الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

(الإفادة في معرفة الصحابة من كندة وحضرموت )نشر في عام 1425 هجرية - 2004 م الطبعة الأولى مقدمة الطبعة


بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد وأن محمداً عبده ورسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }{ آل عمران : 102
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }         < النساء : 1 > { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما } < الأحزاب : 70- 71 > أما بعد
: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم – وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.. أما بعد :
فهذه رسالة جعلتها في بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – من أهل اليمن وخصصتها في قبيلتين منهم.. وهما قبيلة حضرموت وقبيلة كنده لما لهما من فضل وسابقة وإسلام وإيمان وجهاد في سبيل الله. فالصحابة بأسرهم صفوة هذه الأمة ويتفاوتون فيما بينهم في الفضل والأسبقية سواء كانوا من المهاجرين أو الأنصار وقد دلت نصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتدُّ به من هذه الأمة على علو شأنهم ومناقبهم التي لا تعدُّ ولا تحصى خيرتهم وأفضليتهم.
يقول الله تعالى: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) > الآية 110 من سورة آل عمران > وفي تفسير ابن كثير ( 1 /420 ) على أنها واردة في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ويقول تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس .. ) < الآية 143 البقرة > وقوله تعالى أيضاً : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ... ) < الآية من سورة الفتح 29 > ولا شك أن هذا خطاب للصحابة الموجودين حينئذ في عصر النبوة والآيات كثيرة في هذا الباب وفي السنّة شواهد كثيرة أيضاً . وعن الترمذي وعن ابن حبان في صحيحه من حديث عبدالله بن معقل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ( الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه )[1]  [ تحفته الأحوذي رقم ( 4118 ) 10 / 247 ]
 وقال ابن حزم الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعاً 0 [ الإصابة خطبة الكتاب 1/19 ] .
أما من صنف في هذا الفن فهم الكثير ، ( فأول من يعرف عنه التصنيف في هذا النوع أبو عبدالله محمد ابن اسماعيل البخاري آفرد  أسماء الصحابة في مؤلف وجمعها مضمومة إلى من بعدهم جماعة من طبقة مشائخه كخليفة بن الخياط المحدث النسابة ، ومحمد بن سعد الذي بلغ مؤلفه خمسة عشر مجلداً، ومن قرنائه كالإمام الحافظ أبي يوسف يعقوب بن سفيان الفارسي الفسَوي المتوفي سنة سبعة وسبعين ومائتين والإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب المتوفي سنة تسع وسبعين ومائتين مصنف في الصحابة خاصة جمع بعدهم كالحافظ الكبير أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي الأصل البغدادي والحافظ الكبير أبي بكر عبدالله بن أبي داود السجستاني ثم علي بن السَّكن وأبو بكر بن محمد بن أحمد المعروف بإبن شاهين المتوفي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وأبو منصور البارودي والحافظ الإمام أبو القاسم سُليمان بن أحمد الطبراني المتوفي سنة ستين وثلاثمائة ... )[2]
وفي معرفة الصحابة كتب في هذا جملة من العلماء أفادوا بعلومهم طلاب العلم وغيرهم فائدة عظيمة ، فبهذا عُرف المتصل من المرسل من علم الحديث ، ونورد هنا أشهر من ألف في هذا الباب : وهم أبو نعيم الأصبهاني وكذلك إ بن عبد البر القرطبي في الاستيعاب وابن الأثير في أسد الغابة وابن منده وأبو موسى والحافظ بن حجر في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة ، هذا ما عرفته في سياق بحثي هذا ولعل ما غاب عني أكثر مما علمته من معلومات عن الذين تحدثت عنهم وجمعت لهم في هذه الرسالة أكثر والله أعلم .
وقد جعلت هذا البحث مكوناً من ثلاثة أقسام فالقسم الأول أفردته لمباحث عدة تتعلق بحال حضرموت في عصر ما قبل الإسلام وترجمت فيه لقبيلة حضرموت وكنده من أنسابهم ومنازلهم في حضرموت ومن ينتسب إليهم وعلاقتهم بغيرهم من القبائل اليمنية الأخرى ثم مهدت للقسم الثاني من البحث بوضع حضرموت من الناحية الاعتقادية ثم طرق تلقيهم الدعوة إلى الإسلام وإسلامهم وقدمت نبذاً مختصرةً عن الصحابة ومن هو الصحابي ؟ وبمَ يعرف ؟ ثم طبقات الصحابة . أما القسم الثاني فتضمن تراجم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – من قبيلة حضرموت ثم من كنده . وتتبعت في ذلك كتب الأقدمين في ترتيبهم قد الإمكان وميزت بين من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم – وثبتت بذلك صحبته ومن أدركه ومن هو في عداد المخضرمين ومن هو مختلف في صحبته ومن عد في الصحابة وهو من كبار التابعين وختمت ذلك القسم وهو الأساسي في البحث بإبراز أشهر الصحابة منهم ومناقب أهل اليمن وحضرموت 0
وفي القسم الثالث والأخير .. تحدثت بشيء من الاختصار عن حضرموت في الخلافة الراشدة وذكرت أبرز الأحداث والوقائع التي كان لأهل اليمن دور فيها بصفة عامة ولأهل حضرموت بصفة خاصة من ذلك الردة و الفتوحات الإسلامية ودور القبائل اليمنية فيها، إذ أن التاريخ الإسلامي يتحدث عن جهودهم العظيمة في الفتوحات الإسلامية خاصة في فتح الشام والعراق ، وتوجد الكثير من الفروع والبطون القبلية اليمنية في الأراضي والأقطار المفتوحة وشاهد على ذلك ما ذكرته عنهم في هذه البلدان المفتوحة و ما كان للبعض منهم من دور في الفتن التي ماجت منذ مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه – وما جرى بعد ذلك والتزمت بمنهج أهل السنة والجماعة في هذا الباب ، وختمت هذا البحث بمختصرات تاريخية جعلتها من باب العبرة وأخذ الدروس مما حدث لأسلافنا من محن وفتن مرت بهم بدءً من فتنة الخروج على الخلافة الأموية وما حدث لأهل حضرموت من نكبات متتابعة أدت في نهاية المطاف إلى تشرذم أهم وأكبر قبائل حضرموت ألا وهي كنده ومن قبلها حضرموت التي تضم غالبية أهل حضرموت  الأمر الذي ساعد القبائل الناقلة الأخرى إلى حضرموت في القرون الهجرية المتأخرة من السيطرة وبسط نفوذها ومذاهبها وكان من نتيجة تلك الحوادث كما يذكر ذلك كثير من المؤرخين ضياع كثير من مصادر التاريخ والجهل بكثير من الحقائق عن تاريخ حضرموت نتيجة لما شهدته حضرموت من أحداث وفتن ذهب فيها كثير من العلماء وأهل الفضل في هذه البلاد .
إن الغاية من هذا البحث ليس التفاخر بالأنساب والأحساب كما يظن البعض وإبراز قبائل دون غيرها من قبائل اليمن أو الدعوة إلى العصبية ، الجاهلية المذمومة فالله يقول ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) < الحجرات : 13 > ولو تأمل الإنسان ذلك لوجد أن مقياس المفاضلة  هو تقوى الله فالحسب لا أثر له في كرم الإنسان وشرفه عند الله وبما أن الإنساب من أبرز مظاهر الفخر عند الناس جاءت الآية لتربط الناس بنسب واحد وتلفت أنظارهم إلى أنه لا عبرة بالنسب في فخرهم عند الله لأنه ليس بسعي أحد ولا بقدرته  يُعطَى نسباً كما يريد ، فكيف يفتخر الإنسان بما لا دخل لكسبه فيه، ولا قدرة له ولا تصرف ولا سبب ؟ ... [3]فعن ابن عمر  رضي الله عنهما – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ( خطب الناس يوم فتح مكة فقال :" يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عُبية[4] الجاهلية وتعاظمها بآبآئها فالناس رجلان : بر وتقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله ، والناس بنو آدم وخلق آدم من تراب" قال : ثم تلا الرسول - صلى الله عليه وسلم – آية الحجرات [5](السابقة ..
 وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم - : ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة ، فمات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عَمية يغضبُ لعصبية أو يدعوا إلى  عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلته جاهلية ، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه) [6].
وفي هذا الحديث كما ترى ذم لكل ما هو جاهلي  وكذلك ذم الفخر بالأحساب ، والعدوان على الآخرين بسبب هذه الدعوى ، وإننا نبرأ إلى الله من أن يكون عملنا انتقاصاً للآخرين من القبائل الأخرى ، وإن خصصنا البحث لقبيلة حضرموت وكنده فهذا من باب الدعوة إلى الله إن شاء الله تعالى بإذكاء الروح الإيمانية لخدمة الإسلام على ضوء الكتاب والسنة بالجهاد في سبيل الله ، والنظر إلى ما كان عليه الأجداد من سلف هذه الأمة الذين رأيناهم تنافسوا في إعلاء كلمة الدين فوق العصبيات والحزبيات والطوائف ، وهم أجدادنا ونحن أحفادهم وهذا ليس عدوان على أحد ثم أنه يشد البناء الاجتماعي في مجتمعنا المسلم بماضي الصحابة رضوان الله عليهم ، ويبعث روح الأمل في العودة إلى حضيرة الإسلام المصفّى بعد ما أصابنا من انتكاس المفاهيم للقبيلة في صورها من الجهل والظلم والعدوان والبشاعة والتهافت على الدنيا وتسييس القبائل لصالح الحزبيات والطائفية .
وأتقدم بالشكر لله الذي من عليّ في إتمام هذه الرسالة ثم مـن ســاهم بمراجعــة
هذا البحث من مشائخ وطلبة علم ابدوا تعاونهم معي منذ البداية جزاهم الله خيراً وجعل ذلك في ميزان حسناتهم0 وكذلك أمناء مكتبات بعض  المساجد الذين أسهموا في مساعدتي في جزاهم الله خيراً .
وإنني أتوجه إلى كل من قرأ هذه الرسالة ولديه ملاحظات أو مقترحات بشأن تطويرها أو مدها بإضافات في إطار الموضوع فأرحب بذلك وجزاه الله خيراً.
وأسأل الله أن يتقبل مني هذا العمل لوجهه الكريم وأن يعفوا عني ويصلح حال أمة الإسلام أنه سميع مجيب .
ومن ساهم بجهوده الخاصة ودعمه في طباعة هذه الرسالة ونشرها نسأل الله أن يتقبل منه ويجعل ذلك في ميزان حسناته.
حسين بن صالح بن عيسى بن عمر بن سلمان .
حضرموت – الجمهورية اليمنية 0
إنتهيت في تاريخ يوم الجمعة التاسع عشر من صفر عام 1424هـ
الموافق للحادي عشر من إبريل 2003   م



[1]  قلت : والحديث ضعيف برقم (1160 ) ضعفه الشيخ الألباني وفي الضعيفة برقم ( 2901 )      
[2] انظر تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للإمام الحافظ أبي نالعلاء محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري ص ( 1239 ) دار الكتب العلمية – بيروت لبنان .
[3] انظر التفسير الكبير للرازي 139 ج 28 وروح المعاني للألوسي 164 ج 26 ط 2 إحياء التراث العربي بيروت
[4] الكبر انظر النهاية لابن الأثير 169 ج 3 .
[5] قلت : رواه الترمذي وقال حديث غريب والحديث صحيح يصححه الشيخ الألباني 7867 .

[6] في مسلم رقم ( 53 ، 54 ) .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق