الأحد، 18 ديسمبر 2011

كانت الغرفة ؛ وكان الحول أقدم!

كانت الغرفة ؛ وكان الحول أقدم!
مدينة الغرفة بوادي حضرموت أو وادي بن راشد موقعها غرب مدينة سيئون ب9 كيلو متر ،لعلني لا أبالغ أن قلت أنّ أسمها الحالي قد أشتقه الشيخ عبدا لله بن محمد بن عبد لرحمن عباد (باعباد ) المشهور بالقديم المتوفى سنة 687 هجرية الذي قيل انه هو أول من بنا غرفة بسفح الجبل في مكان بسفح المدينة الحالي وجعلها له موطناً بعد أن قدم من مكان ما ليستقر هناك مثل الزاوية أو الصومعة التي يبنيها في بداية أمرهم كثير من مشاهير متصوفة المسلمين ، وحفر عندها بئراً سماها (غرفية) كان هذا في أوائل القرن السابع الهجري تقريبا أو بعده حين كانت حضرموت في تلك الفترة تحت حكم سلاطين آل راشد بن عبد الله الحضرمي القحطاني الذين كانوا يحكمون حضرموت من مدينة تريم، ولعله قدأراد بهذا تشبيهاً باسم جنة الله تعالى الله دار النعيم المقيم التي من أسمائها غرف وغرفًا كما في قوله تعالى لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)الزمر
وقوله تعالى أيضا: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)العنكبوت (58) لما رأى منظر هذه المنطقة مناسبة للسكن أو كان بإيعاز من بعض مشائخ آل كثير الذين كانوا يطمحون في قيام دولة لهم وربما كان المنظريأسر القلوب مما به من أشجار النخيل الباسقة ونباتات الحبوب المختلفة وأشجار السدر والخضرة والمياه وغيرها من المناظر التي كانت تحيط بهذا المكان وعلى جوانب خلع السلطان راشد بن عبد الله الحضرمي المشهور والسرير أو السليل الممتد من شمال مدينة شبام حتى بور والغرف شرقاً، وما الحول أو الجول الذي تقع فيها الآن القرى والحصون -الكثيرية أو الشنفرية التي ابتنت بعد قيام سلطنة آل كثير- من شرق تريس حتى بابكر غربا ،ثم شمال السرير أو السليل المنطقة المعروفة والمشهورة في تاريخ حضرموت (أنف خطم) أوالمحترقة كما ذكرها ابن عبيد الله السقاف وغيره في إدام القوت قال هي واقعة في شرقي القروقر إلى شماله، وهي المسماة في سابق الزمان(أنف خطم) وقد صدر الحكم من رسول الله صلى إليه وآله وسلم بين المتنازعين ) و يعني بذلك كما في صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد من حديث قال: حدثنا عَدِيّ بن عدي، أخبرني رجاء بن حَيْوة والعُرْس بن عَمِيرة ، عن أبيه عَدِي -هَو ابن عميرة الكندي-قال: خاصم رجل من كِنْدةَ يقال له: امرؤ القيس بن عابس رَجلا من حَضْرمَوْت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض، فقضى على الحضرمي بالبينة، فلم يكن له بينة، فقضى على امرئ القيس باليمين. فقال الحضرمي: إن أمكنته من اليمين يا رسول الله ذهبتْ ورب الكعبة أرضى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ لِيقتطِعَ بِهَا مَال أحَد لَقِيَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" الحديث وقيل انه المحترقة وقيل بل في ذي أصبح والله أعلم0
كانت هذه المنطقة حصريا اشهر منطقة صراع سياسي وقبلي في وادي حضرموت منذ القرن السابع الهجري تقريبا وليست المره الوحيده التي تتعرض لقطع نخيلها وتخريب آبارها ومساكنها من قبل القبائل المغيرة او الغازية او المنتقمة في مابعضها البعض حتى ذكر شنبل في تاريخه قال :
(و سنة 601هـ اقتسمت نهد السرير (السليل) فأخذ بنو معروف ومرة شبام والحول (الغرفة) وتريس، واختص بنو سعد وظبيان بحبوظة وسيؤن، وانفرد بنو ظنة ببور ومسيب ومريمه.) فعرف من هذا أهمية المنطقة من الناحية الزراعية والإستراتجية 0

ولم تكن (الغرفة )تعرف بهذا الاسم قبل القرن الثامن الهجري وإنما تعرف بالحول أو( الجول ) وكذا المناطق المجاورة لها بسفح الجبل وأدناه كما في بعض الكتابات ولعل الصحيح الحول كما ثبت في تاريخ (شنبل باعلوي )وغيره من مؤلفي التاريخ الحضرمي وكتابه و صاحب العدة أبن حميد سالم الكندي المؤرخ المشهور و صاحب الشامل علوي بن طاهر الحداد ونقل عنهم القاضي بن عبيد الله في أدام القوت عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف قال وكان آل الجرو أمراء على (الحول) ولهم خيل وحول وقوة وشوكة000 وآل الجرو وآل باحلوان إخوة من أم وأب، ونسبهم في كندة، ولا يزال منهم جماعة منهم صديقنا الشيخ علي بن عمر الجرو، وكان تاجراً، ولكن علية آثار الشهامة والشجاعة، يظهر سر انتسابه إلى الملوك، حتى في صوته الأجش، وكلامه الجزل000 ) لهذا وغيره فلا نجد للغرفة أسم يذكر في صفحات تاريخ القرون الماضية قبل الثامن الهجري كغيرها من الأسماء للقرى والأماكن الأخرى في الوادي فقد استحدثه الشيخ الشيخ ا عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن باعباد0
ومن الغرفة أسس آل باعباد جاههم الروحي والمعنوي الذي نافس غيرهم من سكان الحول الأصليين مثل آل باجمال الكنديون بل و كان أبلغ من جاه العلويين في تلك الفترة من تاريخ حضرموت لهذا قال الطيب بامخرمة الحضرمي السيباني قال 000الغرفة قرية معروفة بأعلى حضرموت، ذات نخيل ومزارع بها فقراء صالحون، يعرفون بآل باعباد، ومن مشايخهم الكبار ومشاهيرهم الشيخ الكبير العراف بالله عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن باعباد، وهو أول من اشتهر بالتصوف بحضرموت، له ذرية وفقراء أخيار وصالحون، دفن بشبام، وتربته من الترب المشهورة، المقصودة بالزيارة، من الأماكن الشاسعة ومنصبهم من أعلى مناصب حضرموت، انتهى) وقال السقاف بن عبيد الله في أدام القوت :
(000 ثم زاد الشيخ محمد بن عمر بن عبدالرحمن سنة 701 في بناء تلك الغرفة حتى صارت داراً، ثم انتقل إليها ولده الشيخ عبدالله بن محمد بن عمر بن شبام بعائلته وتلاميذه، وابتنوا بها جامعاً، وكان لآل باعباد منصب عظيم000 )
ولأهمية آل باعباد ودعوتهم بين الحضارمة فقد أعتمد آل كثير عند بداية مشروعهم في بناء سلطة لهم بحضرموت على دعم ودعاية آل باعباد قبل العلويين بل وساعدوهم بالقدوم من شرق حضرموت إلى منطقة الحول والسرير ،قال ابن هاشم في تاريخ الدولة الكثيرية قال مربي السالكين وبهجة المريدين الشيخ العلامة علي بن عمر باعباد رحمه الله ونفعنا به نحن وآل كثير شيء واحد كالكفين من الساعد وكتفاحتين من شجرة.)
لهذا حضوا بمكانة وسكنى وقربى فيما بعد لحصونهم حول الغرفة شرقها وغربها0
وقد ذهب إلى هذا بن هاشم في المصدر السابق ص30 قال (وعليه فقد اختار الشيخ الكبير محمد بن عمر باعباد أن يؤسس له داراً بالسفح من الحول ليسكنها فأسسها وسماها الغرفة وهي أول دار بنيت بذلك الموضع وذلك سنة 701هـ ثم بنا الناس بعد ذلك فكان استهلال القرن الثامن بتأسيس قرية على تقوى في كبد السرير له أثره الفعال في النفس الكثيرية التي لا يفوتها استغلال مثل هذه المواقف المساعدة على نجاح مشروعها وانتشار نفوذها وأصبح الشيخ محمد وكذا ولده الإمام الشيخ عبدالله الملقب بالقديم في مقدمة الذين لا يقصرون في نصرة آل كثير وتنشيطهم وترويج مشروعهم بين الدهماء علاوة على ما يقوم به العلويون من الجهة الأخرى من حسن الدعاية وتمهيد السبيل.)
أما آل باجمال وآل الجرو وغيرهم مثل آل بن جميل وآل بن ثعلب وآل بن سعد وغيرهم فقد ضعفت شوكتهم وتفرقوا وخرج البعض منهم إلى مناطق أخرى خاصة آل الجرو الذين كانوا في صراع مع آل بن وبر الهمدانيين كما ذكر أهل التاريخ منهم بن عبيد الله قال السقاف : (وفيها كان غدر آل وبر بولاة (الحول) آل الجرو، واستأصلوهم قتلاً في سنة 604، وما أفلت منهم إلا عشرة، وآل وبر من همدان، كانت مساكنهم بالجوف خلف صنعاء، فنجع هؤلاء إلى حضرموت )
وبهذا عُلم من المصادر التاريخية والمراجع والأخبار المتواترة أن الحول أقدم من الغرفة والله الموفق0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق