الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

في تحدي سافر أمام الخالة !

في تحدي سافر أمام الخالة !




لسنوات خلون من جيل الستينات وما بعدها من القرن الماضي حين كان الرجل المدخن في حضرموت في ذلك الزمان يحظى بإهتمام المجتمع المحلي ورعايته ولا يوجد في قاموسه مايعيب التدخين بل ويعد المدخن فارس الأحلام لكثير من شابات ذلك الزمان لعلها تراه بالغاً متطوراً،وكما أن النظرة اليه في الميط الأسري خاصة في الأرياف بأنه مدني متحضر إذا ماقورن بغيره من غير المدخنين 0
وللسجائر أبو بكت أبو جنيه مرتبة أفضل وأرقى من المدخن للتبغ الروكو "اللفه "بورق الشام الذي يدخنه عامة الشغيلة في الأعمال الشاقة في المجتمع لرخص علبتة ، وتأتي الرشبة وروادها في مرتبة أرقى بدرجة من "المرمدة "المضغة التي أشتهر بها أهل البوادي والوديان وهي مزيج من الرماد الأبيض والتبغ المسحوق 0
وروى لي أحد الأخوة أن رجلين كانا متزوجين وكلاهما يدخنان الرشبة حضرا في ثانية العيد لشاهي الخالة وجلسا امامها بكل زينتهما المعتادة في مثل هذه المناسبة فأخرج الأول كيس التمباك ليعمر البوري وبعد أن أنتهى من تعمير البوري قام في تحدي ليظهر قوة رجولته أمام عديله وخالته التي ترقب الموقف وأخذ جمرات من المجمر أو "الشقف " بأصبعيه دون حاجة للملقط أو" الكلبة " كمايقال لها ، وفي نشوة لاتوصف وسحائب الدخات تغطي وجه الخالة المنتشية في كامل هيئتها الرسمية كان عديله يفكر كيف يستطيع أن يسجل موقفاً ابهر وأروع من ما صنعه صاحبه أمام خالته فأنتظر بفارغ الصبر أن يصل الدور له في تعمير الرشبة وحينها قام صاحبنا هذا بأخذ الجمرات التي كانت تتوقد بأصبعيه الإبهام والسبابة ووضعها فوق فخذه وأخذ يفحس التمباك بروية براحتيه وتمهل وما أن فرغ من ذلك قام بوضعها على البوري فسجل بذلك سبقاً لم يبلغه عديله في قوة صبره وجلده و إحتماله وأجبر خالته أن تتمتم بعبارات معلقة ومبدية إعجابها به من جهة وشفقتها المقرونة بالإقتدار لزوج أبنتها في هذا الموقف العجيب من جهة ثانية 0
وهكذا كانت هذه المواقف أو غيرها التي كانت تعبر عن نوع من الأنماط الثقافية السائدة في تلك الأيام في مجتمعنا الحضرمي لم تكن سوى نتائج التربية حين كان المجتمع يكرم المدخنين ويرى فيهم القدوة الحسنة و يبدي إعجابه وحتى إستحسانه من سلوكهم ، وقد ترى المدخن يقدم علبة السيجارة لزمليه أو ضيفه بحسن نية كأنه يهديه وردة ليشمها غير مكترثا بعواقب التدخين الصحية أو حرمته الشرعية رحم الله من مات بمرض من أمراض التدخين وعافى الله مرضى المسلمين فلا تصل قمة نشوة الرجل إلا حين يسعل من حرقة الدخان 0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق