاسق المرتكب للكبائر ليس بمؤمن ولا كافر، بل يسمى فاسقا . . إلى أن قال: وبهذا الباب سميت المعتزلة؛ وهو الاعتزال . . " .
التأسيس وأبرز الشخصيات:
·
اختلفت رؤية العلماء في ظهور الاعتزال، واتجهت هذه الرؤية وجهتين:
ـ الوجهة الأولى: أن الاعتزال حصل نتيجة النقاش في مسائل عقدية دينية كالحكم على مرتكب الكبيرة ، والحديث في القدر، بمعنى هل يقدر العبد على فعله أو لا يقدر، ومن رأي أصحاب هذا الاتجاه أن اسم المعتزلة أطلق عليهم لعدة أسباب:
1
ـ أنهم اعتزلوا المسلمين بقولهم بالمنزلة بين المنزلتين
2
ـ أنهم عرفوا بالمعتزلة بعد أن اعتزل واصل بن عطاء حلقة الحسن البصري وشكل حقلة خاصة به لقوله بالمنزلة بين المنزلتين فقال الحسن: "اعتزلنا واصل".
3
ـ أو أنهم قالوا بوجوب اعتزال مرتكب الكبيرة ومقاطعته .
ـ والوجهة الثانية: أن الاعتزال نشأ بسبب سياسي حيث أن المعتزلة من شيعة علي رضي الله عنه اعتزلوا الحسن عندما تنازل لمعاوية، أو أنهم وقفوا موقف الحياد بين شيعة علي ومعاوية فاعتزلوا الفريقين.
·
أما القاضي عبد الجبار الهمذاني ـ مؤرخ المعتزلة ـ فيزعم أن الاعتزال ليس مذهباً جديداً أو فرقة طارئة أو طائفة أو أمراً مستحدثاً، وإنما هو استمرار لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وقد لحقهم هذا الاسم بسبب اعتزالهم الشر لقوله تعالى: (وأعتزلكم وما تدعون) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من اعتزل الشر سقط في الخير).
·
والواقع أن نشأة الاعتزال كان ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفة اليونانية والهندية والعقائد اليهودية والنصرانية لما سنرى في فقرة (الجذور الفكرية والعقائدية) .
·
قبل بروز المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء، كان هناك جدل ديني فكري بدأ بمقولات جدلية كانت هي الأسس الأولى للفكر المعتزلي وهذه المقولات نوجزها مع أصحابها بما يلي:
ـ مقولة أن الإنسان حر مختار بشكل مطلق، وهو الذي يخلق أفعاله بنفسه قالها: معبد الجهني، الذي خرج على عبد الملك بن مروان مع عبد الرحمن بن الأشعث .. وقد قتله الحجاج عام 80هـ بعد فشل الحركة .
ـ وكذلك قالها غيلان الدمشقي في عهد عمر بن عبد العزيز وقتله هشام بن عبد الملك .
ـ ومقولة خلق القرآن ونفي الصفات، قالها الجهم بن صفوان، وقد قتله سلم بن أحوز في مرو عام 128هـ .
ـ وممن قال بنفي الصفات أيضاً: الجعد بن درهم الذي قتله خالد بن عبد الله القسري والي الكوفة .
·
ثم برزت المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء الغزال (80هـ ـ 131هـ) الذي كان تلميذاً للحسن البصري، ثم اعتزل حلقة الحسن بعد قوله بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين (أي ليس مؤمناً ولا كافراً) وأنه مخلد في النار إذا لم يتب قبل الموت، وقد عاش في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك، والفرقة المعتزلية التي تنسب إليه تسمى: الواصيلة.
·
ولاعتماد المعتزلة على العقل في فهم العقائد وتقصيهم لمسائل جزئية فقد انقسموا إلى طوائف مع اتفاقهم على المبادئ الرئيسة الخمسة ـ التي سنذكرها لاحقاً ـ وكل طائفة من هذه الطوائف جاءت ببدع جديدة تميزها عن الطائفة الأخرى .. وسمت نفسها باسم صاحبها الذي أخذت عنه .
·
وفي العهد العباسي برز المعتزلة في عهد المأمون حيث اعتنق الاعتزال عن طريق بشر المريسي وثمامة بن أشرس وأحمد بن أبي دؤاد وهو أحد رؤوس بدعة الاعتزال في عصره ورأس فتنة خلق القرآن، وكان قاضياً للقضاة في عهد المعتصم.
ـ في فتنة خلق القرآن امتحن الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض الرضوخ لأوامر المأمون والإقرار بهذه البدعة، فسجن وعذب وضرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون وبقي في السجن لمدة عامين ونصف ثم أعيد إلى منزله وبقي فيه طيلة خلافة المعتصم ثم ابنه الواثق .
ـ لما تولى المتوكل الخلافة عام 232هـ انتصر لأهل السنة وأكرم الإمام أحمد وأنهى عهد سيطرة المعتزلة على الحكم ومحاولة فرض عقائدهم بالقوة خلال أربعة عشر عاماً .
·
في عهد دولة بني بويه عام 334 هـ في بلاد فارس ـ وكانت دولة شيعية ـ توطدت العلاقة بين الشيعة والمعتزلة وارتفع شأن الاعتزال أكثر في ظل هذه الدولة فعين القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة في عصره قاضياً لقضاء الري عام 360هـ بأمر من الصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة البويهي ، وهو من الروافض المعتزلة، يقول فيه الذهبي: " وكان شيعيًّا معتزليًّا مبتدعاً " ويقول المقريزي: " إن مذهب الاعتزال فشا تحت ظل الدولة البويهية في العراق وخراسان وما وراء النهر " . وممن برز في هذا العهد: الشريف المرتضى الذي قال عنه الذهبي: " وكان من الأذكياء والأولياء المتبحرين في الكلام والاعتزال والأدب والشعر لكنه إمامي جلد ".
·
بعد ذلك كاد أن ينتهي الاعتزال كفكر مستقل إلا ما تبنته منه بعض الفرق كالشيعة وغيرهم .
·
عاد فكر الاعتزال من جديد في الوقت الحاضر، على يد بعض الكتاب والمفكرين، الذين يمثلون المدرسة العقلانية الجديدة وهذا ما سنبسطه عند الحديث عن فكر الاعتزال الحديث .
·
ومن أبرز مفكري المعتزلة منذ تأسيسها على يد واصل بن عطاء وحتى اندثارها وتحللها في المذاهب الأخرى كالشيعة والأشعرية والماتريدية ما يلي:
ـ أبو الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف (135 ـ226 هـ) مولى عبد القيس وشيخ المعتزلة والمناظر عنها. أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء، طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة، فقد تأثر بأرسطو وأنبادقليس من فلاسفة اليونان، وقال بأن " الله عالم بعلم وعلمه ذاته، وقادر بقدرة وقدرته ذاته … " انظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص 76 . وتسمى طائفة الهذيلية .
ـ إبراهيم بن يسار بن هانئ النظام (توفي سنة 231هـ) وكان في الأصل على دين البراهمة وقد تأثر أيضاً بالفلسفة اليونانية مثل بقية المعتزلة .. وقال:بأن المتولدات من أفعال الله تعالى، وتسمى طائفته النظامية .
ـ بشر بن المعتمر (توفي سنة 226 هـ) وهو من علماء المعتزلة، وهو الذي أحدث القول بالتولد وأفرط فيه فقال: إن كل المتولدات من فعل الإنسان فهو يصح أن يفعل الألوان والطعوم والرؤية والروائح وتسمى طائفته البشرية.
ـ معمر بن عباد السلمي (توفي سنة 220 هـ) وهو من أعظم القدرية فرية في تدقيق القول بنفي الصفات ونفي القدر خيره وشره من الله وتسمى طائفته: المعمرية .
ـ عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمردار (توفي سنة 226هـ) وكان يقال له: راهب المعتزلة، وقد عرف عنه التوسع في التكفير حتى كفر الأمة بأسرها بما فيها المعتزلة، وتسمى طائفته المردارية .
ـ ثمامة بن أشرس النميري (توفي سنة 213هـ)، كان جامعاً بين قلة الدين وخلاعة النفس، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة . وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين . وكان زعيم القدرية في زمان المأمون والمعتصم والواثق وقيل إنه الذي أغرى المأمون ودعاه إلى الاعتزال، وتسمى طائفته الثمامية .
ـ عمرو بن بحر: أبو عثمان الجاحظ (توفي سنة 256هـ) وهو من كبار كتاب المعتزلة، ومن المطلعين على كتب الفلاسفة، ونظراً لبلاغته في الكتابة الأدبية استطاع أن يدس أفكاره المعتزلية في كتاباته كما يدس السم في الدسم مثل، البيان والتبيين، وتسمى فرقته الجاحظية .
ـ أبو الحسين بن أبي عمر الخياط (توفي سنة 300هـ) من معتزلة بغداد و بدعته التي تفرد بها قوله بأن المعدوم جسم، والشيء المعدوم قبل وجوده جسم، وهو تصريح بقدم العالم، وهو بهذا يخالف جميع المعتزلة وتسمى فرقته الخياطية .
ـ القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني (توفي سنة 414هـ) فهو من متأخري المعتزلة، قاضي قضاة الري وأعمالها، وأعظم شيوخ المعتزلة في عصره، وقد أرخ للمعتزلة وقنن مبادئهم وأصولهم الفكرية والعقدية.
المبادئ والأفكار:
·
جاءت المعتزلة في بدايتها بفكرتين مبتدعتين:
ـ الأولى: القول بأن الإنسان مختار بشكل مطلق في كل ما يفعل، فهو يخلق أفعاله بنفسه، ولذلك كان التكليف، ومن أبرز من قال ذلك غيلان الدمشقي، الذي أخذ يدعو إلى مقولته هذه في عهد عمر بن عبد العزيز . حتى عهد هشام بن عبد الملك، فكانت نهايته أن قتله هشام بسبب ذلك .
ـ الثانية: القول بأن مرتكب الكبيرة ليس مؤمناً ولا كافراً ولكنه فاسق فهو بمنزلة بين المنزلتين، هذه حاله في الدنيا أما في الآخرة فهو لا يدخل الجنة لأنه لم يعمل بعمل أهل الجنة بل هو خالد مخلد في النار، ولا مانع عندهم من تسميته مسلماً باعتباره يظهر الإسلام وينطق بالشهادتين ولكنه لا يسمى مؤمناً.
·
ثم حرر المعتزلة مذهبهم في خمسة أصول:
1
ـ التوحيد .
2
ـ العدل .
3
ـ الوعد والوعيد .
4
ـ المنزلة بين المنزلتين .
5
ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
1
ـ التوحيد: وخلاصته برأيهم، هو أن الله تعالى منزه عن الشبيه والمماثل (ليس كمثله شيء) ولا ينازعه أحد في سلطانه ولا يجري عليه شيء مما يجري على الناس. وهذا حق ولكنهم بنوا عليه نتائج باطلة منها: استحالة رؤية الله تعالى لاقتضاء ذلك نفي الصفات، وأن الصفات ليست شيئاً غير الذات، وإلا تعدد القدماء في نظرهم، لذلك يعدون من نفاة الصفات وبنوا على ذلك أيضاَ أن القرآن مخلوق لله سبحانه وتعالى لنفيهم عنه سبحانه صفة الكلام.
2
ـ العدل: ومعناه برأيهم أن الله لا يخلق أفعال العباد، ولا يحب الفساد، بل إن العباد يفعلون ما أمروا به وينتهون عما نهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم وركبها فيهم وأنه لم يأمر إلا بما أراد ولم ينه إلا عما كره، وأنه ولي كل حسنة أمر بها، بريء من كل سيئة نهى عنها، لم يكلفهم ما لا يطيقون ولا أراد منهم ما لا يقدرون عليه . وذلك لخلطهم بين إرادة الله تعالى الكونية وإرادته الشرعية .
3
ـ الوعد والوعيد: ويعني أن يجازي الله المحسن إحساناً ويجازي المسيء سوءاً، ولا يغفر لمرتكب الكبيرة إلا أن يتوب .
4
ـ المنزلة بين المنزلتين: وتعني أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين الإيمان والكفر فليس بمؤمن ولا كافر . وقد قرر هذا واصل بن عطاء شيخ المعتزلة .
5
ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فقد قرروا وجوب ذلك على المؤمنين نشراً لدعوة الإسلام وهداية للضالين وإرشاداً للغاوين كل بما يستطيع: فذو البيان ببيانه، والعالم بعلمه، وذو السيف بسيفه وهكذا . ومن حقيقة هذا الأصل أنهم يقولون بوجوب الخروج على الحاكم إذا خالف وانحرف عن الحق .
·
ومن مبادئ المعتزلة الاعتماد على العقل كليًّا في الاستدلال لعقائدهم وكان من آثار اعتمادهم على العقل في معرفة حقائق الأشياء وإدراك العقائد، أنهم كانوا يحكمون بحسن الأشياء وقبحها عقلاً فقالوا كما جاء في الملل والنحل للشهرستاني: " المعارف كلها معقولة بالفعل، واجبة بنظر العقل، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع أي قبل إرسال الرسل، والحسن والقبيح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح " .
ـ ولاعتمادهم على العقل أيضاً أوَّلوا الصفات بما يلائم عقولهم الكلية، كصفات الاستواء واليد والعين وكذلك صفات المحبة والرضى والغضب والسخط ومن المعلوم أن المعتزلة تنفي كل الصفات لا أكثرها .
ـ ولاعتمادهم على العقل أيضاً، طعن كبراؤهم في أكابر الصحابة وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب، فقد زعم واصل بن عطاء: أن إحدى الطائفتين يوم الجمل فاسقة، إما طائفة علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر والحسن والحسين وأبي أيوب الأنصاري أو طائفة عائشة والزبير، وردوا شهادة هؤلاء الصحابة فقالوا: لا تقبل شهادتهم .
ـ وسبب اختلاف المعتزلة فيما بينهم وتعدد طوائفهم هو اعتمادهم على العقل فقط ـ كما نوهنا ـ وإعراضهم عن النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة، ورفضهم الإتباع بدون بحث واستقصاء وقاعدتهم التي يستندون إليها في ذلك:
"
كل مكلف مطالب بما يؤديه إليه اجتهاده في أصول الدين "، فيكفي وفق مذهبهم أن يختلف التلميذ مع شيخه في مسألة ليكون هذا التلميذ صاحب فرقة قائمة، وما هذه الفرق التي عددناها آنفاً إلا نتيجة اختلاف تلاميذ مع شيوخهم، فأبو الهذيل العلاف له فرقة، خالفه تلميذه النظام فكانت له فرقة، فخالفه تلميذه الجاحظ فكانت له فرقة، والجبائي له فرقة، فخالفه ابنه أبو هاشم عبد السلام فكانت له فرقة أيضاَ وهكذا .
ـ وهكذا نجد أن المعتزلة قد حولوا الدين إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية، وذلك لتأثرهم بالفلسفة اليونانية عامة وبالمنطق الصوري الأوسطي خاصة .
·
وقد فند علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم، فمنهم أبو الحسن الأشعري الذي كان منهم، ثم خرج من فرقتهم ورد عليهم متبعاً أسلوبهم في الجدال والحوار .. ثم جاء الإمام أحمد بن حنبل الذي اكتوى بنار فتنتهم المتعلقة بخلق القرآن ووقف في وجه هذه الفتنة بحزم وشجاعة نادرتين .
ـ ومن الردود قوية الحجة، بارعة الأسلوب، رد شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عليهم في كتابه القيم: درء تعارض العقل والنقل فقد تتبع آراءهم وأفكارهم واحدة واحدة ورد عليها ردًّا مفحماً .. وبين أن صريح العقل لا يكمن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل .
·
وقد ذُكر في هذا الحديث أكثر من مرة أن المعتزلة اعتمدوا على العقل في تعاملهم مع نصوص الموحي ، وقد يتوهم أحد أن الإسلام ضد العقل ويسعى للحجر عليه . ولكن هذا يرده دعوة الإسلام إلى التفكر في خلق السموات والأرض والتركيز على استعمال العقل في اكتشاف الخير والشر وغير ذلك مما هو معروف ومشهور مما دعا العقاد إلى أن يؤلف كتاباً بعنوان: التفكر فريضة إسلامية، ولهذا فإن من انحرافات المعتزلة هو استعمالهم العقل في غير مجاله: في أمور غيبية مما تقع خارج الحس ولا يمكن محاكمتها محاكمة عقلية صحيحة، كما أنهم بنوا عدداً من القضايا على مقدمات معينة فكانت النتائج ليست صحيحة على إطلاقها وهو أمر لا يسلّم به دائماً حتى لو اتبعت نفس الأساليب التي استعملوها في الاستنباط والنظر العقلي: مثل نفيهم الصفات عن الله اعتماداً على قوله تعالى: (ليس كمثله شيء). وكان الصحيح أن لا تنفى عنه الصفات التي أثبتها لنفسه سبحانه وتعالى ولكن تفهم الآية على أن صفاته سبحانه وتعالى لا تماثل صفات المخلوقين.
وقد حدد العلماء مجال استعمال العقل بعدد من الضوابط منها:
ـ أن لا يتعارض مع النصوص الصحيحة .
ـ أن لا يكون استعمال العقل في القضايا الغيبية التي يعتبر الوحي هو المصدر الصحيح والوحيد لمعرفتها.
ـ أن يقدم النقل على العقل في الأمور التي لم تتضح حكمتها " وهو ما يعرف بالأمور التوقيفية".
ولا شك أن احترام الإسلام للعقل وتشجيعه للنظر والفكر لا يقدمه على النصوص الشرعية الصحيحة . خاصة أن العقول متغيرة وتختلف وتتأثر بمؤثرات كثيرة تجعلها لا تصلح لأن تكون الحكم المطلق في كل الأمور . ومن المعروف أن مصدر المعرفة في الفكر الإسلامي يتكون من:
1
ـ الحواس وما يقع في مجالها من الأمور الملموسة من الموجودات .
2
ـ العقل وما يستطيع أن يصل إليه من خلال ما تسعفه به الحواس والمعلومات التي يمكن مشاهدتها واختبارها وما يلحق ذلك من عمليات عقلية تعتمد في جملتها على ثقافة الفرد ومجتمعه وغير ذلك من المؤثرات .
3
ـ الوحي من كتاب وسنة حيث هو المصدر الوحيد والصحيح للأمور الغيبية، وما لا تستطيع أن تدركه الحواس، وما أعده الله في الدار الآخرة، وما أرسل من الرسل إلخ
وهكذا يظهر أنه لا بد من تكامل العقل والنقل في التعامل مع النصوص الشرعية كل فيما يخصه وبالشروط التي حددها العلماء.
الجذور الفكرية والعقائدية:
·
هناك رواية ترجع الفكر المعتزلي في نفي الصفات إلى أصول يهودية فلسفية فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي.
وقيل: إن مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السمنية ـ وهي فرقة هندية تؤمن بالتناسخ ـ قد أدت إلى تشكيكه في دينه وابتداعه لنفي الصفات .
·
إن فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تعد مورداً من موارد الفكر الاعتزالي، إذ أنه كان يقول بالأصلح ونفي الصفات الأزلية حرية الإرادة الإنسانية .
ـ ونفي القدر عند المعتزلة الذي ظهر على يد الجهني وغيلان الدمشقي، قيل إنهما أخذاه عن نصراني يدعى أبو يونس سنسويه وقد أخذ عمرو بن عبيد صاحب واصل بن عطاء فكرة نفي القدر عن معبد الجهني .
ـ تأثر المعتزلة بفلاسفة اليونان في موضوع الذات والصفات، فمن ذلك قول أنبادقليس الفيلسوف اليوناني: "إن الباري تعالى لم يزل هويته فقط وهو العلم المحض وهو الإرادة المحضة وهو الجود والعزة، والقدرة والعدل والخير والحق، لا أن هناك قوى مسماة بهذه الأسماء بل هي هو، وهو هذه كلها" انظر الملل والنحل ج 2/ ص58.
وكذلك قول أرسطوطاليس في بعض كتبه "إن الباري علم كله، قدره كله، حياة كله، بصر كله".
فأخذ العلاف وهو من شيوخ المعتزله هذه الأفكار وقال: إن الله عالم بعلم وعلمه ذاته، قادر بقدرة وقدرته ذاته، حي بحياة وحياته ذاته.
ـ وأخذ النظام من ملاحدة الفلاسفة قوله بإبطال الجزء الذي لا يتجرأ، ثم بنى عليه قوله بالطفرة، أي أن الجسم يمكن أن يكون في مكان (أ) ثم يصبح في مكان (ج) دون أن يمر في (ب) .
وهذا من عجائبه حتى قيل: إن من عجائب الدنيا: " طفرة النظام وكسب الأشعري " .
ـ وإن أحمد بن خابط والفضل الحدثي وهما من أصحاب النظام قد طالعا كتب الفلاسفة ومزجا الفكر الفلسفي مع الفكر النصراني مع الفكر الهندي وقالا بما يلي:
1
ـ إن المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة.
2
ـ إن المسيح تدرع بالجسد الجسماني وهو الكلمة القديمة المتجسدة.
3
ـ القول بالتناسخ .
4
ـ حملا كل ما ورد في الخبر عن رؤية الله تعالى على رؤية العقل الأول هو أول مبتدع وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على الموجودات .
·
يؤكد العلماء تأثير الفلسفة اليونانية على فكر المعتزلة بما قام به الجاحظ وهو من مصنفي المعتزلة ومفكريهم فقد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وتمذهب بمذهبهم ـ حتى إنه خلط وروج كثيراً من مقالاتهم بعبارته البليغة .
ـ ومنهم من يرجع فكر المعتزلة إلى الجذور الفكرية والعقدية في العراق ـ حيث نشأ المعتزلة ـ الذي يسكنه عدة فرق تنتهي إلى طوائف مختلفة، فبعضهم ينتهي إلى الكلدان وبعضهم إلى الفرس وبعضهم نصارى وبعضهم يهود وبعضهم مجوس . وقد دخل هؤلاء في الإسلام وبعضهم قد فهمه على ضوء معلوماته القديمة وخلفيته الثقافية والدينية.
الفكر الاعتزالي الحديث:
·
يحاول بعض الكتاب والمفكرين في الوقت الحاضر إحياء فكر المعتزلة من جديد بعد أن عفى عليه الزمن أو كاد .. فألبسوه ثوباً جديداً، وأطلقوا عليه أسماء جديدة مثل … العقلانية أو التنوير أو التجديد أو التحرر الفكري أو التطور أو المعاصرة أو التيار الديني المستنير أو اليسار الإسلامي ..
ـ وقد قوّى هذه النزعة التأثر بالفكر الغربي العقلاني المادي، وحاولوا تفسير النصوص الشرعية وفق العقل الإنساني .. فلجأوا إلى التأويل كما لجأت المعتزلة من قبل ثم أخذوا يتلمسون في مصادر الفكر الإسلامي ما يدعم تصورهم، فوجدوا في المعتزلة بغيتهم فأنكروا المعجزات المادية .. وما تفسير الشيخ محمد عبده لإهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري الذي حملته الطير الأبابيل .. إلا من هذا القبيل .
·
وأهم مبدأ معتزلي سار عليه المتأثرون بالفكر المعتزلي الجدد هو ذاك الذي يزعم أن العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة، حتى لو كانت هذه الحقيقة غيبية شرعية، أي أنهم أخضعوا كل عقيدة وكل فكر للعقل البشري القاصر .
·
وأخطر ما في هذا الفكر الاعتزالي .. محاولة تغيير الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص اليقيني من الكتاب والسنة .. مثل عقوبة المرتد، وفرضية الجهاد ، والحدود، وغير ذلك .. فضلاً عن موضوع الحجاب وتعدد الزوجات، والطلاق والإرث .. إلخ .. وطلب أصحاب هذا الفكر إعادة النظر في ذلك كله .. وتحكيم العقل في هذه المواضيع . ومن الواضح أن هذا العقل الذي يريدون تحكيمه هو عقل متأثر بما يقوله الفكر الغربي حول هذه القضايا في الوقت الحاضر .
·
ومن دعاة الفكر الاعتزالي الحديث سعد زغلول الذي نادى بنزع الحجاب عن المرأة المصرية وقاسم أمين مؤلف كتاب تحرير المرأة و المرأة الجديدة، ولطفي السيد الذي أطلقوا عليه: " أستاذ الجيل " وطه حسين الذي أسموه "عميد الأدب العربي " وهؤلاء كلهم أفضوا إلى ما قدموا . هذا في البلاد العربية .
أما في القارة الهندية فظهر السير أحمد خان، الذي منح لقب سير من قبل الاستعمار البريطاني . وهو يرى أن القرآن الكريم لا السنة النبوية هو أساس التشريع وأحلّ الربا البسيط في المعاملات التجارية . ورفض عقوبة الرجم والحرابة، ونفى شرعية الجهاد لنشر الدين ، وهذا الأخير قال به لإرضاء الإنجليز لأنهم عانوا كثيراً من جهاد المسلمين الهنود لهم .
ـ وجاء تلميذه سيد أمير علي الذي أحلّ زواج المسلمة بالكتابي وأحل الاختلاط بين الرجل والمرأة .
ـ ومن هؤلاء أيضاً مفكرون علمانيون، لم يعرف عنهم الالتزام بالإسلام .. مثل زكي نجيب محمود صاحب (الوضعية المنطقية) وهي من الفلسفة الوضعية الحديثة التي تنكر كل أمر غيبي .. فهو يزعم أن الاعتزال جزء من التراث ويجب أن نحييه، وعلى أبناء العصر أن يقفوا موقف المعتزلة من المشكلات القائمة (انظر كتاب تجديد الفكر العربي ص 123) .
ـ ومن هؤلاء أحمد أمين صاحب المؤلفات التاريخية والأدبية مثل فجر الإسلام وضحى الإسلام وظهر الإسلام، فهو يتباكى على موت المعتزلة في التاريخ القديم وكأن من مصلحة الإسلام بقاؤهم، ويقول في كتابه: ضحى الإسلام: " في رأيي أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة " (ج3 ص207).
ـ ومن المعاصرين الأحياء الذين يسيرون في ركب الدعوة الإسلامية من ينادي بالمنهج العقلي الاعتزالي في تطوير العقيدة والشريعة مثل الدكتور محمد فتحي عثمان في كتابه الفكر الإسلامي والتطور .. والدكتور حسن الترابي في دعوته إلى تجديد أصول الفقه حيث يقول: " إن إقامة أحكام الإسلام في عصرنا تحتاج إلى اجتهاد عقلي كبير، وللعقل سبيل إلى ذلك لا يسع عاقل إنكاره، والاجتهاد الذي نحتاج إليه ليس اجتهاداً في الفروع وحدها وإنما هو اجتهاد في الأصول أيضاً " (انظر كتاب المعتزلة بين القديم والحديث ص 138) .
ـ وهناك كتاب كثيرون معاصرون، ومفكرون إسلاميون يسيرون على المنهج نفسه ويدعون إلى أن يكون للعقل دور كبير في الاجتهاد وتطويره، وتقييم الأحكام الشرعية، وحتى الحوادث التاريخية .. ومن هؤلاء فهمي هويدي ومحمد عمارة ـ صاحب النصيب الأكبر في إحياء تراث المعتزلة والدفاع عنه ـ وخالد محمد خالد و محمد سليم العوا، وغيرهم . ولا شك بأهمية الاجتهاد وتحكيم العقل في التعامل مع الشريعة الإسلامية ولكن ينبغي أن يكون ذلك في إطار نصوصها الثابتة وبدوافع ذاتية وليس نتيجة ضغوط أجنبية وتأثيرات خارجية لا تقف عند حد، وإذا انجرف المسلمون في هذا الاتجاه ـ اتجاه ترويض الإسلام بمستجدات الحياة والتأثير الأجنبي بدلاً من ترويض كل ذلك لمنهج الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ فستصبح النتيجة أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا من الشريعة إلا رسمها ويحصل للإسلام ما حصل للرسالات السابقة التي حرفت بسبب إتباع الأهواء والآراء حتى أصبحت لا تمت إلى أصولها بأي صلة .
ويتضح مما سبق:
أن حركة المعتزلة كانت نتيجة لتفاعل بعض المفكرين المسلمين في العصور الإسلامية مع الفلسفات السائدة في المجتمعات التي اتصل بها المسلمون . وكانت هذه الحركة نوع من ردة الفعل التي حاولت أن تعرض الإسلام وتصوغ مقولاته العقائدية والفكرية بنفس الأفكار والمناهج الوافدة وذلك دفاعاً عن الإسلام ضد ملاحدة تلك الحضارات بالأسلوب الذي يفهمونه . ولكن هذا التوجه قاد إلى مخالفات كثيرة وتجاوزات مرفوضة كما فعل المعتزلة في إنكار الصفات الإلهية تنزيهاً لله سبحانه عن مشابهة المخلوقين .
ومن الواضح أيضاً أن أتباع المعتزلة الجدد وقعوا فيما وقع فيه أسلافهم، وذلك أن ما يعرضون الآن من اجتهادات إنما الهدف منها أن يظهر الإسلام بالمظهر المقبول عند أتباع الحضارة الغربية والدفاع عن نظامه العام قولاً بأنه إنْ لم يكن أحسن من معطيات الحضارة الغربية فهو ليس بأقل منها .
ولذا فلا بد أن يتعلم الخلف من أخطاء سلفهم ويعلموا أن عزة الإسلام وظهوره على الدين كله هي في تميز منهجه وتفرد شريعته واعتباره المرجع الذي تقاس عليه الفلسفات والحضارات في الإطار الذي يمثله الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح في شمولهما وكمالهما
إلى الأعلى
ثالثا الكلابية


الكلابية فرقة من الفرق التي خالفت أهل السنة في أبواب الاعتقاد 0وهي فرقة منسوبة إلى عبد الله بن سعيد القطان أبو محمد الملقب بابن كُلّاب ،وليس هو اخو يحيى بن سعيد القطان الحافظ كما توهم بعضهم ، وقد نبه على هذا الحافظ بن حجر في لسان الميزان 3/291 ولقب بابن كُلّاب لأنه كان يرد على المعتزلة كما في السير للذهبي 11/174 ولأنه كان يجذب الخصم إليه لبلاغته ولبيانه كما ذكر ذلك ابن السُبكي كما الطبقات 2/292 0
وكان ابن كُلّاب بالبصرة ، ولم يحرر المؤرخون تاريخ ولادته ، وقد توفى سنه 240 ومن تلامذته أبو سليمان داود الظاهري ، والحارث المحاسبي واشتهر أصحابه بالكُلّابية 0

مقالات الكُلّابية التي وافقوا فيها منهج السلف :
1- كلام الله غير مخلوق في الجملة
2- إثبات رؤرية الله بالأبصار يوم القيامة
3- صاحب الكبيرة تحت المشيئة
4- أفعال العباد مخلوقة
انظر مقالات الإسلاميين ص 290

ماخالفوا فيه السلف :
1- كلام الله عندهم أزلي (قديم ) فينفون كون الله يتكلم بحرف وصوت مسموع والقرآن والتوراة والزبور شي واحد وهو عبارة أو حكاية عن الله
2- نفي الصفات الفعلية لله كالاستواء والمجئ والنزول وغيرها ، وسائر الصفات عندهم كلها ذاتية لا تتعلق بالمشيئة وابن كُلّاب أول من قال بالكلام النفسي 0
انظر درء التعارض 2/ص 96 واجتماع الجيوش الإسلامية ص257 لابن تيمية والسير للذهبي 11/175
3- الإيمان عند ابن كُلّاب المعرفة بالقلب وألاقرار باللسان فقط والأعمال ليست من الإيمان
ومما تقدم فإن ابن كُلّاب وافق مذهب السلف في كثير من مسائل الاعتقاد ولهذا كان اقرب المتكلمين إلى السنة
لاحظ كتاب منهاج السنة النبوية لابن تيمية 5/ص277 ومع هذا فقد وقع في بدع أخرجته عن اعتقاد السلف قال ابن تيمية في الفتاوى 12/203
(وَ ابْنُ كُلَّابٍ " إمَامُ الْأَشْعَرِيَّةِ أَكْثَرُ مُخَالَفَةً لِجَهْمِ وَأَقْرَبُ إلَى السَّلَفِ مِنْ الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ وَالْأَشْعَرِيُّ أَقْرَبُ إلَى السَّلَفِ مِنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الباقلاني . وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَأَمْثَالُهُ أَقْرَبُ إلَى السَّلَفِ مِنْ أَبِي الْمَعَالِي وَأَتْبَاعِهِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ نَفَوْا الصِّفَاتِ : كَالِاسْتِوَاءِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ .)
لاتنسون من صالح دعاؤكم
رابعا : الأشعرية

1)التعريف بها :
الأشاعرة فرقة كلامية , تنسب لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري المتوفى المولود سنة 260 هجرية والمتوفى سنة (324هـ) وقد ظهرت هذه الفرقة في القرن الرابع وما بعده.
وقد أخذ العلم رحمه الله من أبي خليقة الجمحي وزكريا بن يحي الساجي وعبدالرحمن بن خلف البصري وأخذ علم الكلام ( الفلسفة ) عن زوج أمه أبي علي الجبائي المعتزلي حتى تضلع فيه وأمضى كثيرا من عمره فيه ، ثم كرهه وتبرأ منه وتاب إلى الله منه وأخذ يرد على المعتزلة ويتك أستارهم ويكشف عوارهم للمزيد ( أنظر السير للذهبي 15/ 86 )
"]
المراحل التي مرت بها أبي الحسن الأشعري رحمه الله المرحلة الأولى ،الاعتزال :
وبقى فيها أكثر عمره حتى تضلع فيها وبرع وتكلم وناظر وكان رأسا من رؤوسها ثم فارق هذه المرحلة بسبب إشكالات كان يوردها على شيوخه ولا يرى إجابة شافية حتى تحير فيها 0
وقد ذكروا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فشكى إليه حاله فأرشده إلى سنتة صلى الله عليه وسلم وتحول بسبب ذلك عن مذهب المعتزلة 0
(
أنظر تبيين كذب المفتري إلى مانسب لأبي حسن الأشعري ص 39 – 40 )
المرحلة الثانية مع الكلابية :
بعد أن خرج أبي الحسن الأشعري من الاعتزال وفارقه تتلمذ على يد بعض تلامذة أبي سعيد بن كُلّاب فأخذ عنه المذهب الكُلّابي وفي هذه المرحلة ألف كتابه (الُلُمع للرد على أهل الزيغ والبدع ) رد فيه على المعتزلة 0
وفي هذه المرحلة كثرة مؤلفات الأشعري وكثُر تلاميذه أكثر من أبي كلاب ويمكن القول انه من هنا كانت بداية الأشعرية
المرحلة الثالثة موافقة السلف في الجملة :
وفي هذه المرحلة انتقل أبي الحسن الأشعري من مذهب الكُلّابية بعد ان عاش فيها فترة من الزمن وألف كتابه المشهور (الإبانة ) ورسالته إلى أهل الثغر ، وكتابه مقالات الإسلاميين ، والموجز الكبير في التفسير وكان يقول انه على مذهب الإمام احمد في العقيدة ، وهذا صحيح في الجملة ولكن عند البحث تجده قد انفرد بإمور ليست على مذهب السلف
انظر الفتاوى لابن تيمية 12/203
أشاعرة اليوم :
المذهب المنسوب إلى الأشعري اليوم لايمثل الا المرحلة الثانية وهي طريقة ابن كُلّاب ، المركبة من كلام السلف وأصول الجهمية
انظر الفتاوى 16/4710
ماهي مقالات الأشاعرة المنتشرة في العالم ؟
1-
القول بان كلام الله نفسي أزلي (قديم ) وان الله لايتكلم بصوت أو حرف ولا يتعلق كلامه بمشيئته 0
2-
إثبات سبع صفات لله تعالى وهي : الحياة – العلم – الإرادة – القدرةالسمع – البصر – الكلام 0وتسمى عندهم بالصفات العقلية إما باقي الصفات لله تعالى فهم يؤلونها أو يفوضونها
3-
رفضوا إثبات الصفات الفعلية كالاستواء والمجيء والنزول وغيرها واولوها 0
4-
قالوا بان الله يُرى في الآخرة من غير وجه 0
هذا ما تيسر لي كتابته من اجل ان تعم الفائدة بين المسلمين وأرجو بهذا الأجر من الله تعالى وأن يجزي الله عنا خير الجزاء شيخ الإسلام أبن تيمية ومن تعلمنا منه هذه العلوم الشرعية وكافة علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة الذين بسطوا كثيرا من هذه المسائل في كتبهم 0
وأرحب بمناقشة الإخوة الجادين لإثراء النقاش بالعلم والمفيد عن الفرق الإسلامية دون تعصب أو تحزب ويسعنا في هذا الخلاف بين الأمة ما وسع من قبلنا كما إني أنبه بعدم الأخذ بظاهرة سيئة اخذ بها البعض في منتديات معينة بتقويل أئمة السنة السلفيين ما لم يقولوا طعنا فيهم تنفيرا للناس عنهم وهذا منتشر في منتدياتهم ويأتوا به لكي يصطادوا ضعاف النفوس وقليلي العلم.
وبالله التوفيق
خامساً الماتريدية
1-
التعريف بهم :
ماتُريدية نسبة إلى محمد بن محمد بن محمود بن محمد الماتريدي السمرقندي الحنفي المتكلم ( يعني المشتغل بالفلسفة ) والماتريدي نسبة إلى ماتُريد وقيل ماتريت والأول أشهر وهي محلة في سمرقند أنظر ( الأنساب للسمعاني 12/ 2 ولم يعرف تاريخ ميلاده واتفق المؤرخون على تاريخ وفاته سنه 333 هجرية ودفن في سمرقند وقبره مشهور يتبرك أهل البدع حتى هذا الزمان 0
والماتريدي حياته غامضة فليس في كتب التراجم عنه إلا القليل وقد أغفله المحدثون في كتب الجرح والتعديل وأسماء الرجال ، وعرف من مشايخه نصير بن يحيى البلخي ومحمد بن مقاتل الرازي وأحمد بن إسحاق الجرجاني 0
وللماتريدي مصنفات أشهرها كتاب التوحيد وكتاب المقالات 0( انظر الماتريدية لمؤلفة شمس الأفغاني 1/234
2-
عقيدة الماتريدي :
يمكن القول انها نفس عقيدة الأشاعرة المتأخرة من القول بإلارجاء وتعطيل كثير من الصفات ، وتأويل النصوص وغيرها مما سيأتي 0
3-
على ماذا نشئت هذه الفرقة :
هذه الفرقة بنت إعتقادها على مقالات الماتريدي الذي قام به تلامذة الماتريدي والتعصب لآراء الماتريدي الكلامية ومرت هذه الفرقة بأدوار أبرزها
الدور التأسيسي ، والدور التكويني ، وغيرها من الأدوار وأشهرها الدور العثماني نسبة للدولة العثمانية 700-1300 هجرية وكان في هذه المرحلة كلٌ من صدر الشريعة عبيد بن مسعود توفى سنه 747 هجرية والتفتازاني توفى سنه 972 هجرية والكمال أبن الهمام توفى سنه 861 هجرية 0 وقد انتشرت الماتريدية وتوسعت بتوسع الدولة العثمانية 0
وأما الدور الديوبندي فهو نسبة إلى جامعة ديوبند التي أسسها محمد بن قاسم إمام الديوبندية بالهند وامتازوا بكثرة التأليف بعلم الحديث وفيهم من الزهد ومحاربة الشرك والبدع غير أنهم كانوا في قمة التعصب للمذهب الحنفي وناصبوا أهل السنة العداء 0 وأما الدور الكوثري نسبة الى محمد زاهد الكوثري الحنفي الماتريدي عدو السلفية 0
وهناك أخرون مثل محمد طاهر الحنفي الماتريدي انظر كتاب ( الماتريدية للشمس الأفغاني 1/262-268 )
4-
الماتريدية في أسماء الله وصفاته :
توسعت الماتريدية في أثبات الأسماء حتى جعلوا من أسماء الله الزارع ، الصانع ، هُوْ 0
أما الصفات اثبتوا ثمان صفات الحياة – العلم – السمع – البصر – القدرة – الإرادة – الكلام – التكوين 0
وأولوا الصفات الفعلية لله كالنزول والاستواء وأولوا ايضاً الصفات الخبرية كالعين والوجه واليدين والساق وغيرها 0
وأما قولهم في الإيمان فهم مرجئة غلاه فالإيمان عندهم الإقرار بالقلب فقط وقول اللسان وأعمال الجوارح ليست من الإيمان لا يزيد ولا ينقص 0
أرجو أنني وفقت الى تقديم هذه الفرقة واعتقادها وتاريخها بشيء من الاختصار حتى تعم الفائدة المرجوة وأسال الله بمنه وكرمه الثواب من عنده 0
اللهم أجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولامضلين
سادسا : الإبـــاضـــية
الأعزاء في سقيفة الشبامي اليوم موعدنا إن شاء الله مع فرقة من فرق المسلمين قديمة التأسيس والأتباع استطاعت أن تقيم دولا وزعامات مشهوره في حضرموت وعُمان وشمال أفريقيا لازالت موجوده إلى يومنا هذا وهي من الفرق التي خالفت عقيدة أهل السنة والجماعة في غثبات الصفات وفي مسائل أخرى سنوضحها إن شاء الله تعالى بشيء من الإيجاز والإختصار قدر الإمكان 0
التعريف بالإباضية :
إحدى فرق الخوارج ، وتنسب إلى مؤسسها عبد الله بن إباض المقاعسى المرى التميمى من بنى مرة وهو رأس الإباضية واليه نسبتهم كان معاصرا لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه. عاش إلى أواخر أيام عبد الملك بن مروان .وقيل أنه من التابعين وتوفى سنة 86 هجرية0
و في " صفحات من تاريخ إباضية ُعمان و حضرموت " يؤكد" جعفر إبن عقيل" الكاتب الحضرمي المعروف في كتب التراث أن المصادر التاريخية القديمة والحديثة للإباضية تذهب إلى أن تسمية المذهب بالإباضية لا يعني أن عبد الله بن أباض هو الزعيم الروحي للمذهب وأنهم أتباع له وإن كانوا يعدونه من عللمائهم ومشائخهم البارزين في العقود الأولى من تاريخ الحركة وإنما التأسيس الحقيقي في نظرهم لفرقتهم التي يطلقون عليها اسماء كثيرة منها حملة العلم والشراة أي اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة وأهل الدعوة والإستقامة وان الأساس كان على يد جابر بن زيد الأزدي العماني (22-93ه‍وإنّ جابر بن زيد الأزدي موطنه عُمان قد هاجر إلى البصرة في وقت مبكر من عمره وطلب العلم بها0 وهو تابعي ثقة كما ذكر مع يروي عن إبن عباس( وقيل من تلاميذه ") و يعد من أوائل المشتغلين بتدوين الحديث آخذاً العلم ايضا عن وعائشة و أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وغيرهم 0 ويدعى أبي الشعثاء 0
وفي كل الأحوال الإباضية يدّعي أصحابها أنهم ليسوا خوارج ، وينفون عن أنفسهم هذه النسبة ، والحقيقة أنهم ليسوا من غلاة الخوارج كالأزارقة وانجدات مثلاً ، لكنهم يتفقون مع الخوارج في مسائل عديدة منها : أن عبد الله بن إباض يعتبر نفسه امتداداً للمُحكِمة الأولى من الخوارج ، كما يتفقون مع الخوارج في تعطيل الصفات والقول بخلق القرآن وتجويز الخروج على أئمة الجور ( وهذا ما سأتناوله قريبا في معتقدهم ) 0
ويذكر الأباضية أيضا أبرز علمائهم وأئمتهم مثلأبو عبيدة مسلمة بن أبي كريمة : من أشهر تلاميذ جابر بن زيد ، وقد أصبح مرجع الإباضية بعده مشتهراً بلقب القفاف توفي في ولاية أبي جعفر المنصور 158ه‍ .
كذلك الربيع بن حبيب الفراهيدي الذي عاش في منتصف القرن الثاني للهجرة وينسبون له مسنداً خاصاً به مسند الربيع بن حبيب وهو مطبوع ومتداول كثيرا بينهم .
ومن ابرز شخصياتهم في حضرموت الذي أطلق عليه اتباعه " طالب الحق القاضي عبد الله بن يحي الكندي زعيم ثورة الإباضية المشهوره سنة 128 هجرية والتي انطلقت من حضرموت وقد تأثر بدعوة أبي حمزة البصري الشاري الذي أجتمع به في الحج وضمه إلى حزبه فخرج على مروان بن محمد وأخذ حضرموت وصنعاء بعدد كبير من رجال القبائل الذين حضروا من أنحاء مختلفه من الجزيرة العربية فسير إليه مروان بن محمد قائده عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي فدارت معركة أسفرت عن قتل طالب الحق سنة130هـ .
وترجمته مشهوره في تاريخ الطبري 0
¨
ومن أئمتهم في الشمال الإفريقي أيام الدولة العباسية : الإمام الحارث بن تليد ، ثم أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري ، ثم أبو حاتم بعقوب بن حبيب ثم حاتم الملزوزي . ¨ ومنهم الأئمة الذين تعاقبوا على الدولة الرستمية في تاهرت بالمغرب : عبد الرحمن ، عبد الوهاب ، أفلح ، أبو بكر ، أبو اليقظان ، أبو حاتم .
¨
من علمائهم : - سلمة ين سعد : قام بنشر مذهبهم في أفريقيا في أوائل القرن الثاني .
-
ابن مقطير الجناوني : تلقى علومه في البصرة وعاد إلى موطنه في جبل نفوسه بليبيا ليسهم في نشر المذهب الإباضي وعبد الجبار بن قيس المرادي : كان قاضياً أيام إمامهم الحارث بن تليد و السمح أبو طالب : من علمائهم في النصف الثاني في القرن الثاني للهجرة ، كان وزيراً للإمام عبد الوهاب بن رستم ثم عاملاً له على جبل نفوسه ونواحيه بليبيا و أبو ذر أبان بن وسيم : من علمائهم في النصف الأول من القرن الثالث للهجرة ، وكان عاملاً للإمام أفلح بن عبد الوهاب على حيز طرابلس .
هل الإباضية من الخوارج ؟
الإباضية هم من الخوارج وإن كانوا لايعدون غلاة كما تقدم ذكره وفي كتاباتهم مايدل على أنهم يمتدحون تاريخ الخوارج ويعدونهم مظلومين واهل عبادة وورع وشهادة في سبيل الله ودعوة للحق و غيرها من الألفاظ وسنورد أمثلة على ذلك :
قال مؤلف كتاب الأديان وهو أباضي : ( الباب الخامس والأربعين في ذكر فرق الخوارج , وهم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب لما حكم ) ثم أخذ يذكر الخوارج في أكثر من موضع من هذا الكتاب على سبيل المدح قائلاً : هم أول من أنكر المنكر على من عمل به وأول من أبصر الفتنة وعابها على أهلها . لايخافون في الله لومة لائم قاتلوا أهل الفتنة حتى مضوا على الهدى ) الى أن يقول : ( وتتابعت الخوارج وافترقت الى ستة عشر فرقة ) . كتاب الأديان ص96.
ويقول نور الدين السالمي عن الخوارج : ( لما كثر بذل نفوسهم في رضى ربهم وكانوا يخرجون للجهاد طوائف سموا خوارج وهو جمع خارجة وهي الطائفة التي تخرج في سبيل الله , وكان اسم الخوارج في الزمان الاول مدحا لأنه جمع خارجة وهي الطائفة التي تخرج للغزو في سبيل الله ) . انظر الاباضية بين الفرق الاسلامية ص384 .
ويقول صاحب كتاب ( وفاء الضمانة ) الأباضي : ( وكان الصفرية - احدى فرق الخوارج - مع أهل الحق منا في النهروان ) . وفاء الضمانة بأداء الامانة للعيزابي3/22.
وموقفهم من الخليفة عثمان رضي الله عنه وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيه ضبابية وعدم وضوح فهم يوردون كلاما عن الخليفة عثمان رضي الله عنه كالمنتقدين له ولا يتبرؤن من قتلته الذين سفكوا دمه ظلما وعدوانا وهكذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينتقدونه و حربه لأهل النهروان وهو تحامل يشهد بخارجيتهم المذمومة هداهم الله 0
عقائد الإباضية :
أهم العقائد لديهم يمكن حصرها في التالي :
يظهر من خلال كتبهم تعطيل الصفات الإلهية ، وهم يلتقون إلى حد بعيد مع المعتزلة في تأويل الصفات ، ولكنهم يدعون أنهم ينطلقون في ذلك من منطلق عقدي ، حيث يذهبون إلى تأويل الصفة تأويلاً مجازياً بما يفيد المعنى دون أن يؤدي ذلك إلى التشبيه ، ولكن كلمة الحق في هذا الصدد تبقى دائماً مع أهل السنة والجماعة المتبعين للدليل ، من حيث إثبات الأسماء والصفات العليا لله تعالى كما أثبتها لنفسه ، بلا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تمثيل .
ينكرون رؤية الله تعالى في الآخرة .
يؤولون بعض مسائل الآخرة تأويلاً مجازياً كالميزان والصراط .
أفعال الإنسان خلق من الله واكتساب من الإنسان ، وهم بذلك يقفون موقفاً وسطاً بين القدرية والجبرية .
صفات الله ليست زائدة على ذات الله ولكنها هي عين ذاته .
القرآن لديهم مخلوق ، وقد وافقوا الخوارج في ذلك ، يقول الأشعري في مقالات الإسلاميين (والخوارج جميعاً يقولون بخلق القرآن) .
مرتكب الكبيرة عندهم كافر كفر نعمة أو كفر نفاق .
الناس في نظرهم ثلاثة أصناف :
0
مؤمنون أوفياء بإيمانهم .
-
مشركون واضحون في شركهم .
-
قوم أعلنوا كلمة التوحيد وأقروا بالإسلام لكنهم لم يلتزموا به سلوكاً وعبادة فهم ليسوا مشركين لأنهم يقرون بالتوحيد ، وهم كذلك ليسوا بمؤمنين لأنهم لا يلتزمون بما يقتضيه الإيمان ، فهم إذن مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك .
للدار وحكمها عند محدثي الإباضية صور متعددة ، ولكن محدثيهم يتفقون مع القدامى في أن دار مخالفيهم من أهل الإسلام هي دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي .
يعتقدون بأن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين ، ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال، وغنيمة أموالهم من السلاح والخيل وكل ما فيه من قوة الحرب حلال وما سواه حرام .
مرتكب الكبيرة كافر ولا يمكن في حال معصيته وإصراره عليها أن يدخل الجنة إذا لم يتب منها ، فإن الله لا يغفر الكبائر لمرتكبيها إلا إذا تابوا منها قبل الموت .
الذي يرتكب كبيرة من الكبائر يطلقون عليه لفظة (كافر) زاعمين بأن هذا كفر نعمة أو كفر نفاق لا كفر ملة ، بينما يطلق عليه أهل السنة والجماعة كلمة العصيان أو الفسوق ، ومن مات على ذلك – في اعتقاد أهل السنة – فهو في مشيئة الله ، إن شاء غفر له بكرمه وإن شاء عذبه بعدله حتى يطهُر من عصيانه ثم ينتقل إلى الجنة ، أما الإباضية فيقولون بأن العاصي مخلد في النار . وهي بذلك تتفق مع بقية الخوارج والمعتزلة في تخليد العصاة في جهنم .
ينكرون الشفاعة لعصاة الموحدين ، لأن العصاة – عندهممخلدون في النار فلا شفاعة لهم حتى يخرجوا من النار .
ينفون شرط القرشية في الإمام إذ أن كل مسلم صالح لها، إذا ما توفرت فيه الشروط، والإمام الذي ينحرف ينبغي خلعه وتولية غيره .
يتهجم بعضهم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعلى معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم .
الإمامة بالوصية باطلة في مذهبهم ، ولا يكون اختيار الإمام إلا عن طريق البيعة ، كما يجوز تعدد الأئمة في أكثر من مكان .
لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر ولا يمنعونه ، وإنما يجيزونه ، فإذا كانت الظروف مواتية والمضار فيه قليلة فإن هذا الجواز يميل إلى الوجوب ، وإذا كانت الظروف غير مواتية والمضار المتوقعة كثيرة والنتائج غير مؤكدة فإن هذا الجواز يميل إلى المنع . ومع كل هذا فإن الخروج لا يمنع في أي حال ، والشراء (أي الكتمان) مرغوب فيه على جميع الأحوال ما دام الحاكم ظالماً .

ارجو انني وفقت في إعطاء نبذه مختصره عن هذه الفرقة التي تتواجد اليوم بشكل مرتفع وواسع في كل من عُمان وبنسبة مرتفعة وليبيا وتونس والجزائر خاصة بين البربر وفي واحات الصحراء الغربية وفي زنجبار التي ضمت إلى تانجانيقا تحت اسم تنـزانيا.
وفي الأخير تقبلوا تحيات أخيكم الحضرمي التريمي عفا الله عنه والله ولي الهداية والتوفيق 0
سابعاً : الشيعة
الشيعة في اللغة عند الأزهري في( تهذيب اللغة 1/ 327 )
قال :الشيعة:الذي يتبع بعضهم بعضا " ومعنى الشِّيَع:الفرق التي كل فرقة منهم يتبع بعضهم بعضاً " وليس كلهم متفقين قال الله تعالى: )إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً( قال معنى قوله:وكانوا شيعاً أي كانوا فرقاً في دينهم،كل فرقة تكفّر الفرق المخالفة لها:يعنى اليهود والنصارى بعضها يكفر بعضاً،وكذلك اليهود،والنصارى تكفر اليهود،واليهود تكفرهم،وكانوا أُمروا بشئ واحد.
يقول الراغب الأصفهاني صاحب المفردات ص 42
الشيعة إصطلاحا:
هم الذين شايعوا عليًّا، رضي الله عنه، قالوا: إنه الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عنه وعن أولاده.
وقال إبن حزم في ( الملل والنحل ) 1/ 39 :الشيعة هم: الذين شايعوا علياً رضي الله عنه على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته: نصاً ووصية؛ إما جلياً وإما خفياً. واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده؛ وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده. وقالوا: ليست الإمامة قضية مصلحة تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بنصبهم؛ بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين؛ لا يجوز للرسل عليهم السلام إغفاله وإهماله، ولا تفويضه إلى العامة وإرساله.
وأما أبو الحسن الأشعري في :( مقالات الإسلاميين ) يوصفهم و يصنفهم غلى فرق ومجموعت : قال رحمه الله :
فالشيع ثلاثة أصناف وإنما قيل لهم الشيعة لأنهم شيعوا علياً رضوان الله عليه ويقدمونه على سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم الغالية وإنما سموا الغالية لأنهم غلوا في علي وقالوا فيه قولاً عظيماً وهم خمس عشرة فرقة000 - ويذكرها ويفصل فيها رحمه الله -
وماذا يميز الشيعة عن غيرهم من فرق المسلمين الأخرى يقول محمد عماره في :" الإسلام وفلسفة الحكم " ص 135
أما الأمر الذي يميز الشيعة عن غيرهم فهو عقيدة النص والوصية0
والنص والوصية هي قولهم أن إمامة علي وأبنائه من بعده بالنص ووصية النبي صلى الله عليه وسلم له من بعده ايضا 0
وإذا نظرنا عن بداية تاريخ ظهور التشيع مبادىء وإتجاهات وكفرقة بين المسلمين فإن الشيعة ذهبت إلى أنه منذ ظهر الخلاف في سقيفة بني سعد عند أن أعلن عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وبمجرد أن تمت بيعة الصديق ابوبكر عبد الله بن أبي قحافة رضي الله عنه وهم يعنون بهذا التفرق والتحزب في نظرهم هو موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه وامتناعه عن البيعة فيجعلون من ذلك بداية التشيع وهذا غير صحيح عند أهل البحث والتحقيق ، ولذلكفإن مصادر الشيعة الموثوقة لديهم مثل كتاب ط الكافي "للكليني وهو من أهم مصادرهم وأوثقها عندهم تروي أن القول بالنص والوصية وهو اهم مايجمع فرق الشيعة ويميزها أن هذا يرجع وينتهي عند جعفر الصادق ووالده محمد بن علي سنة 0 114 - 732 هجرية ) فأبو جعفر وابو عبد الله جعفر الصادق وكذلك الرضا فهولاء هم الائمة الثلاثة عليهم كما ذهب إلى ذلك كثير من الباحثين منهم محمد عماره من المعاصرين - كاتب مصري معاصر وذو اتجاه عقلاني لا سلفي - تنسب أغلب الروايات التي رواها الشيعة في صورة أحاديث عن النص والوصية وهي اهم مكونات الفرقة واساس الخلاف مع بقية المسلمين 0
ابن سبأ الصنعاني اليهودي المشهور بأبن السوداء وعلاقته بالتشيع وحقيقة ذلك :
ما حقيقة القول بشخصية يمنية اسمها أبن سبأ في كتب التاريخ والتراث الإسلامي ؟
هل شخصية عبدالله بن سبا شخصية وهمية اخترعها المسلمين ...؟
هل تنطبق عليها نظرية المؤامرة ؟
بالرغم من أن بعض الكتاب من المسلمين كأمثال طه حسين عنوانه في كتابه المعروف ( الفتنة الكبرى) قد شكك في شخصية أبن سبأ وقال أنه
شخصية وهمية اخترعها المسلمين الأوائل لكي يبرروا ماحصل في تلك الفترة وخاصة ان الإسلام كان في بداياته ولم تتحمل عقولهم الوقائع الحقيقية لمجريات الأحداث فنسبوا كل تلك الدماء والقتل والصراع إلى شخص غير موجود إلا في أوهامهم وهو يطبق نظريته في الشك التي أخذها من ديكارت الفرنسي بعد عودته من فرنسا ومع هذا هو وغيره ممن شكك في هذه المقولة لم يثبت العكس خلاف ما أثبته أهل الحديث والسير والتراجم والتاريخ من المسلمين
ومن باب اولى أن الشيعة من مصلحتها أن ترفض هذا الخبر
ومع هذا نرى أن كتبهم الموثوقة عندهم تثبت شخصيته ككتاب " بحار الأنوار" قد أثبت جامعه ومؤلفه المجلسي وجود وحضور وحقيقة شخصية عبد الله بن سبأ >> وهاك مكانها في بحاره :
ج2 ص 217 وفي امواضع أخرى لا داعي لذكرها كلها 0
فهذا الرجل الذي تنسب إليه فرقة السبئية الذين قالوا بألوهية علي و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة منهم تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند . انظر: المحبَّر لابن حبيب ( ص308 ) . تاريخ الطبري (4/340) . و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/3) و كتاب : ابن سبأ حقيقة لا خيال لسعدي مهدي الهاشمي ، و كتاب عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة ، و مقال حقيقة ابن السوداء في جريدة المسلمون للدكتور سليمان العودة ، العدد (652-653) . و خبر إحراقهم عند : أبو داود في سننه (4/520) و النسائي (7/104) و الحاكم في المستدرك (3/538-539) و صححه الألباني في صحيح أبي داود (3/822) .
ومن أقوال ابن سبأ أيضاً القول بالوصية و الإمامة . يقول الشهرستاني في الملل و النحل (1/174) : إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي .
ويذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4/435) : أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة ، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة و النص عليه ، و ادّعى العصمة له .
و في خطط المقريزي (2/356-357) : أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية و الرجعة و التناسخ .
و من المحدثين الشيعة الذين ذكروا فكرة الوصي ، محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ) في كتابه الكافي في الأصول ، حيث أورد النص التالي : ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ، و لن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه و آله ، و وصية علي عليه السلام . أنظر : السنة و الشيعة لإحسان إلهي ظهير (ص54 ) .
و هذا الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعد مصداقاً لما جاء في كتاب السنة لابن أبي عاصم بسند صحيح على شرط الشيخين (2/476-477) ، حيث أخرج من طريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : ليحبني قوم حتى يدخلوا النار فيِّ ، و ليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي . وقد علق الشيخ الألباني على هذا الحديث قائلاً : و اعلم أن هذا الحديث موقوف على علي بن أبي طالب ، و لكنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من الغيب الذي لا يعرف بالرأي .
عقائد الشيعة في الله تعالى :
للشيعة عقائد باطلة كثيرة جدا وسنكتفي بذكر البعض الذي يتمشى مع الموضوع والفرق الأخرى :
الشيعة ـ ـ هم نفاة في صفات الله:
ولذا فقد نفوا عن الله تعالى صفاته فقالوا: ليس لله سمع ولا بصر، وليس له وجه ولا يد، ولا هو داخل العالم ولا خارجه، ووافقوا بذلك شيوخهم من المعتزلة بل ألصقوا أسماء الله تعالى وصفاته بأئمتهم، كما روى إمامهم الكليني في الأصول من الكافي (1/143) قوله: "قال جعفر بن محمد عليه السلام في قوله تعالى: {وَللَّهِ ٱلاسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:80]، نحن والله الأسماء الحسنى يعني الأئمة التي لا يقبل الله من عباده عملاً إلا بمعرفتنا" انتهى.
ثانياً: اعتقاد الشيعة بأن القرآن مخلوق عياذاً بالله:
و وافقوا الجهمية، بأن القرآن مخلوق
ثالثاً: إنكار الشيعة الإمامية رؤية الله يوم القيامة:
فكذلك نفت الشيعة فوافقوا بذلك الجهمية والمعتزلة، والخوارج، وباقي الفرق الضالة المضلة.[
/SIZE]
عقائد شركية عند الشيعة :
يذكر محمد بن يعقوب الكليني في أصول الكافي (باب أن الأرض كلها للإمام) عن أبي عبدالله عليه السلام قال إن الدنيا والآخرة للإمام- يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء-جائز له من الله . أصول الكافي ص259- طبعة الهند.
فماذا يستنبط المسلم المنصف من هذه العبارة، مع أن الله تعالى يقول في محكم آياته ((إن الأرض لله يورثها من يشاء)) سورة الأعراف.
وآيات كثيرة أخرى0
وعقائد أخرى من أن الإمام يعلم الغيب وغيرها من العقائد الفاسدة في القرآن وأنه حرف وأقوال لهم تخالف ماعليه جمهور المسلمين 0
فرق الشيعة :
1-
الزيدية: الزيدية أو الزيود فرقة ظهرت في أوائل العصر العباسي في القرن الثاني الهجري وسميت الزيدية نسبة إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وهم أحد الفرق الإسلامية الشيعية. يختلفون في مذهبهم وفكرهم في العديد من النواحي عن الشيعة الجعفرية 0 وقد انقرضت جميع الفرق الست التابعة لها ولم يبق إلا منهم في اليمن0
2-
الإمامية :
اسم يطلق على طوائف الشيعة التي تؤمن بأن إمامة المسلمين تأتي نصّاً لكل إمام من الإمام المعصوم من أئمة أهل البيت السابق له، فيخالفون بذلك طوائف أخرى الزيدية التي لا تشترط أن يكون الإمام من البيت. يسمون أيضا بالجعفرية لاتفاقهم على الأئمة الستة الأوائل ويفترقون من بعد الإمام السادس جعفر الصادق إلى فرق عديدة بسبب اختلافهم على الإمام التالي. ويسميهم خصومهم بالرافضة أو الروافض، إما لرفضهم إمامة زيد بن علي، أو لرفضهم خلافة أبي بكر وعمر.
فروع الإمامية
والإمامية جناحان كبيران في عصرنا الحالي:
الشيعة الإثنا عشرية وهم يشكلون غالبية الشيعة اليومم
الشيعة الإسماعيلية بجناحيها
o
النزارية
o
المستعلية
العلوية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق