الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

الكذب آفة اللسان

الكذب آفة اللسان
بسم الله الرحمن الرحيم
ماهو الكذب ؟
الكذب هو ما خالف الواقع
والله عز وجل يقول " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون "
الكذب من النفاق
والكذب من خصال المنافقين كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان "
الكذب طريق للفجور
والكذب يوصل صاحبه إلى الفجور كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا "
فالذي يكون خلقه الكذب ويعتاد الكذب حتى يصير من طبائعه يكتب عند الله كذابا وفي زمرة الكذابين وإن الإنسان لا يرضى أن يقال له بين الناس كذابا أفلا يأبى أن يكتب عند الله كذابا وربه هو الذي خلقه ورزقه نسأل الله السلامة.
والذي يكذب لا يصدقه الناس فحديثه منبوذ وهو مبغوض عند الناس
وصدق الشاعر إذ يقول:
ما أقبح الكذب المذموم صاحبه .... وأحسن الصدق عند الله والناس

الكذب من كبائر الذنوب
في البخاري من حديث سمرة بن جندب قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه " هل رأى احد منكم رؤيا " قال فيقص عليه ما شاء الله أن يقص وإنه قال لنا ذات غداة" إنه آتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق وإني انطلقت معهما " الحديث وفيه " أما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر –يقطع - شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينيه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق"
فيجب علينا أن نصدق مع الله ومع الناس، فتحري الصدق المرة تلوى المرة ثم بعد ذلك يصير الصدق خلقا لنا، كما في حديث ابن مسعود المتقدم .
والصادق يثق به الناس في كلامه وفي معاملاته ويرفع صاحبه عند الخالق وعند الناس، والله عز وجل بقول "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "
الصدق حلو وهو المر........والصدق لايتركه الحر
جوهرة الصدق لها زينة....يحسدها الياقوت والدر اهـ ملخصا.
جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي رحمه الله:
أَنْشَدَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ :
اُصْدُقْ حَدِيثَكَ إنَّ فِي.... الصِّدْقِ الْخَلَاصَ مِنْ الدَّنَسْ
وَدَعْ الْكَذُوبَ لِشَأنِهِ .......خَيْرٌ مِنْ الْكَذِبِ الْخَرَسْ
وَقَالَ آخَرُ :
مَا أَقْبَحَ الْكَذِبَ الْمَذْمُومَ صَاحِبُهُ..... وَأَحْسَنَ الصِّدْقَ عِنْدَ اللَّهِ وَالنَّاسِ
وَقَالَ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ :
الصِّدْقُ أَوْلَى مَا بِهِ.... دَانَ امْرُؤٌ فَاجْعَلْهُ دِينَا
وَدَعْ النِّفَاقَ فَمَا رَأَيْتُ....... مُنَافِقًا إلَّا مَهِينَا
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : لَا تَسْتَقِيمُ أَمَانَةُ رَجُلٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ لِسَانُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ .
، قَالُوا، أي الحكماء: وَالصِّدْقُ عِزٌّ وَالْكَذِبُ خُضُوعٌ " اهـ ملخصا
انظر إلى قول الحكماء كيف جعلوا الصدق عز لايخاف صاحبه أينما حل وارتحل، والكذب خضوع وذل يحمل صاحبه على تقمص شخصيات أخرى لكي لايعرف، وليدافع عن نفسه الأرضية البهيمية بحرية من وراء جدر، وهذه هي بعينها صفات المنافقين، فاحذر أن تكون من المنافقين وأنت لاتعلم، فخيار الصحابة خافوا ذلك على أنفسهم.
خطورة الكذب:
قال الامام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه القيم الفوائد" :

" إيّاك والكذب فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس، فإن الكذب يصور المعدوم موجودا، والموجود معدوما،والحق باطلا،والباطل حقا،والخير شرا، والشر خيرا، فيفسد عليه تصوره وعلمه عقوبة له، ثم يصور ذلك في نفس المخاطب المغتر به الراكن إليه فيفسد عليه تصوره وعلمه،ونفس الكاذب معرضة عن الحقيقة الموجودة نزاعة إلى العدم مؤثرة للباطل،وإذا فسدت عليه قوة تصوره وعلمه التي هي مبدأ كل فعل إرادي فسدت عليه تلك الأفعال وسرى حكم الكذب إليها فصار صدورها كصدور الكذب عن اللسان فلا ينتفع بلسانه ولا بأعماله، ولهذا كان الكذب أساس الفجور كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن الكذب يهدي إلى الفجور،وإن الفجور يهدي إلى النار"(متفق عليه). وأول ما يسري من الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده، ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله، فيعم الكذب أقواله وأعماله وأحواله فيستحكم عليه الفساد ويترامى داؤه إلى الهلكة، إن لم يتداركه الله بدواء الصدق يقلع تلك المادة من أصلها.
ولهذا كان أصل أعمال القلوب كلها الصدق، وأضدادها من الرياء والعجب والكبر، والفخر والخيلاء والبطر والأشر والعجز والكسل والجبن والمهانة، وغيرها أصلها الكذب، فكل عمل صالح ظاهر أو باطن فمنشؤه الصدق، وكل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب، والله تعالى يعاقب الكذاب بأن يقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه، ويثيب الصادق بأن يوفقه بالقيام بمصالح دنياه وآخرته،فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق ولا مفاسدهما ومضارهما بمثل الكذب." اهـ
قال العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" و إن الكاذب لمحذور في حياته لا يوثق به في خبر و لا معاملة، و إنه لموضع الثناء القبيح بعد وفاته، و لقد قرن الله تعالى الكذب بعبادة الأوثان، فقال تعالى : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ) [الحج : 30] . " ا.هـ من (الضياء اللامع من الخطب الجوامع).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق